حكومة مجهولة "النسب الوطني"..تحتاج ثقة شعب فلسطين قبل غيره!

1707376463-9671-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 ربما من المفارقات الأولى بتكليف د.محمد مصطفى تشكيل حكومة "فلسطينية" جديدة، أن توقيتها توافق وتكليف الرئيس محمود عباس كأول رئيس وزراء في عهد مارس 2003، بعدما طلب تعديل النظام الأساسي للسلطة الوطنية، توافقا مع طلب الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن يونيو 2002، ويبدو أن إعلان التشكيل الحكومي الجديد سيكون توافقا وذات شهر مارس 2024.

والتماثل في تشكيل الحكومة الجديدة ليس مرتبطا بالتاريخ الزمني فحسب، بل يتماثل الى حد كبير مع "الشرطية" التي وضعها بوش الابن خلال حصار الخالد المؤسس ياسر عرفات، وتحت شعار "الوهم السياسي" المعروف بـ "حل الدولتين"، ورغم تلبية الطلب الأمريكي بالخلاص من المؤسس جسدا ودورا، لكن "الارتباطية" لم تجد لها طريقا، بل حدث كل ما هو نقيضها، تهويدا وتدميرا وانفصالا وتقسيما.

التذكير بالتماثل هنا، وبالنتيجة الكارثية لما حدث نتيجتها، كون الحكومة التي جاءت ليست وفق "شرطية وطنية فلسطينية" بالمطلق، وكل من يدعي غير ذلك كاذب سياسي، فهي فرض أمريكي أوروبي، وربما بعض عربي، ومن الباطن دولة الاحتلال، وشعارهم محدد بلا أي التباس، بأن تكون حكومة ذات مواصفات خاصة، وخالية من أي "سوابق سياسية" أفرادا وتكوينا.

ويبدو إن الالتزام بـ "الشرطية الخارجية" كان أعلى من كل التوقعات، وبامتياز نادر، بعدما عرضت أسماء المرشحين، بدأ السؤال الوطني العام، من هي تلك ومن هو ذاك، وهل هم من البلد أم خارج البلد، وكيف تمكنوا من الحصول عليهم، أسئلة تركزت على الشكل الإسمي وعلى الجانب السياسي.

وجاء إعلان تشكيل الحكومة عبر خبر صحفي في الوكالة الرسمية للسلطة الفلسطينية "غريبا"، وحمل مجموعة من رسائل "التشويش السياسي" التي تستوجب التدقيق واليقظة المبكرة قبل فوات الآوان:

  • ارتبطت عملية تقديم التشكيل الجديد جدا، بين الرئيس عباس ورئيس الوزراء المكلف، بعيدا عن أي إطار أو هيئة فلسطينية رسمية، ومنها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
  • إعلان برنامج الحكومة في ذات يوم اللقاء وبشكل غير معهود مطلقا، في رسالة صريحة لمن طالبها، وبالأصل أن يتم تقديم برنامج الحكومة لهيئة وطنية وليس كخبر إعلامي.
  • الشكل هنا يضع المقدمة بأن المرجعية القادمة للحكومة "الجديدة" ليست منظمة التحرير لا أطرا ولا مؤسسات، خاصة ولا برلمان، ما يضع المسار القادم لها بين مجموعة من "الرغبات التوافقية" لمن طالب بها.
  • أن تكون حكومة "خالية من الفصائلية" ليست جريمة وطنية، لكن أن تكون حكومة بلا مرجعية وطنية ولا جهة محاسبة سوى "الرئيس"، فتلك هي "الجريمة الوطنية"،  لتبدأ رحلة المرحلة الثانية من الحرب العدوانية التي بدأت يوم 7 أكتوبر 2023 على المشروع الوطني العام، رغم رصاصته التي بدأت على قطاع غزة.

بعيدا عن "النوايا الطيبة"، فالقضايا المصيرية الكبرى لا تخضع لهذا المنطق العاطفي، بل ترتبط بوقائع ومؤشرات، والبدايات كلها تقود الى أن الانطلاقة تفتح باب جنهم السياسي بمرحلة جديدة على المشروع الوطني.

واستدراكا لو كانت المؤشرات التي حدثت جاءت بـ "حسن نوايا"، وتحت ضغط السرعة والتسرع المفروض لمواجهة ما سيكون بمسمى "اليوم التالي" لحرب غزة، فعلى الحكومة "الجديدة" القيام بخطوات الضرورة الوطنية:

- تعيد تعريف ذاتها للشعب الفلسطيني، وتتقدم له لنيل ثقته أولا، بأنها "حكومة من البلد" وليس "هجين مصنع" لغاية الخلاص من التمثيل الوطني.

- اشتراطية نيل الثقة من مؤسسة رسمية فلسطينية، وراهنا ليكن المجلس المركزي لمنظمة التحرير بصفته "البرلمان المصغر".

- أن تحدد آلية خاصة لقطاع غزة وليس خلطا في برنامج عام، ورؤيتها لإعادة الإعمار، بكل مكوناته.

- أن تلغي كل إجراء غير شرعي قامت به حكومات الرئيس محمود عباس منذ 2007 الخارجة عن القانون، ضد الموظفين بكل أشكالها.

-تحديد موقفها من "آليات العمل" مع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.

- تقديم رئيس الحكومة المكلف استقالته من كل المناصب الأخرى، وفي المقدمة منها صندوق الاستثمار ومؤسسة محمود عباس "الخيرية"، ومعها كشف حساب مالي لجهة رسمية فلسطينية تابعة لمنظمة التحرير.

- وينطبق ذلك على كل مكونات الحكومة الجديدة، استقالة او تجميد عملهم في "المصالح والمؤسسات" الخاصة بهم ولهم.

- تقديم كشف مالي شامل لذات الجهة.

- نشر الاستقالات جميعها بشكل رسمي وعلني.

بعض من خطوات "الضرورة السياسية" التي يجب أن تعلنها الحكومة الجديدة، خاصة أنها "خالية من الدسم الوطني"، لو حقا أنها جاءت "حكومة لفلسطين وليس حكومة لغير فلسطين".

ملاحظة: في يوم الأرض..ذات الأرض ترتعش تحت حرب التدمير والتخريب والتهويد..يوم ينادي ما نادي المنادي الفلسطيني منذ الأزل.. وأعاده شاعر الأرض توفيق زياد نبتا لغويا.." أنا ما هنت في وطني ولا صغرت أكتافي..وقفت بوجه ظلامي..يتيما، عاريا، حافي..حملت دمي على كفي.. وما نكست أعلامي.. أناديكم ..اشد على أيادكم" ..لن تخذل الأرض ولن ينكسر الشعب أيها الخلود.

تنويه خاص: غريبة أنه فتح اللي مصدعة الدنيا بالحرص على الممثل الشرعي والوحيد تحضر لمصر وحدها بزيارة المشردين والمصابين من أهل قطاع غزة للشقيقة مصر (مش مهم ما قدرت تصل رفح) ..ما فكرت انه يكون في وفد وطني عام..سلوك الخوف السياسي بيولد عصوبية مش وطنية للعلم!