الحقيقة الأمريكية المطلقة في العداء للكيانية الاستقلالية الفلسطينية!

1707376463-9671-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 سريعا أطلقت الولايات المتحدة صواريخ التهديد ضد التحرك العربي في مجلس الأمن، نحو قبول فلسطين دولة كاملة العضوية، بعد مرور 12 عاما على قرار 19/ 67 لعام 2012 على قبولها مراقبا برقم 194، وهو ما لم يحدث تأخيرا وحقا مع أي من الأعضاء منذ تأسيس المنظمة الأممية.

التهديد الأمريكي انطلق مباشرة بعد جلسة نقاش مجلس الأمن الخاصة بذلك، وحددت بأن قبول فلسطين عضوا كاملا يساوي قطع المال عن المنظمة الأممية، وعله السلاح الأكثر تأثيرا على مسار النقاش العالم، بعدما أثبت فعالياته في قضايا مماثلة، خاصة في غياب وجود "قوة ضغط مالية" تعيد التوازن المفقود في الفعالية العامة للمؤسسة، التي تبدو في محطات وخاصة فلسطينية بأنها فرع خاص تابع للخارجية الأمريكية.

تصريحات الناطق بلسان الخارجية الأمريكية كشفت عن وجود "وثيقة أمنية" وقعها الوزير بلينكن تقوم على شرطية قيام دولة فلسطين بـ "ضمانات أمنية" لإسرائيل، دون تحديدها، ومعتبرا ان ذلك سيكون فقط عبر "مفاوضات مباشرة" بين الطرفين.

جوهر التصريحات الأمريكية تختصر طريق التفكير والبحث السياسي، بأن أمريكا لن تسمح بتطوير وضع دولة فلسطين من مراقب الى كامل العضوية في الزمن المنظور، وفقط وفق مواصفات يهودية كاملة، ودولة الكيان هي دون غيرها صاحبة الحق في قبول ذلك من عدمه.

أمريكا، وبلا أي شكل من أشكال التضليل، وضعت الموقف بـ "شفافية مطلقة"، بأن التمثيل الفلسطيني ليست قضية خاصة بشعبها، وليست حقا سياسيا يرتبط بتطبيق ميثاق الأمم المتحدة، بل قضية ترتبط بموقف أمريكا وموقف دولة الفاشية اليهودية، وغير ذلك يصبح الأمر وقف أعمال المنظمة الدولية بكاملها.

موضوعيا، لا جديد في جوهر الموقف الأميركي ضد قيام دولة فلسطين، ولا جديد بأنها تبحث ذلك نتيجة "مفاوضات مباشرة"، لكن المستحدث أن يرتبط وجود دولة فلسطين بـ "ضمانات أمنية" لدولة الكيان التي تشن الحرب الأكثر عدوانية ضد فلسطين الشعب والهوية، وتمارس التهويد بسرعة قياسية لشطب "بقايا وطن".

أمريكا تحاول القيام بحملة تضليل وتزوير لمسار الصراع القائم وحرفه عن الحقائق التي لم تعد غامضة، خاصة وتعابير التعميم التي تستخدمها شرطية قبول دولة فلسطين تتعاكس والواقع القائم، وتعبير "الضمانات الأمنية" وفقا لنظرية نتنياهو التي أعلنها خلال الحرب العدوانية، تساوي نزع أي طابع "استقلالي" أو "سيادي" لدولة فلسطين، ومصادر معابرها الحدودية، مع انحصار مساحتها وضم القدس عاصمتها التاريخية.

أن تعيد أمريكا، ربط عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة، بضمانات أمنية لدولة الكيان تساوي تطوير حركة الاغتصاب التي بدأت عام 1948 في الضفة وقطاع غزة، وهي بذلك تعلن رسميا الغاء قرار المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية التي عرفت الحدود الجغرافية لدولة فلسطين، ضمن الأرض المحتلة عام 1967 دون أي مصادرة أو تهويد.

أمريكا، والتي تعيد ربط دولة فلسطين بالحديث عن "مفاوضات مباشرة"، تزيد من حركة التضليل السياسي، خاصة وهي تعلم يقينا أن حكومات دولة الكيان لم تعد تعترف مبدئيا وقانونيا بمنظمة التحرير وسحبت وثيقة "الاعتراف المتبادل" منذ إعادة استخدام التعابير التهويدية للضفة والقدس في الوثائق الرسمية، ووقف كل اتصالات رسمية مع رئيس السلطة والمنظمة، وما سمحت به فقط "قناة أمنية" لاعتبارات أمنية وليس سياسية.

الحديث عن ربط الدولة الفلسطينية كنتيجة للتفاوض تساوي مع دولة الفاشية اليهودية احتلال وضم وشطب، وتفتح الباب لمسار "حكم ذاتي قاصر" وغير متسق في بعض مناطق الضفة وغير مرتبط بقسمه الجنوبي في قطاع غزة، بعدما تقرر دولة العدو خروجا من أراضيه بعد حربها التدميرية الشاملة عليه، ومحاولة استخدام نتائجها لفرض نتائج سياسية أخرى، وكم هي مفارقة أن يحدث ذلك بعد مرور 181 يوما على حرب العدوان ذات رقم قرار تقسيم فلسطين 181، الذي تجاهلت واشنطن جوهرة الأساس.

الموقف الأمريكي من التحرك نحو قبول فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة تطويرا للقرار الأممي السابق منذ العام 2012، يمثل تحديا سياسيا واضحا للمجموعة العربية المكلفة بذلك بقيادة العربية السعودية، ما يفترض العمل السريع لقطع الطريق على المخطط التعطيلي بالذهاب الى الاستمرار بالخطوات تحت التصويت.

التراجع العربي عن الذهاب لعضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة ليس هزيمة سياسية للمنظومة الرسمية فحسب، بل هو اقرار بانتصار المشروع الفاشي اليهودي البديل، وإعلان رسمي بشطب "الاستقلالية الوطنية الفلسطينية".

الوقاحة السياسية الأمريكية المطلقة تفرض على منظمة التحرير أن تزيل الغبار عن مؤسساتها وتنتفض لفلسطين، بعيدا عن حسابات صغيرة لبعض من بها، فالمسألة باتت حياة القضية الوطنية أو دفنها الى حين بعيد.

ملاحظة: وقعت حركتي "حماس" والجهاد" في شرك فارسي طائفي بامتياز عبر مهرجان المناسبات الاستخدامية لفلسطين..المشاركة والكلمات خرجت عن الصواب لغاية أخرى..لا فلسطين ناقصة ولا قطاع غزة متحمل هيك بلاهات..بيكفكم برم ضار!

تنويه خاص: ملفت جدا، إن وكالة السلطة الرسمية بعد قدوم "حكومة الفنيين جدا"، تجاهلت كليا طلب قبول دولة فلسطين كاملة العضوية في الأمم المتحدة، ولا حتى بإشارة..وكأن المهمة بلشت بدري خالص بنقل الهدف من كتف الى كتف..حبة حبة أبو اصطيف!