وضعت الحصيلة الثقيلة للضحايا الفلسطينيين خلال عملية الجيش الإسرائيلي، لتحرير الرهائن في مخيم النصيرات، حركة حماس أمام مطالبات شعبية متصاعدة بالموافقة على أي مقترح يوقف شلال الدماء.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، ارتفعت حصيلة ضحايا العملية الإسرائيلية في النصيرات إلى 274 قتيلاً ومئات الجرحى، ما يرفع حصيلة قتلى الحرب في قطاع غزة منذ بدايتها إلى أكثر من 37 ألفاً، إضافة لعشرات آلاف المصابين، ونحو 10 آلاف مفقود، ترجح المؤسسات الرسمية الفلسطينية أنهم في عداد القتلى.
وفور وقوع عملية النصيرات، تعالت نداءات الفلسطينيين خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي بضرورة وقف الحرب بأي ثمن، معتبرين أن حماية الفلسطينيين من استمرار القتل بحقهم هو الإنجاز الوحيد الذي يمكن أن تحققه حماس، خاصة في ظل تغاضٍ أمريكي ودولي عن الارتفاع الكبير في أعداد الضحايا الفلسطينيين الذين قتلوا خلال الهجمات الإسرائيلية في قطاع غزة.
وارتفعت وتيرة دموية الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة مؤخراً، خاصة في مناطق وسط قطاع غزة، حيث استهدف الجيش الإسرائيلي مدرسة لأونروا في مخيم النصيرات، قبل أيام، ما أسفر عن مقتل 45 فلسطينياً وإصابة عشرات آخرين، في حين كان يوم عملية تحرير الرهائن الأخيرة في المخيم ذاته أحد أكثر الأيام دموية من حيث أعداد الضحايا الفلسطينيين خلال الحرب المستمرة منذ 248 يوماً.
تهدئة بأي ثمن
ويقول الفلسطيني وائل مصلح، خلال وقوفه على عربة لبيع المشروبات الساخنة أمام مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح، "إن الحرب تحولت إلى أداة قتل بلا نهاية"، مضيفاً لـ"إرم نيوز" أن "كل يوم نعيشه دون وقف الحرب يعني المزيد من الشهداء، والمزيد من المآسي دون فائدة".
ويتفق الشاب جهاد جلال في حديثه لـ"إرم نيوز" في أن "على حماس البحث عن إنهاء الحرب بأي ثمن"، مضيفاً لـ"إرم نيوز" أن "الحركة لن تستطيع تعويض الفلسطينيين ولا بجزء يسير مما فقدوه خلال هذه الحرب"، معتبراً أن عليها إنهاء الحرب حتى لو كان الثمن مغادرتها المشهد السياسي.
وفي حين يعتبر الخمسيني ماجد كلاب، أن إسرائيل تحاول الضغط على حماس بقتل المزيد من المدنيين للقبول بالشروط الإسرائيلية للتهدئة، يقول "إن الحركة لا تستطيع التصدي لآلة القتل الإسرائيلية، وعليها أن تجد حلاً ينهي معاناة الناس بعد أكثر من 8 أشهر من الحرب".
من جانبه، يرى المحامي والخبير القانوني عبدالله شرشرة، أن الحرب تحولت إلى خطر استراتيجي، داعياً حركة حماس للالتفات لرأي الشارع الفلسطيني في قطاع غزة، وما يعانيه جراء استمرار هذه الحرب.
وقال شرشره عبر حسابه على فيسبوك، "إن هذه الحرب يجب أن تتوقف، وحماس عليها أن تتحمل المسؤولية التاريخية لحماية الكينونة الفلسطينية التي تتعرض لأكبر خطر استراتيجي منذ 76 عاماً، هذا هو الانتصار العظيم المُتوقع منها، ودون ذلك هو وهم".
في حين قال الكاتب والأديب الفلسطيني محمود جودة، إن إسرائيل ستواصل سحق الفلسطينيين بحجة الأسرى وتحريرهم، مضيفاً "رهائنهم مسامير جحا، سيقتلون منا الآلاف حتى ياخدوا أسراهم أحياء أو جثثا، هذه هي النهاية، فالمعطيات طيلة ٩ شهور تأخذنا إلى نتيجة واحدة، آلاف الضحايا منا في سبيل تحرير شخص حي أو جثة".
وأضاف عبر حسابه على فيسبوك "أسراهم مسامير مدقوقة في أجسادنا، هذه معادلة مكلفة ومميتة بالنسبة لنا، مميتة وغير ذات فائدة، لنجد الحل لنتخلص من عبء أسراهم ونحقن جزءاً من دمنا، طالما أن النهاية صارت واضحة، حيث نحن في جغرافيها محاصرة سيأخذون وقتهم الكافي ليفعلوا ما يحلوا لهم"، متابعاً "المراجعات مطلوبة والأولويات لابد أن تتغير.
معطيات الواقع الجديد في غزة
من جانبه، يرى الأديب الفلسطيني من غزة حيدر الغزالي، أن على حماس التعامل مع معطيات الواقع الجديد، والبحث عن مخرج سياسي ينهي حالة الحرب، حتى مع تقديم تنازلات "مغرية" لإسرائيل.
وقال الغزالي عبر حسابه على فيسبوك: "سقطت غزة، أصبحَ يدخلها الجيش الإسرائيلي وقتما شاء، وكيفما شاء، والهزيمة حالة طبيعية، فطرية، وهذه سنة الدنيا، ولا أرى حلاً لهذه الإبادة سوى بمقترح حمساوي ينصُّ على خروج الحركة من القطاع، وتسليم الأسرى، مع ضمان خروج الاحتلال من غزة، وضمان فلسطينية غزة بعد الحرب".
وطالب الأديب الفلسطيني، بالانتقال من "مرحلة تحقيق إنجاز يليق بالتضحيات، إلى مرحلة حماية ما تبقى، لأن الإنجاز الوحيد الآن هو وقف الحرب"، وفق رأيه.
ودعا الغزالي، حركة حماس إلى تقديم تنازلات تبدو للمفاوض الإسرائيلي "عرضاً مغرياً يشبع له هدفه في القضاء على حماس في القطاع، لأن حركة حماس ومن تجربة شخص يعيش الواقع تخسر الكثير في غزة".