بين النكبتين: صفحاتٌ من الذكريات والمواقف

11_1450003853_6273.jpg
حجم الخط

بقلم د. أحمد يوسف

 

 

 ولدت في النكبة الأولى داخل خيمة حصلت عليها العائلة من منظمة "الكويكرز" الأمريكية، وبعد ذلك بسنين انتقلنا إلى بيت متواضع من الطين تغطي سقفه ألواحٌ من الزينكو، وكانت العائلة تقيم فيه بكامل أفرادها العشرة.

وفي العام 1956م، تمَّ نقلنا مرة أخرى إلى مساكن جديدة أقامتها وكالة الأونروا، وهو ما كنَّا نطلق عليه في ثقافتنا الشعبية مساكن الكرميد، والتي استوطناها قبل العدوان الثلاثي بشهرين أو ثلاثة.

في هذا المسكن الجديد والمعروف بـ"مخيم الشابورة"، عشت طفولتي وسنوات شبابي، ولم أتذكر أنني غادرت هذا الكيلو متر المربع من محيطه المكتظ بالسكان، والبالغ عددهم حوالي 60 ألف لاجئ، لأكثر من ثمانية عشر عاماً، بسبب مشاكل ثأرٍ عائليةـ وحالة من الفقر المُدقِع وضيق ذات اليد، التي كانت تعشعش في معظم بيوت المخيم، وهو ما جعل من الصعوبة إمكانية السفر لزيارة الأقارب خارج مدينة رفح في المناسبات والأعياد.

في هذا المخيم، كان الوطن الحاضن للذكريات ومجموعة الأصدقاء، وكذلك لمشاهد المعاناة وصورها، وفيه صُقلت الكثير من مواهبنا وملامح رجولتنا ووطنيتنا وشعورنا بالهوية الفلسطينية.

قبل نكسة 1967م، كنت في توجُهي ومشاعري ناصريَّ الهوى، ومع الهزيمة التي أصابتنا بالصدمة والذهول، تحولت مسيرتي باتجاه الانتماء للحركة الإسلامية، فكنت من بين الرعيل الأول للكوادر الشبابية التي التحقت بها، مع عددٍ من أصدقاء المخيم أو زملاء مدرسة (بثر السبع- الثانوية للبنين)، أمثال: د. موسى أبو مرزوق، والأستاذ جمال أبو هاشم، والدكتور فتحي الشقاقي، وغيرهم الكثير من شباب قطاع غزة ممن تبوأوا مكانةً مجتمعية وقيادية بعد تخرجهم من الجامعات المصرية، ثم لحق بهؤلاء الكثير من شباب الصحوة الإسلامية، الذين تصدَّروا الساحات التعليمية والصحية والأكاديمية والدعوية والإعلامية والجهادية، وولج آخرون بعد فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية عالم الحكم والسياسة.

اليوم، وفي مشهدية النكبة الثانية، وجدت أنَّ هناك الكثير من المشابهات على مستوى معاناة اللاجئ ووجع النازح، من حيث جُرح الكرامة وكشف الحسب ومشاعر الأنا (نفسي نفسي).

 إنَّ واقعنا اليوم في مشهد الكارثة، هو حالة من التناقض والانقطاع مع المشاعر والأحاسيس التي تربينا عليها في الحركة الإسلامية، إذ كان الإيثار والوفاء وصلابة المواقف والتضحيات دَيْدَن السلوك الذي تنشَّأنا عليه، فيما خسرنا في سنوات ما قبل الكارثة الكثير منها، وخاصة بعدما فتحت علينا الدنيا أبوابها، وصارت هناك حالة من التكالب على لعُاعاتها بين الكثير ممن وصلوا إلى مشهد الحكم والسياسة، إذ سرعان ما تغيرت النفوس، وساد الشقاق والغلو والتطرف مشهد علاقاتنا السياسية والحزبية، حتى أخذت سيوفُ كلّ فريق تحطُّ بقسوةٍ على رقاب الفريق الآخر!

