لم يفهم مدير العالم، عجوز أمريكا الهرم جو بايدن، أي شيء على الاطلاق من "طوفان الأقصى" قبل حوالي سبعة أشهر، وظل يردد بشكل ببغائي ما يقوله نتنياهو (حماس داعش، اغتصبوا وحرقوا وجزوا رؤوس الأطفال، والاونروا إرهابية، وعدد القتلى من أطفال غزة ونسائها مبالغ فيه ، ومستشفى الشفاء مقر قيادة القسام ، ومستشفى المعمداني قصفته الجهاد ..الخ)، رغم تصريح امين عام الأمم المتحدة المبكر من ان طوفان الأقصى لم يأت من فراغ.
لم يفهم هذا الهرم وقوف 153 دولة تطالب بوقف اطلاق النار وظلت مندوبته في مجلس الامن ترفع كفها بالفيتو ملطخة بالدم بدون ادنى خجل او حد أدنى لاحترام 14 زميلا لها يخالفونها الاستمراء في هذا الاجرام. لم يفهم هذا المحتال، وفق منافسه ترامب، قرار محكمة العدل الدولية بإمكانية ارتكاب إسرائيل حرب إبادية، حتى جاءت محكمة الجنايات باحتمال توجيه مذكرات اعتقال لنتياهو وعصابته بتهم جرائم حرب. لم يفهم هذا الديكتاتور الديمقراطي رسائل المظاهرات الشعبية في شوارع أوروبا وامريكا بضرورة وقف هذا العدوان الابادي على شعب أعزل محاصر منذ عقدين من الزمن ، رفض ان يفهم أي شيء من هذا القبيل ، حتى انفجرت الجامعات قبل حوالي عشرة أيام عشية إعلانه عن مكافأة إسرائيل على جرائمها بست وعشرين مليار دولار . كأننا ونحن نقرأ كل ذلك ، بما فيه حرب التجويع القروسطية ، وقنص المغيثين المحليين والدوليين ، كأننا امام حالة غباء مطبق ومطلق .
انفجار الجامعات الذي ابتدأ من جامعة كولومبيا، وامتد ليطول نحو مئة جامعة، سيستمر وسيتصاعد وسيتفاعل حتى ليبدو انه طوفان آخر ، سيبدو معه طوفان الأقصى حدثا يسيرا كما لو انه فيضان نهر صغير او حتى غديرا او جدولا. هذه ثورة جامعات، الأعظم في العالم ، فيها مئات الاف الطلبة والمدرسين ، (يناهز عدد موظفي جامعة هارفارد عشرون ألفا). هؤلاء هم طلائع الناس وعقولهم وروادهم و مبدعيهم، ( هناك 30 جامعة أمريكية من بين افضل مئة جامعة في االعالم، وللأسف و لا جامعة عربية واحدة) لهم تأثيرهم المباشر في السياسة والاجتماع والاقتصاد والاختراع والفن والادب والفكر والرياضة، والاهم من كل ذلك الخلق الذي لا يتمتع به الهرم جو بايدن ولا منافسه دونالد ترامب ، ولا النظام السياسي الانتخابي الأمريكي برمته .
إن التكالب على هؤلاء الطلبة ، اناثا وذكورا، من الشرطة و البلدية والحرس الوطني وإدارة الجامعة ، وحملات الاعتداء عليهم والاعتقالات التي طالت حتى الان نحو ألف معتقل ، وخروج بايدن نفسه يكرر ما قاله نتنياهو عن حركاتهم الاحتجاجية من انها معادية للسامية ، ستضم اليها جامعات أخرى و معاهد و كليات ليس في أمريكا فحسب ، بل في العالم قاطبة، جامعات حقيقية غير مقتصرة على دين او لون او عرق ، استثنوا جامعات العرب ، فهي اقرب الى الجوامع والزوايا و التكايا ، قياداتها الطلابية تسبّح بحمد النظام و تتنفس من رئة السلطان .