امرأة تركية تعمل مشغلة رافعة لإعادة بناء مرعش بعد الزلزال

H42-1719312129.webp
حجم الخط

وكالة خبر

تتوالى الحكايات بشأن الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا في السادس من فبراير/شباط 2023، والذي وصف بـ"كارثة القرن". ولأنه كذلك، لا تزال الجهود متواصلة لبلسمة جراح المتضررين جراء الزلزال.

من بين الأشخاص الذين يساهمون في هذه الجهود هي سلطان أوزتورك، مواطنة تركية تبلغ من العمر 28 عاما. وتعمل سلطان مشغلة رافعة في مشاريع إعادة البناء، حيث تصعد يوميا إلى ارتفاعات شاهقة لتؤدي واجبها بكفاءة ورباطة جأش. إن تفانيها وإصرارها يمثلان نموذجا يلهم كثيرين في مواجهة التحديات الكبيرة.

أوزتورك، أم لطفلة واحدة، تعمل في مشروع بناء "حي أذربيجان" في مدينة كهرمان مرعش، الذي يجري إنشاؤه بالتعاون بين إدارة الإسكان الجماعي التركية (توكي) وجمهورية أذربيجان.

وبفضل عزيمتها ونجاحها، تمكنت أوزتورك خلال فترة وجيزة من الحصول على تقدير زملائها ورؤسائها في العمل.

الحلم يتحقق

تقول أوزتورك، للأناضول، إنها بدأت مهنتها منذ نحو 6 أشهر، بعد أن أكملت دورة تدريبية في مجال تشغيل الرافعات، وإنها أحبت المهنة كثيرا وتفكر في مواصلة العمل فيها.

وتوضح أنها تشغل رافعة يبلغ ارتفاعها 27 مترا، وتزن 8 أطنان، مشيرة إلى أن نصف سكان قريتها التي ولدت وترعرعت فيها يعتمدون على العمل في مجال تشغيل الرافعات لكسب رزقهم، وأنها كانت تحلم بهذا العمل منذ صغرها.

وتعبر أوزتورك عن فرحتها بتحقيق حلمها قائلة: "العمل في مجال تشغيل الرافعات كانت المهنة التي طالما رغبت فيها وحلمت بها".

وتضيف: "سعيت وراء هذا الحلم حتى تمكنت من تحقيقه، هناك كثير من أفراد عائلتي وأقاربي يعملون في هذه المهنة".

وتتابع: "التحقت بدورات تدريبية لأصبح مشغلة رافعات، ونجحت في إكمال تلك الدورات التدريبية، وحصلت على شهادة مهنية".

تحديات مهنية

وبشأن التحديات التي واجهتها في بداية عملها، تقول أوزتورك: "في بداية مسيرتي المهنية عانيت من عدة عوائق لكوني امرأة".

وتوضح أنه "في النهاية، وافقت الشركة التي أعمل فيها الآن على إتاحة الفرصة لي للعمل هنا، بفضل دعم وثقة مدير المشروع وزملائي في العمل".

وعن ظروفها الخاصة، تردف: "في الحقيقة أنا أم قبل أن أكون مشغلة رافعات، لدي ابنة عمرها 5 سنوات، وقد عملت في عديد من الوظائف سابقا لتوفير مستقبل أفضل لها".

وتعبر عن فرحتها بمهنتها، فتقول: "الآن وجدت مهنتي التي أحلم بها وأستطيع دعم ابنتي بشكل أفضل، كنت أرى نساء يعملن في وظائف صعبة، وكنت أتعجب لذلك". وتشير إلى أن "النجاح يبدأ بالرغبة، ويستمر بالجهد، ويكتمل بعدم الاستسلام".

وتعتبر أوزتورك عملها "حساسا وصعبا"، مبينة أن الحفاظ على توازن الرافعة مهم جدا لضمان سلامتها وسلامة زملائها بالعمل.

وتكشف السيدة التركية عن أنها واجهت ردود فعل سلبية من عائلتها وأقاربها عندما أخبرتهم بأنها ستعمل في مجال تشغيل الرافعات، مما زاد من عزيمتها.

وتشير إلى أن زملاءها في العمل تفاجؤوا في البداية بوجود امرأة تعمل في هذا المجال، لكنهم اعتادوا ذلك مع مرور الوقت.

عودة الحياة في مرعش

وتؤكد أوزتورك أنها فخورة بمساهمتها في إعادة بناء مدينة كهرمان مرعش بعد الزلزال، وأنها تقوم بعملها بكفاءة، شأنها شأن بقية زملائها.

وتقول: "في كهرمان مرعش، التي كانت مركز الزلزال، بدأت المباني ترتفع من جديد مبشرة بعودة الحياة الطبيعية إلى المدينة".

وعن ظروف عملها، تضيف: "لدينا في موقع العمل قوالب حديدية وأعمال خرسانية مختلفة الأحجام".

وتختم حديثها بالقول: "أشكر رؤسائي وزملائي في العمل على دعمهم لي، وأرغب في تطوير نفسي أكثر، والعمل في نظام القوالب النفقية".

أهمية دور المرأة

بدورهما، أعرب كل من عامل الخرسانة المسلحة صالح كوسكا، وعامل القوالب الخرسانية محمد بويراز عن سعادتهما ورضاهما بالعمل مع أوزتورك.

وأكدا للأناضول أنهما لم يسبق لهما العمل مع امرأة في هذا المجال من قبل، لكنهما بعد مزاملتهما أوزتورك أصبح لديهما إدراك بأن دور المرأة مهم في المجتمع من الجهات كافة.

زلزال "كارثة القرن"

وفي السادس من فبراير/شباط 2023 ضرب زلزال جنوبي تركيا وشمالي سوريا بلغت قوته 7.7 درجات، أعقبه آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجات، إضافة لمئات الهزات الارتدادية العنيفة.

أودى الزلزال بحياة 53 ألفا و537 شخصا، كما أصيب 107 آلاف و213 آخرين بجروح.

وحسب بيانات أحصتها الأناضول، وظفت وزارة الصحة التركية 138 ألفا و190 شخصا من كوادرها في مناطق الزلزال، بين طبيب، وعنصر إنقاذ، وموظف خدمات صحية وممرض وغيرهم من العاملين في قطاع الصحة.

كما تم تسخير 1810 سيارات إسعاف، و245 سيارة تابعة لفريق الإنقاذ الطبي الوطني و16 طائرة إسعاف لخدمة سكان المناطق المنكوبة.

وخلال الفترة ذاتها، نفذت وزارة الصحة أكبر عملية إجلاء للمرضى في التاريخ، بنقلها 51 ألفا و665 مريضا ومصابا من مناطق الزلزال، عبر سيارات وطائرات الإسعاف والطائرات الرئاسية والسفن.

كما أقامت الصحة عديدا من المشافي الميدانية في المناطق المنكوبة، لتقديم الخدمات الصحية والطبية للمنكوبين والمرضى هناك.

المصدر : وكالة الأناضول