نعم؛ كانت هناك مقاومة مسلحة تتنامى قدراتها، وكان يتمُّ ذلك في إطار رؤيةٍ آمن بها البعض بأن معركة "وعد الأخرة" قد آن أوانها، مع تجاهلٍ لما ارتبط بهذه الرؤية من مرتكزات قيام "دولة التمكين"، التي تُمثّل عمقنا العربي والإسلامي، والحاضنة لكلِّ مقدرات الأمة، والصورة الوضيئة لطلائعها الفلسطينية، باعتبارها "رأس النفيضة"، التي ستحرر مع جحافل الأمة المسلمة أرض فلسطين وقبلة المسلمين الأولى، التي تُشدُّ لها رحالهم كثالثِ الحرمين الشريفين، ويتحقق بهذا النصر للأممية الإسلامية الجهادية الفتح المبين، والإعلان عن انتهاء حالة العلو والاستكبار العالمي، وسقوط المشروع الصهيوني بهويته الدينية الاستعمارية ذات الطابع الاستيطاني.

للأسف، هذه الرؤية غابت أو تلاشت بعد جيل الرواحل، الذي قاده الشيخ أحمد ياسين (رحمه الله)، لتظهر بدائل عميت عليهم جذور الفكرة، وتلَّبس بعضَهم الوهمُ، لِما عليه من سطحية في الثقافة، ومبالغة في الإمكانيات والقدرات، وإفراط في الظنِّ بأنَّ الانتصار في معركة خاطفة سينهي الحرب ويأتي بالوعد المفعول! وكأنهم لم يقرأوا التاريخ يوماً، ويفهموا عقلية بني صهيون، والقوى الاستعمارية العظمى التي مهدَّت لهم الطريق لاحتلال بلادنا منذ أكثر من سبعة عقود، والمكوث فيها كشوكة مغروسة في خاصرتنا كافة، لحساب الاستعمارية الغربية والقوى المتواطئة معها في عالمنا العربي والإسلامي.

إن المعادلة التي لم نفهمها كإسلاميين؛ أن أمريكا ومثلها دول أوروبية استعمارية أخرى ترى في إسرائيل أنها "دولة وظيفية" ربيبة لها، وأنَّ هناك داخل دولها كيانية صهيونية يهودية تشكل منظومة عميقة تحركها لحماية إسرائيل، وتمدها بكل مقومات القوة والغلبة على كيانات سياسية بالمنطقة، صارت مصالحها مرتبطة هي الأخرى بهذه الكيانات الاستعمارية، وأنَّ إسرائيل -في منظور هذه الدول- قد غدت طريقاً للوصول والمكانة، وعلى الجميع أن يخطب ودَّها، ويتقرب بتطبيع العلاقة معها، كي يرضى عنهم "العم سام" وشقيقه الأوروبي.

بين النكبتين، وفي رحلة العمر التي تجاوزت السبعين عاماً، تختزن ذاكرتي أحداثاً ووقائع لسنواتٍ طويلة من النضال والكفاح المسلح ضد المحتل الغاصب، كان فيها ياسر عرفات خلال الستينيات والسبعينيات -بجدارة واقتدار- هو القائد المُلهّم وصانع الهوية الوطنية.

ومع ظهور الشيخ أحمد ياسين في تلك الفترة من الصحوة الإسلامية في ثوب الداعية المجاهد، الذي أخذ على عاتقه تربية جيلٍ من الشباب، وإعداده ليوم الفصل الموعود بمنازلة المحتل ومغالبته، قد عزَّز هو الآخر زخم العملية النضالية، وأضاف للثورة الفلسطينية بعداً وعمقاً إسلامياً، مع ما كانت تحظى به من إسناد ودعم عربي على المستويين الرسمي والشعبي.

لقد ربَّى الشيخ أحمد ياسين جيلاً فريداً من الشباب، أسهم في منح تلك "الهوية الوطنية" مسحةً إسلامية، فكان هذا التكامل في شخصية الفدائي المقاتل، الذي كانت "فلسطينيته" عنوان انتماءٍ لأمةٍ كانت لها هيبتها والتماع سيفها تحت شمس الأمم، وشكلَّت "علامة فارقة" كانت بمثابة تاج الفخار في الاستحقاقات الوطنية؛ النضالية والجهادية.

