يوم 20 مايو 2024، سيصبح علامة فارقة في "الذاكرة الوطنية الفلسطينية"، بإعلان المدعي العالم للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان تقريره، حول 7 أكتوبر وما تلاه من تطورات عاصفة، فتحت حربا تدميرية شاملة لجنوب فلسطين في قطاع غزة.
للمرة الأولى منذ إنشاء دولة الكيان اغتصابا على أرض فلسطين، لم تجد ذاتها أمام "مطاردة جنائية" تحت بند "مطلوب للاعتقال"، باعتبارهم مرتكبي جرائم حرب وإبادة جماعية ضد أهل قطاع غزة، وبذلك فتح الباب واسعا لملاحقات قادمة عن جرائم سابقة، التي لا تموت بالتقادم، ولن تموت، في فرصة نادرة للشعب الفلسطيني وممثله الرسمي في تغيير مسار العمل العام، في سياق الصراع الدائر.
مذكرة المدعي للمحكمة الجنائية الدولية، تكتسب قيمة سياسية - قانونية، بل وبعد تاريخي، بأنها أكملت أضلع أدوات النضال الوطني الفلسطيني، كفاحيا فوق أرض المعركة المباشرة ضد الوجود الاحتلالي مشروعا وأهدافا، وسياسيا في إطار المؤسسات الدولية لترسيخ فلسطين دولة لا فكاك من حضورها، وقانونيا في أهم محاكم عالمية، العدل الدولية والجنائية الدولية، وذلك ما لم يكن متوقعا قبل عام من تاريخه.
مذكرة مدعي عام الجنائية الدولية وخاصة كريم خان، البريطاني الجنسية، والمتردد كثيرا في بحث جرائم دولة الكيان، ما كان لها أن ترى النور في ظل المشهد العالمي الراهن، والفرض الأمريكي في مؤسسات دولية، دون الهبة العالمية الرافضة لحرب الإبادة الجماعية التي تقوم بها قوات دولة الفاشية اليهودية في قطاع غزة، إبادة يراها كل من له عين إنسانية، أجبرت المحكمة المترددة على الذهاب بمذكرتها، التي ستكون أحد روافع المطاردة الساخنة لقادة العدو.
ولعل قادة دولة الكيان، وإلى جانب قادة الدولة الراعية ها (أمريكا)، كانوا أكثر وعيا وفهما وإدراكا لقيمة المذكرة القانونية ومآلها التاريخية لاحقا، بعيدا عن "بعض الترضيات الثانوية" فيما يخص قادة من حماس، لكنهم انتفضوا بعد ثوان من إعلان المذكرة، ويفتحوا كل أسلحة نيرانهم ضدها، مستنجدين بالقوة ألأمريكية الضاربة، خاصة الكونغرس الذي اعتبر المذكرة مساسا بدولة اليهود، ومهددا بشكل وقح ونادر المحكمة الجنائية الدولية.
المعركة القانونية – السياسية حول مذكرة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية باعتقال رأس التحالف الفاشي ووزيره جيشه بما يمثلان، انطلقت عمليا ولم تنته بعد، ولن تكون بسلاسة كما يعتقد البعض، فالحرب التهديدية الموازية بدأت ما قبل الإعلان وبعده، وستعمل أمريكا والحركة الصهيونية العالمية، وربما جهازها الأمني المعروف باسم "الموساد" بالتعاون مع المخابرات المركزية الأمريكية لوضع كل العقبات لمنع قيام قضاة المحكمة بالمصادقة على مذكرة المطاردة الساخنة، واعتقال رئيس حكومة الكيان ووزير الجيش، تهديدا مباشرا، أو تنفيذا للتهديد بالاغتيال أو الإعاقة وبكل السبل غير المشروعة كي لا يصبح القرار حقيقة سياسية.
واستنادا لما بات معروفا ومعلنا من حرب التهديد الصريحة ضد المحكمة الجنائية الدولية وقضاتها، ذلك يستدعي قيام دولة فلسطين بتشكيل خلايا عمل قانونية – سياسية، بالتنسيق مع خبراء عرب ودوليين، لاستكمال ما بدأ، وقطع الطريق على "مؤامرة" عرقلة إصدار المحكمة قرارها باعتقال نتنياهو وغالانت.
بالتأكيد، سيقوم الفريق الفلسطيني العربي الدولي المختص، بتقديم مرافعته لشرح الفارق بين ما قامت به دولة الكيان من إبادة جماعية وجرائم حرب، منذ ما قبل 7 أكتوبر 2023، وهي امتداد لما كان بعدها، والتاريخ الإنساني يحتفظ بعشرات مجازر نفذتها قوات جيش دولة الكيان، عن ما حدث من "خطايا" نفذها أفراد فلسطينيين أو مجموعة فلسطينية في يوم 7 أكتوبر 2023، دون أن يكون عملا منظما أو ما يشير إلى انه جزء من الفكر الفلسطيني، وأن حدثت بعض من أشكال الجرائم ضد أطفال أو نساء فذلك فعل فردي لا يقارن أبدا وفقا للقانون بفعل دولة بمؤسسات وجيش وقوة أمنية، والإشارة أيضا إلى أن بعض أركان التحقيق ربما شابها تحيزا تحت بند التهديد.
مذكرة المدعي العام للجنائية الدولية، يجب أن تكون "شهادة للتاريخ" تبقى حاضرة في كل مناقشات أركان الشرعية الدولية، لتدرك دولة الكيان وقادتها، أن زمن "الجدار الواقي" لوضعها فوق القانون سقط وإلى غير عودة.
لا يجب السماح لـ "العاطفة السياسية"، أو الانتهازية السياسية بحرف مسار المذكرة التاريخية للجنائية الدولية نحو "زاويا ضيقة"، فالقضية الوطنية أعلى قيمة تاريخية من أفراد أو جماعات.
ملاحظة: وزير جيش دولة الفاشيين المعاصرة غالانت، قال خلال لقاء مع ليكوديين..ما تهتموا لحكي الأمريكان العلني..هم لا بدهم دولة فلسطينية ولا سلطة فلسطينية..بس بدهم يكذبوا على العرب لغاية في نفس "الشيطان الرجيم"..صدقت يا اللي عمرك ما صدقت..
تنويه خاص: من حق بعض الفصائل تحزن على وفاة رئيس بلاد فارس رئيسي.. وجدا كمان، لان الفرس مش مقصرين معهم..لا مال ولا سلاح..أما يعتبروه "شهيد فلسطين" فهاي قمة الرخص الوطني وأعلى مظاهر الانتهازية السياسية.. يا فصائل النكبات..