صعدت روسيا حملة التجسس الإلكتروني ضد جماعات المعارضة السورية والمنظمات غير الحكومية فيما تسعى موسكو للتأثير على المعلومات بشأن الأزمة الإنسانية في سوريا، وعرقلة تلك المتعلقة بعملياتها العسكرية في الدولة التي تمزقها الحرب منذ نحو 5 سنوات.
وتشمل المواقع المستهدفة من الحرب الإلكترونية الروسية بعض أبرز المنظمات الإنسانية وجماعات الإغاثة والمساعدات في سوريا، مثل المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يصدر تقارير بشأن الأحداث العسكرية في سوريا، وغالبا ما تقتبس عنه وسائل الإعلام الغربية معلوماتها، بحسب ما علمت "فايننشال تايمز".
وتتشابه العملية العسكرية الإلكترونية مع تلك الحملة التي استهدفت مواقع الحكومة الأوكرانية خلال التصعيد العسكري في أوكرانيا عامي 2013 و2014.
وناقش مسؤولان رفيعان في أجهزة استخباراتية، أحدهما في أوروبا والآخر من دولة مجاورة لسوريا "الحملة الإلكترونية السورية"، وتبين أن حجمها كبير، وأنها ممنهجة ومنظمة في طبيعتها بحسب ما ذكر أحدهما، الذي رفض الكشف عن هويته، مضيفا أن جهاز أمن الدولة الروسي "أف أس بي" FSB، يقف وراءها ويديرها.
كذلك استهدفت الحملة الإلكترونية جماعات حكومية وأخرى خاصة في تركيا بشكل كبير، خصوصا في أعقاب توتر العلاقات بين روسيا وتركيا.
وقال المسؤول الاستخباراتي الإقليمي "هناك رد فعل روسي إلكتروني جوهري حاليا، وذلك إثر تردي العلاقات مع أنقرة"، مشيرا إلى أن حادثة إسقاط الطائرة الروسية فوق الحدود السورية في نوفمبر الماضي كانت "نقطة التحول".
ولم يعرف بعد عدد المنظمات التي تعرضت لهجمات إلكترونية، ذلك أن البرنامج الخبيث المستخدم من قبل العملاء الروس يمكن استخدامه في مسح البيانات والتضليل وغير ذلك من أمور الحرب الإلكترونية.
وتخشى أجهزة الاستخبارات الغربية من أن ذلك قد يسمح لروسيا بتصعيد "حملتها التضليلية" إذا ما أرادت ذلك، الأمر الذي يعقد الأوضاع المعقدة أصلا.
وقال ريتشارد تيرنر، مسؤول الشرق الأوسط وأوروبا في مؤسسة "فاير آي"، المعنية بالأمن الإلكتروني، إن مؤسسته تعقبت الحملة ضد المنظمات السورية المعارضة منذ ديسمبر الماضي، مضيفا أن حجم الحملة ضخم وآخذ في التزايد منذ بداية العام الجاري.
وأضاف تيرنر أن جماعة "آيه بي تي 28" وغيرها من الجماعات الروسية تركز الآن على جمع البيانات عن جماعات المعارضة السورية، خصوصا تلك المعنية بحقوق الإنسان، وتراقب النشاط العسكري في سوريا، مضيفا أنها "عملية كبيرة ومهمة للغاية".
وتعتبر "إيه بي تي 28" واحدة من أكثر جماعات التسلل والاختراق الإلكتروني تطورا، وتحظى بدعم من الحكومة الروسية.
ويشمل النزاع السوري الإلكتروني استخدام مواقع بديلة مزيفة للمواقع المعارضة، تعمل على زرع فيروسات في أجهزة المستخدمين يتم تفعيلها وقت الحاجة، كما تشمل رسائل بريد إلكتروني مرفقة ببرمجيات خبيثة.
وقال ضابط الارتباط الاستخباراتي العالمي في "فاير آي" جينس مونراد "هناك سببان لذلك، إرسال معلومات مغلوطة من تلك الجماعات، أو استخدام مصادر اعتمادها ومصداقيتها كنقطة انطلاق لاستهداف أفراد وجماعات أخرى. وهذا كله يتسق وتعاليم الحرب الإلكترونية الروسية التقليدية".