 كان للزعيمين ياسر عرفات والشيخ أحمد ياسين (رحمهما الله) في تلك المرحلة المفتوحة من المدافعة النضالية أكثر من بصمة وأثر، ولطالما سمعنا الشيخ أحمد ياسين يفاخر بالقول "أنا من بلدٍ زعيمه ياسر عرفات".

 ومع استشهاد كلٍّ منهما، انفرط عِقد تلك الهوية الوطنية لحساب الفصائلية الحزبية، التي طرحت قيادات لا ترقى -بصراحة- لشِسعِ نعلِ أحد هذين الثقلين، من حيث الرؤية وبُعد النظر والإدراك لأهمية الوحدة الوطنية وقداستها، وضرورة العمل والتمكين لفرص اجتماع شمل العرب والمسلمين خلفها.

للأسف؛ لقد جاء من بعد هذه القيادة التاريخية خَلَفٌ من الشخصيات التي أضاعت هذا الإرث، ممن نخرت الأنا الحزبية عظامهم، وتمكنت من تخريب عقولهم وإفساد سلوكياتهم، وتفريغ أرصدتهم من المشاعر والحسابات الوطنية.

وبناءً عليه، غدا تكريس الانقسام والأنا الفصائلية سياسة تلبست نهج البعض، وحالة من المعتقد الأيديولوجي المنفرج الزوايا والأبعاد، والذي انحرفت مع تداعياته سلوكيات البوصلة النضالية، وتاهت ضوابط الأهداف الوطنية، وصار الوطن لدى هؤلاء البعض مجردَ شعارٍ لحناجر ونعرات من أضلُّونا السبيلا، وغدا بذلك -للأسف- كلُّ حزبٍ بما تجود به حناجر قادته (المؤدلجين) فرحون!

وكما سبق في النكبة الأولى من تهالك الزعامات وتدافعها خلف مصالحها الخاصة، تكرر المشهد -للأسف- مرة ثانية، وذلك في النضالات التي سبقت وقائع هذه الكارثة بعدة سنوات، إذ كان العجز والاخفاق والتدافع السلبي بين (الكلّ الفلسطيني) سيد الموقف.

حاولت العديد من الشخصيات الوطنية والإسلامية التحذير من مغبة الانزلاق في متاهة وطنية لا تُبقى ولا تَذَر، إلَّا أنَّ صيغة الاتهام لهؤلاء وأولئك من أصحاب الوطنية العالية كانت حاضرة: "التغريد خارج السرب"!! مما دفع الكثيرين منهم إيثارَ السلامة والتزام الصمت، خشيةَ الفتنة أو التصفية والتصنيف.

لا شكَّ أنَّ أموالاً طائلة أنفقتها المقاومة ليوم الغد الموعود، ولكنَّ المشكلة في ظل حالة الوهَن والترهل السياسي، وصعود قيادات لم تكن يوماً أهْلاً لهذه الصدارة، هو ما جرَّ المشهد السياسي لحالة من المناكفات والعدمية النضالية، حيث توسعت الخلافات والمقاتل الجانبية والاتهامات؛ فالسلطة في وادٍ وغزة في وادٍ آخر!! وليس هناك من أحدٍ يحمل قِنديلاً أو تحركه بوصلة الرجل الرشيد.

لقد غابت الحكمة والوعي بالأبجديات والبديهيات، التي كانت تفرض علينا أن نراكم قوتنا ونعزّز الثقة برؤيتنا الوطنية في سياق إجماع أمة، وليس التجاهل والتخريب لما نخطط له من مدافعة العدو، بهدف الضغط عليه لتحقيق مكاسب سياسية وأخرى تخص أسرارنا، والانتصار لما نحن عليه من مظلوميَّة، بلغ فيها حزام القهر والتهميش للقضية الفلسطينية الطُبْيَيْن وبلغ السيلُ زباهُ، وغدت مكانتُها في الحسابات الدولية لا ذِكر لها ولا حضور.

