بقلم: جدعون ليفي
أصبح معروفا ان آيزنكوت رئيس أركان جيد. وهذا الاسبوع صادف مرور عام على تسلمه منصبه، وقد حظي بتقدير واسع، البلاد كلها تمتدحه، يقولون عن هذا الجولاني بانه شخص متواضع، محبب، ومستقيم. واداؤه ايضا يحظى بالتأييد: فقد اخرج ايضا قسم التعليم التوراتي من الحاخامية العسكرية. وخلال احاديثه القليلة يبث الاعتدال واستقلالية التفكير. كنوع من التوازن للمستوى السياسي الذي فوقه. لقد اعتبر ان في الاتفاق مع ايران فرصا كثيرة، وهو يفهم انه لا يوجد حل عسكري لاحداث السكاكين، وهو يعارض فرض حصار على الضفة، ويؤيد توسيع تصاريح العمل للفلسطينيين، ويمتنع عن القيام بردود استعراضية على العمليات. آيزنكوت، اذاً، يستحق الثناء على كل هذا.
ومع ذلك، فان آيزنكوت هو المسؤول عن احدى نقاط الانحطاط الاخلاقي للجيش الذي يقف هو على رأسه. تحت إمرة بطل الشعب والمحبوب على وسائل الاعلام يقوم الجيش بعملية صيد بشعة عن طريق الاعدام اليومي. منذ زمن لم يكن هنا تعرض وحشي الى هذا الحد من قبل الجيش، وكان بالامكان وضع حد لذلك بأمر واحد، ولم يعط الامر. لقد قال آيزنكوت، أول من أمس، الامور الصحيحة، «لا اريد ان يفرغ الجندي مشط الرصاص على فتاة تحمل مقصا» ولكن لا يمر يوم تقريبا دون أن يفرغ جندي مشط رصاص على احد الفتيه.
يدور الحديث هنا عن سياسة: القتل ثم القتل ثم القتل، لا يأخذون اسرى، ولا اعتقالا ولا أوامر اطلاق نار: كل حامل سكين، او حامل مقص، او ملقي حجر وزجاجة حارقة أو داهس – أو كل من يتهيأ لهم انه كذلك مصيره الموت، لم يكن أمراً كهذا في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي، القمعي والفظيع. لقد قتلوا في قطاع غزة اكثر بكثير. وأيضا في الضفة الغربية خرج الجيش الإسرائيلي عن طوعه اكثر في الانتفاضة الثانية، ولكن لم يسبق ان تمت الاعدامات بالجملة كما هو حاصل الان، حيث يوجد امام الجيش شبان وشابات، قليلون جدا منهم يهددون حياة الجنود.
هذا الرجل الجيد والمحبب، آيزنكوت، يعرف انه بالامكان التصرف بشكل مختلف، وانه يمكن اعتقال كل طفلة تحمل مقصاً دون قتلها، وان الجنود الجبناء فقط هم من يقتلون البنات والاولاد كرد اولي. يعرف آيزنكوت انه اذا أمر بشيء آخر فان عدد القتلى الفلسطينيين سيتراجع جدا. دون تعريض حياة اي اسرائيلي للخطر، وهو يعرف أيضا أن كل قتيل فلسطيني يصنع المزيد من منفذي العمليات. يعرف آيزنكوت ان جيشه يزرع الان الكراهية غير المسبوقة في «المناطق». ولكن من المشكوك فيه انه يعرف الضرر الذي يتسبب به لجيل جديد من الاسرائيليين، لم يسبق ان كانت صور كهذه لفتيات ينزفن حتى الموت في الشارع، حيث لا يتوجه أحد اليهن، لم يسبق ان كان فيلم فيديو كذلك الذي نُشر هذا الاسبوع» بعد ان اصاب جنود حرس الحدود فتاة اصابة بالغة في الخليل وكانت تنزف دون أن يتوجه اليها احد، بل كان الجميع منشغلا بدفع المواطنين الغاضبين بصورة فظة وعنيفة، وفي ذروة المشهد يقوم جندي حرس حدود بقلب عربة يجلس عليها احد المعاقين فيسقط المعاق على الارض. والفتاة ما زالت تنزف ويسيل دمها على الشارع.
وهذه الاحداث ايضا لم تزعزع دولة اسرائيل، والجنرل آيزنكوت هو المسؤول المباشر وبشكل كامل. ففي اليوم الذي قرر فيه السماح باطلاق النار غير المشروط سمح بحدوث هذه البشاعة، بالضبط مثل اولئك الذين سيعقبونه.
الدمج بين اهانات الجيش، التي كان من المفترض أن تثير الخجل في الجيش الاسرائيلي – لم يحارب الجيش ابداً من هم ضعفاء ولا حول لهم مثلما يفعل مع اولاد السكاكين – مع التدهور الاخلاقي الذي لا منسوب له. الجولاني المحبب مسؤول عن كل هذا، في اسرائيل لن يحاسبه أحد – سيتذكرونه كبطل وبان جيشه حارب ببطولة ضد حاملة السكين الصغيرة من عسكر والسائقة التي دهست من سلواد. وقد يفكرون بشكل مختلف في لاهاي بيوم من الايام.
عن «هآرتس»
-