منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية/ الأمريكية على قطاع غزة، يواصل إعلام الاحتلال ومَن لف لفه، خوض حرب مغايرة عما نشاهده على شاشات التلفاز ووسائط التواصل الاجتماعي. فمع اليوم الأول من حرب الإبادة على القطاع، تنوعت أشكال التحريض على قتل الفلسطيني ومحاولة إخراجه من الإنسانية جمعاء، وعرضه بأشكال مختلفة عن البشر، حيث يتسابق السياسيون والعسكريون ورجال الدين في الكيان الصهيوني وبعض الأصوات في الكونغرس الأمريكي في التحريض على الفلسطينيين باعتبارهم ليسوا بشرا بل "حيوانات". بدأ هذه السمفونية النشاز وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت حين أطلق وصف "الحيوانات البشرية" على الفلسطينيين، حتى باتت اليوم جزءاً رئيساً من الخطاب الصهيوني.
من الثابت الآن أن التحريض الداخلي -أي بين اليهود أنفسهم- هو عملية قديمة/ جديدة ضد الآخر، وبالذات إن كان عربياً، وبالأخص إن كان فلسطينياً. هذا إضافة إلى التحريض الخارجي، وفي السياق ذاته، في كل المحافل والمنتديات الإقليمية والعالمية. ولطالما عبر التحريض عن نفسه بالممارسة الفعلية، أي قتل وإيذاء العرب والفلسطينيين تحديداً. وقد تأكد ذلك كله في المجازر المتعاقبه التي اقترفتها العصابات الصهيونية، ثم دولتهم، منذ ما قبل عام النكبة وبعدها، وهو الأمر الذي تم تظهيره على نحو كاسح بعد عملية طوفان السابع من أكتوبر، وبالخصوص مع عمليات الإباده الجماعية الجارية ضد الفلسطينيين منذئذ. والفارق المهول هنا أن المجازر الراهنة، وبسبب فداحتها ووفرة وسائط التواصل الاجتماعي، عرت مقارفات الماضي، وكشفت عنها مثلما فعلت مع مقارفات الحال الراهن.
الكيان الصهيوني، طبعاً، يبرر أفعاله الإجرامية بأنه "يدافع عن نفسه"، وأنه على حق ويقوم بتخليص العالم من وباء "الإرهابيين"، مستخدماً القوة المفرطة وكمّ القنابل المرعب في قطاع غزة، أمام أعين شعوب الأرض والعالم والأمم المتحدة. وهكذا تظَهَّرت غرائز الإجرام والانتقام علناً في مشاهد مرعبة، كانت قد بدأت منذ 76 عاماً.
لقد اتضح من المعطيات أن "الحيوان البشري الأول" في عالم اليوم هو الكيان الصهيوني، أولئك الصهاينة الذين مهما وضعوا من مساحيق، ومهما عملوا من تزييف إعلامي وغيره، هم في أعماقهم "حيوانات بشرية"، وهذا ما ثبت بالممارسة. ودعونا لا ننسى، على سبيل المثال وليس الحصر، كلام رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق الجنرال رافائيل إيتان في العام 1983، وهو يتحدث أمام لجنة في البرلمان الإسرائيلي، حين قال: "العرب مثل الصراصير المخدرة في زجاجة". هذه الوحوش الصهيونية تطارد الفلسطينيين وتلاحقهم من مجزرة إلى مجزرة، ومنذ وقت طويل قبل حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، بل ومنذ ما قبل إنشاء الكيان الصهيوني.
كما يبدي الإسرائيليون شغفاً في هذا القتل، وهو التأييد الجماهيري الذي حصلوا عليه من جمهرة ما يسمى "الشعب الإسرائيلي"، ما يثبت أن الحيوان البشري ليس غير هؤلاء، وذلك على قاعدة "أفعالك شاهد عليك"، وأنا لا يهمني دموعكم التي تسيلونها زيفاً وبهتاناً، أو أقوالكم وإعلامكم، وإنما ما تقترفه أيديكم وطائراتكم وجنودكم ودباباتكم بحيث تكشف، بالملموس، من هو الحيوان البشري الحقيقي، خاصة أن محكمة الجنايات الدولية، ولو متأخرة جداً، قد أصدرت حكمها قبل عدة أيام ضد رئيس وزراء دولة الاحتلال ووزير جيشها، والقادم بالتأكيد أشمل.
لطالما عبر التحريض عن نفسه بالممارسة الفعلية، أي قتل وإيذاء العرب والفلسطينيين تحديداً. وقد تأكد ذلك كله في المجازر المتعاقبة التي اقترفتها العصابات الصهيونية، ثم دولتهم، منذ ما قبل عام النكبة وبعدها، وهو الأمر الذي تم تظهيره على نحوٍ كاسحٍ بعد عملية طوفان السابع من أكتوبر، وبالخصوص مع عمليات الإباده الجماعية الجارية ضد الفلسطينيين منذئذ