وعليه؛ استقر مشهد التشظّي والانقسام الفلسطيني في نظر إسرائيل بيئةً مناسبة للتحرك، والتعامل مع الحالة الفلسطينية كحالة إنسانية بعيداً عن جغرافيا الوجود وقداسة التاريخ، وهو ما وصل له الحال قبل أن تداهمنا وقائع هذه النكبة الثانية التي بدأت مع عملية (طوفان الأقصى) في السابع من أكتوبر الماضي.

في النكبة الأولى عام 1948م، وُجّهت اتهامات الخيانة والتفريط لأكثر من طرف عربي، وطالت أصابعُ الاتهام زعاماتٍ فلسطينيةً عديدة، ولكننا اليوم؛ وفي ظلّ ما واجهناه من ظلم وعدوان، وما انتابنا من شعورٍ بالقهر والخيبة والإحباط خلال النكبة الثانية، إذ شاهدنا خذلاناً عربياً وإسلامياً غير مسبوق، تمظهر في تواطؤ العديد من الرسميات العربية، واصطفافها الفاضح إلى جانب السياسة الأمريكية، التي عبَّرت عن موقفها بشكل صارخ منذ بدايات الأحداث، وأعلنت عن دعمها ووقوفها الى جانب إسرائيل (الدولة المارقة)، وأنها جاهزة بأساطيلها وطائراتها وفرقها المقاتلة من المارينز لتوفير الحماية إلى جانب دولٍ غربية أخرى.

في مشهديَّة النكبتين، هناك الكثير من الاتهامات لأنفسنا بالتعجيل في استقدام المواجهة، قبل أن تكتمل مقومات الحشد والرباط خلف نهجنا السياسي، والمصاحب لرؤيةٍ كان بالإمكان معها أيضاً كسب مواقف وجهود وسياسات الأمة المسلمة، وتحريك المظلوميِّة الفلسطينية بشكل يتفاعل معه العالم الحر إلى جانب نُصرتنا بالمواقف والسياسات.

لست أدري ماذا سيكتب التاريخ في صفحاته بعد جيلٍ أو جيلين، حينما يتم تقييم وقائع هذه الحرب بموضوعية، ويشير بأصابعه التي لا تُحابي أحداً: مَن كان يقف خلفَ نكبتنا الثانية الكبرى؟!

 نعم؛ ما زالت الحرب على قطاع غزة تدور رحاها، وقد أخذت في طريقها -حتى الآن- أرواحاً تتجاوز الأربعين ألف شهيد، أغلبهم من النساء والأطفال، وضعف هذا العدد أو أكثر من الجرحى والمصابين.

 إنَّ قناعتي في سياق مِلَّتي واعتقادي، أنَّ هناك أكثر من خطأ كبير في الحسابات وتقديرات العواقب، تخص القرار الذي تمَّ اتخاذه في السابع من أكتوبر2023م؛ وهذا ما عاظم من حجم الكارثة، وأعطى المبرر للصهيونية الدينية واليمين المتطرف في إسرائيل لإطلاق العنان لماكِنة الموت التي تملكها، للمضي قدماً في إهلاك الحرث والنسل، وتدمير كلّ مقومات الحياة ومقدرات الوجود في قطاع غزة، عَبْر سياسة الإبادة الجماعية الممنهجة وسط صمت قاتل، لم تشهد له أمة العرب والمسلمين مثيلاً منذ سقوط الخلافة العثمانية في عشرينيات القرن الماضي.

إنَّ حالة التَجْخِيَة والخنوع والتبعية على مستوى الرسميات والشعوب هي اليوم عارٌ ما بعده مذلة ولا عار.

إنَّ صفحات ما بين النكبتين تحتضن صوراً مليئة بالكوارث والمجازر والصراع من ناحية، وتغييب حالة الوعي لحساب "حالة الأنا" في سياقها الديني والوطني، والتي استحوذت -وأسفاه- على مشروعنا النضالي، مما استدعى إنحراف الرؤية والمسار بإخراج رماحنا من كنانتها وتسديدها بعيداً عن وجهتها، ليتم تكسيرها آحادا!

