عاد وزير خارجية أمريكا للمرة السادسة الى الشرق الأوسط والسابعة للكيان منذ 7 أكتوبر 2023، يحاول بها أن "يتماثل" مع الطريقة الكيسنجرية، التي كرست "نموذجا خاصا" في العمل السياسي الديبلوماسي، دون "الذكاء الخاص".
منذ انطلاق رحلاته المكوكية، وضع الوزير الأمريكي مصلحة أمن إسرائيل العليا، الثابت المركزي لرؤياه السياسية، لم يخفها أبدا، خاصة بعدما أعلن بوضوح في اليوم التالي لـ 7 أكتوبر 2023 بأنه وصل تل أبيب بصفته اليهودية قبل أن يكون وزيرا لخارجية أمريكا، وشارك في صياغة المخطط الإسرائيلي لبدء الحرب العدوانية الشاملة على قطاع غزة، بحضوره "الوزاري المصغر".
في المحطة السادسة، أعلن الوزير اليهودي الأمريكي خلال مقابلة تلفزيونية من العربية السعودية، وقبل لقاء "السداسي العربي" في القاهرة 21 مارس 2024، بأن واشنطن ستقدم مشروعا لوقف إطلاق النار الى مجلس الأمن، يشترط فيما يشترط إطلاق سراح "الرهائن"، فيما كشفت أوساطا إعلامية بأن المشروع سيتطرق لتقرير مبعوثة أممية حول ما عرف بـ "قضايا الاغتصاب والإيذاء الجنسي"، متجاهلا بشكل كامل "الإبادة الجماعية" التي تعرض لها أهل قطاع غزة.
حديث بلينكن حول وجود مشروع لوقف إطلاق النار ينتظر موافقة حماس عليه، بالتوازي مع الإشارة لمشروع القرار في مجلس الأمن، يأتي كخدمة سياسية كاملة الأركان لموقف دولة الفاشية اليهودية، وتعزيزا لما تدعيه حكومتها بعد لقاء الدوحة، واتهام حركة حماس بأنها "المعرقل" للاتفاق، بوضعها مطالب بعيدة المنال.
تصريحات الوزير اليهودي الأمريكي تمثل انحرافا كاملا عن مسار الحقيقة السياسية لمجريات ما بعد لقاء باريس، بل أن حماس متهمة بأنها "تنازلت" عن بعض مطالبها، خاصة ما يتعلق بالوجود الاحتلالي وتقسيم قطاع غزة شمالا وجنوبا، وعدم عودة المشردين النازحين وغياب آلية واضحة للمساعدات، بل أنها واصلت "التفاوض" بعد ارتكاب حكومة الثلاثي "نتنياهو- بن غفير - سموتريتش" مجازر واقتحام مجمع الشفاء واغتيال بعض من مسؤولي الشرطة المشاركين في عملية "تأمين" التوزيع، كان لها أن تدفع بوقف أي عملية تفاوض، لكنها واصلتها لأسباب متعددة.
إعلان الوزير اليهودي الأمريكي، بأن هناك "اتفاق جاهز" لوقف إطلاق النار ينتظر موافقة حماس، ليس المرة الأولى الذي يخرج من الإدارة الأمريكية، لكن الجديد ربطه بوجود مشروع سيقدم إلى مجلس الأمن، كسلاح تهديدي مضاف لما هناك من "أسلحة الضغط العسكري"، ما يشير إلى أن الدور الأمريكي يرتكز أساسا على صياغة "المشروع الاحتلالي" في قطاع غزة بمسميات تختلف عما تشير إليه حكومة الفاشية اليهودية.
أن يتجاهل الوزير اليهودي الأمريكي كل ما قاله نتنياهو، وما تمارسه حكومته من جرائم حرب وإبادة جماعية، أثارت غضب الغالبية المطلقة من دول العالم، ويحاول وضع الاتهام على حركة حماس بأنها المعرقل، تزوير علني للحقيقة السياسية، ومحاولة قاصرة لتبرئة الدولة الاحتلالية، ويمثل "دعما" عمليا لاستمرار "الإبادة الجماعية" تحت "ذريعة اتهامية" تم صناعتها، وخاصة وأنه غض الطرف كليا عن "إعلان نتنياهو" باقتحام رفح للقضاء على حماس.
تصريحات الوزير اليهودي الأمريكي بلينكن، وسيلة ضغط جديدة ليس لوقف إطلاق نار وتبادل رهائن، بل جوهرها الحقيقي، "الخلاص من حماس" بالاستسلام السياسي على طريق ترسيخ إعادة احتلال قطاع غزة وترتيبات اليوم التالي كما يريد نتنياهو. ورفض الحركة ذلك يضعها في مواجهة "الكل العربي"، وقبلها أهل قطاع غزة الباحثين عن "طاقة" ما للتنفس الصناعي المؤقت.
و"السلاح الترهيبي" الأخطر الذي استخدمه الوزير اليهودي الأمريكي بلينكن لفرض الاستسلام السياسي على حماس، الإشارة الى مشروع مجلس الأمن بما يتضمنه من "إدانة" للحركة مستغلا تقرير أممي حول الادعاء الاغتصابي.
بعدما افتتح بلينكن سباق الـ 100 م الأخيرة من الحرب العدوانية بمناورته الأخيرة، يفرض على حماس سرعة الحراك لكيفية مواجهة المخطط الاستسلامي الأمريكي الجديد، بمسميات مختلفة، وطريقها لذلك يجب أن يكون بـ "إعلان جديد" حول قضية الرهائن والتفاوض القادم بآلية جديدة.
ملاحظة: مذكرة الـ 19 نائب من الشيوخ الأمريكاني لصالح دعم دولة فلسطينية خطوة مهمة جدا..لكنها ستبقى عرجاء مع سياسة الدعم الأعمى لحرب "الإبادة" يقودها بلينكن وطاقم البيت الأبيض مع وجود بايدن خارج التغطية.. لهيك مش حتصل رسالة الغضب النيابي..ما لم يغضب العرب على الفاشيين مش على الفلسطينيين.
تنويه خاص: مهما قست حياة الإنسان الفلسطيني وأصابها عطب لا سابق له بيد عدو الحياة لن يغيب عنه يوم الأم وربيعها.. فسلاما للأم في يوم نبض الحياة..سلاما لك يا أمي صفية..فروحك دوما حاضرة لا تغيب ما بقيت روح الحياة حاضرة.