حذر خبراء إسرائيليون اليوم، الأربعاء، من عواقب اجتياح رفح، وبضمن ذلك تأثيره على العلاقات بين إسرائيل ومصر، ومن أن هذا الاجتياح لن يؤدي إلى انهيار حركة حماس.
ووفقا للباحث مركز الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب، د. ميخائيل ميلشتاين، فإن "تشوهات كثيرة في المفهوم الإسرائيلي تركزت في قطاع غزة، بدءا من الاعتقاد أن حماس مرتدعة من مواجهة مع إسرائيل، واستمرارا بتقديرات وأفكار خلال الحرب على غزة وتبين أنها أمنيات بالأساس، مثل الشعور بأن الحركة قريبة من ’الانكسار’ وأنه بالإمكان إقناع قيادته بالهجرة عن غزة".
وأضاف، في مقال نشره في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن إسرائيل بدت كأنها تخلت عن تصورها القديم حيال حماس، لكنها بدأت تتبنى أفكارا جديدة تعكس استمرار عدم إدراكها لحماس وتقود فعليا إلى إحباط على إثر عدم النجاح في تحقيق غايات الحرب، وعلى رأسها هزيمة الحركة".
ورأى ميلشتاين أن في أساس ذلك "المفهوم الخاطئ حيال حماس التي توصف بالتسمية المقلصة أنها ’منظمة إرهابية’. فهذه حركة لديها ليونة وذات قدرة مرتفعة على التأقلم للتغييرات، وحتى بعد استهدافها بشدة فإنها تنجح بالصمود وكذلك الحفاظ على مكانتها كجهة مركزية في القطاع".
وأضاف أن فكرة شن إسرائيل عمليات عسكرية مركزة، واعتبار أنها ستؤدي إلى انهيار حماس لن تنجح من دون احتلال دائم، لأن حماس ستعود بسرعة إلى جميع المناطق التي تواجدت فيها.
وتابع أن "هذا الإحباط المتواصل جعل إسرائيليين كثيرين يطرحون خططا، وإمكانية تطبيقها محدود"، مثل أن الواقع سيتغير في غزة في حال وجود حكم بديل لحماس، أو أن التطبيع مع السعودية أو أن اتفاقا سياسيا مع السلطة الفلسطينية هما حلان محتملان. ووصف ذلك بأنه "عراك على جلد الدب قبل اصطياده"، لأن "حماس لا تعتزم أبدا التنازل عن الحكم".
وفيما يتعلق باجتياح رفح بادعاء أنها "المعقل الأخير" لحماس، رجح ميلشتاين أنه حتى في حال هزيمة كتائب حماس الأربع التي تقول إسرائيل إنها موجودة في رفح، فإن "الحركة ستسيطر على الحيز العام في القطاع وتواصل إدارة القتال في المناطق المختلفة". كما أن سيطرة إسرائيل على محور فيلادلفيا يستوجب بقاء إسرائيل فيه "لفترة متواصلة في المنطقة، وليس بالضرورة أن يرافق ذلك اجتياح عميق لمدينة رفح نفسها".
وأشار إلى أنه "في أفضل الأحوال ستسمح حماس باستقرار بدائل ستكون غطاء تجميلي لاستمرار هيمنتها، وفي الحال الأكثر ترجيحا ستعمل بقوة ضد أي بديل".
وحسب ميلشتاين، فإنه "بغياب قدرة أو رغبة إسرائيلية، حاليا، باحتلال القطاع كله وإقامة نظام جديد فيه، إسرائيل ملزمة على وصف صفقة مخطوفين أنها المجهود المركزي، الأمر الذي يستدعي وقف الحرب وتحرير مخربين والانسحاب من غزة".
وأضاف أن على إسرائيل استغلال فترة التهدئة بعد وقف الحرب من أجل "وضع إستراتيجية للموضوع الفلسطيني التي ليست موجودة منذ سنين. وهذه ستكون فرصة من أجل العودة إلى مصادر الصهيونية بشأن القيام بمبادرات بدلا من التمسك بأفكار تسوية، إدارة صراعات وحلم ’السلام الاقتصادي’ التي احتلت وعي صناع القرار وتبين أنها كارثية".
من جانبه، قال الرئيس السابق للشعبة السياسية الأمنية في وزارة الأمن الإسرائيلية، عاموس غلعاد، لإذاعة 103FM، إن "الوضع خطير. اتفاق السلام مع مصر يمنحنا أبعادا هائلة في الأمن القومي. والمصريون حساسون جدا لموضوع الفلسطينيين في غزة"، في تحذير من اجتياح رفح.
وأضاف أن "نقل فلسطينيين إلى داخل سيناء من دون تنسيق مع المصريين هو كابوس بالنسبة لهم. وثمة من يعتقد في إسرائيل أنه بالإمكان رشوتهم وشرائهم. هذا كله كلام فارغ، والأجدى بإسرائيل أن تحافظ على اتفاق السلام".
وتابع أن "الجيش الإسرائيلي وصل إلى رفح في إطار سياسة الحكومة، وأوقف المصريون (عمل) المعبر، وهذا يؤثر على الوضع الإنساني لسكان غزة. والثقة بيننا وبينهم اهتزت. وإذا لم يتم التعاون مع مصر، كيف سنمنع تهريب الأسلحة؟".
وأشار غلعاد إلى أنه "يوجد لمصر البُعد العسكري، وإلى أي مدى نتقدم وما هو الثمن السياسي. فليس لدينا سياسة حيال اليوم التالي. وإذا لم نهتم بأن يكون بالإمكان تقبل جهة ما كحكم، سيضطر الجيش الإسرائيلي إلى أن يحكم هناك. وهذا عبء هائل. وإذا تعكرت العلاقات مع مصر، وحدثت تصدعات بما تم بناؤه، فإن هذا إنجاز كبير بالنسبة للسنوار".