 إنَّ من باب الإنصاف القول: إنه برغم مشاهد الكارثة التي صنعت نكبتنا الثانية الكبرى، فإنَّ هناك للبطولة مساحةً من المشاهد والصور التي ستختزنها الذاكرة؛ سواءً في قطاع غزة أو الضفة الغربية، ولكن أيضاً هناك الكثير مما يتوجب علينا أن نضع فيه النقاط غير بعيدةٍ عن حروفها، وإن كانت دلالاتها ومعانيها قاسية، وإن كان مستوى الصراحة فيها لا يتجاوز حالة "في فمي ماءٌ".

لسنا اليوم بصدد التقييم والمحاسبة فيما الحرب لم تضع أوزارها بعد، ولكن هذا لا يعني – وقد طال زمن الحرب- أن لا نُسجّل ملاحظاتٍ عابرة نلوم فيها أنفسنا؛ سواء في السلطة أو حركة حماس أو الفصائل، إذ لا أحدٌ يُنكر بأنَّ غياب أهليَّة الرئيس عباس للقيادة، وتعطيله المتعمَّد لإجراء الانتخابات بأشكالها الثلاثة تحت ذرائع شتى، قد كانت سبباً وراء تهميش الديمقراطية الفلسطينية، وتعطيل فرص التغيير والإصلاح لأكثر من عقد ونصف العقد.. إنَّ هذا التعطيل للعملية الديمقراطية، هو كذلك ما منح حركة حماس من إقامة مُلكٍ عضوض، غابت عنه مثاليات الحكم الرشيد، وتجلَّت ضبابياته كسلوكٍ ونهج في مشهدية الحكم والسياسة. 

كانت بعض قيادات حماس وفصائل فلسطينية أخرى ليست بعيدة عما جرى من حالة الوهن والسقوط الوطني، فلا أحدٌ يمكن تبرئته أو استثنائه، فالكلُّ شريك وإن بدرجات متفاوتة في صناعة الكارثة أو النكبة الثانية.

 إنَّ الطريق الذي انتهت له الأحداث والاجتهادات الفردية بتغييب "وحدة الهدف والرأي الجامع"، هي جماعُ سياساتٍ ومواقف وربما علاقات وارتباطات إقليمية خاطئة، راكمتها حالة من سنوات الانقسام والملاعنة وتنابز الألقاب، استفاد منها -بالطبع- عدونا لبناء استراتيجية متدرجة لشطب القضية الفلسطينية كمعضلة تَحُدُّ من تمدد الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة. 

اليوم، وفي سياق استقراء فقه المآلات، نقول: إنَّ دولة الاحتلال قد نجحت في جرِّ المقاومة للمواجهة في المربع الذي يمكن فيه لإسرائيل تحقيق الغلبة العسكرية، وإفراغ مشهدنا الإنساني من أيّة حالات تعاطف دولي، تراكمت في سنوات خلت، وفرضتها "المظلوميِّة الفلسطينية" بأبعادها السياسية والحقوقية والأخلاقية، وذلك بإلباس حركة حماس ومقاومتها المشروعة ثوب الشيطان، ونعتها باتهامات التطرف والإرهاب!

باختصار.. ما بين النكبتين؛ هي حالة من تراكم الأخطاء القاتلة بتوسيد أمر الحكم إلى غير أهله، وتعطيل العملية الديمقراطية وتأبيد الأشخاص في مشهد الحكم والسياسة مع غياب لنهج المسائلة والمحاسبة، والصمت عن الكولسات والتسحيج والفرعنة السياسية، وكذلك بتقديم أصحاب الحناجر والمنابر هو -للأسف- أحد كوارثنا الوطنية، وما انتهينا إليه من مشاهد النزوح، التي ستعيش معنا صورها لأجيالٍ وأجيالٍ قادمة.