خلال الأيام الأخيرة عاشت دولة الفاشية اليهودية (إسرائيل)، حالة غضب ضد التحالف الحاكم ورئيسه نتنياهو باعتباره العدو الأول لهم، وبات يشكل خطرا وجوديا على كيانهم، ولذا يجب إسقاطه بكل الطرق الممكنة، وبين سطورها رفض المؤسسة الأمنية بعض مواقفه، التي لا تتفق وما يرونه مصلحة "عليا".
لا يشك متابع سياسي بأن الولايات المتحدة تدعم بكل آلياتها، الأمنية والإعلامية "طوفان الغضب"، دون أن تنتقص من توفير مستلزمات دعم دولة الكيان لخوض حروبها وخاصة على قطاع غزة، باعتبارها نافذة استراتيجية للعبور نحو ترتيبات إقليمية جديدة، ورغم ذلك يقف رأس التحالف الفاشي نتنياهو متحديا بصلافة غير مسبوقة وبصراحة فريدة إدارة بايدن، متهما إياها بأنها لا تقدم للكيان ما يريد.
هجوم نتنياهو العلني بالعبري والإنجليزي، تنامى ولم يرتعش، رغم كل محاولات وسائل إعلام أمريكية وعبرية بالنيابة، أن تنال منه وأهدافه، بل سربت بعضا من مواقف تمس أسرته ومصالحها الخاصة، لكنه واصل هجومه إلى أن كانت الصفعة غير المحسوبة برميه مقترح بايدن والمفترض أنه بالأصل مقترح إسرائيلي في نفايات غزة التي تملئ كل حيز فراغ بها.
مقابل مشهد التحدي الصريح، الذي جسده رأس الحكم الفاشي نتنياهو، عقدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير اجتماعا بعد غياب طويل، ربما لا يتذكر أهل فلسطين متى حدث، فأصدرت بيانا خلى من كل ما له علاقة بـ "الدسم السياسي الوطني"، بيان وصفي لما يحدث فوق أرض فلسطين، من حرب إبادة جنوبا إلى حرب تدمير هوية شمالا، وصف فقد روح الانتماء للوطنية الفلسطينية، وأحال المفترض من هي "الخلية الأولى" في اتخاذ القرار الرسمي إلى "محلل سياسي" من الصنف التاسع، وليس جهة ينتظر منها أن تضع طريقا لمواجهة ذلك المشهد الوصفي.
بيان "تنفيذية منظمة التحرير"، جاء استجابة فاق المطلوب منها للإدارة الأمريكية، وقبلها لحكومة دولة الاحتلال والتهديدات التي لا تتوقف، بأن لا تذهب لأي خطوة يمكنها أن تصيب "أعضاء" تلك الخلية، رئيسا وأعضاء من "طوفان الغضب" الذي يهددهم، فاستبدلوا الصالح الوطني العام بالمصالح الفردية الخاصة.
كيف يمكن أن تصدر تلك "الخلية" بيانا وصفيا لأحداث يعرفها كل فلسطيني لها صلة بفلسطين، أو عابر سبيل مر عليها، كما بعض من يحكمونها راهنا بقوة غير قوة الأصل الوطني، ولا تقف أمام خطوات لا تحتاج أبدا سوى الإعلان، وهي متوفرة في درج مرافقي الرئيس عباس، وليس في ذاكرة الشعب منذ 9 سنوات، ولكنه يصر ألا ترى النور السياسي تحت ضغط سياسي، ومخاوف سياسية بحسابات غير فلسطينية.
أن يأت بيان "تنفيذية منظمة التحرير" بعد ساعات من طلب الوزير الفاشي المستوطن سموتريتش علانية بطلب حكومة الكيان التصويت على ضم 60% من الضفة الغربية، لقطع الطريق على وجود دولة فلسطينية، معززا موقف نتنياهو الذي قاله قبل 24 ساعة سبقت، دون اقرار خطوة عملية ليس سوى رفع راية الخنوع.
كان أكثر قيمة لـ "تنفيذية منظمة التحرير"، ان تبقى غائبة عن الحضور الوطني، من أن تفعل ما فعلت إهانة كبرى ببيان يمثل قمة الاستسلام السياسي للإدارة الأمريكية، والترهيب المباشر من قبل مؤسسة "المنسق العسكري" لدولة الاحتلال في أرض فلسطين المحتلة.
ما حدث يوم 24 يونيو 2024، يمثل نقطة فصل بين مرحلة ومرحلة، بأن زمن منظمة التحرير الوطني دخل في نفق مظلم على طريق أن تصبح "كادوك سياسي"، يحتمل كل ما يمكن أن يكون خيارات غير وطنية تدق جدران المشهد من الباب الغزي، عبر وصاية لم تعد مجهولة.
دون انتفاضة وطنية، من "بقايا فتح" و"بقايا قوى خارج التبعية" لقطع الطريق على انتصار "البديل الأمريكي" على حساب "الممثل الوطني".. فكل الطرق تصبح مفتوحة لخراب الهيكل الوطني العام.
ملاحظة: من باب احترام عشرات آلاف من شهداء دفعوا ثمنا في مسار مجهول..توقفوا عن "التمييز الإعلامي" بين شهيد وشهيد وفقا لارتباطات خاصة...لا طبقية في معركة لم يخترها أهلها..
تنويه خاص: لازم يكون في سؤال لطلبة "التوجيهي" في فلسطين "اكتب أسماء 10 وزراء حالين و8 من أعضاء تنفيذية منظمة التحرير"..مسبقا يمكن القول إن نسبة الفشل ستكون الأعلى من بين كل الأسئلة..وطبعا كلكوا عارفين ليش..مش هيك.