نظرية المقاومة وإسقاط نظرية الحق التاريخى

تنزيل (4).jpg
حجم الخط

بقلم د ناجي صادق شراب

 

 

نظرية الحق التاريخى نظرية إبتدعتها الحركة الصهيونية والتي تقوم على حق اليهود في فلسطين وأن هذا الحق تاريخى ، وهم يلجأون لإحياء هذه النظرية دائما لأنهم لا يملكون اى سند ودلائل وثوابت تثبت هذا الحق لا دينيا ولاتاريخيا. والبديل لذلك خلق الحقائق على الأرض وجعلها وقائع لها قوة التاريخ والمعتقد ،ومن ثم تحويلها لحق تاريخى ثابت. وهذا ما نراه اليوم في إنشاء المستوطنات على الأرض وخلق حالة من الإرتباط بين المستوطنيين وهذه الأرض . والربط بين مستقبلهم وبقائهم في هذه الأرض. وهذه النظرية تقوم على عدد من السرديات والمقولات أبرزها:


1- سردية أرض بلا شعب لشعب بلا ارض. والرد على المقولة ليس صعبا بالتواجد التاريخى للشعب الفلسطينيى بما يملكونه من حقائق تاريخية ومثبته في قلب الأرض وعلى سطح الأرض.


2- التطهير العرقى ومعناه أن ألأرض التي يتم الحديث عنها مسكونة من قبل شعب وشعوب أخرى لا تملك هذا الحق. ولإعادة الحق التاريخى لا بد من إجلاء وطرد هذه الشعوب، ولعل النكبة وتهجير مئات الآلآف من الفلسطينيين من قراهم ومدنهم الأصلية دليل على هذا النهج الذى تقوم عليه سياسة إسرائيل وما نراه اليوم في حرب غزه التي تعمل على الدفع نحو الهجرة القسرية بتدمير كل مقومات الحياة.، وحيث ان هذه المقاربة قد فشلت ببقاء السكان ألأصليين في أرضهم والتى لم يغادروها تذهب إسرائيل لقول ان هؤلاء لا يملكون صفة شعب وأنهم مجرد جماعات سكانية وفدت للعيش في إسرائيل .


3- تزوير النقوش الأثرية والتلاعب بها بالوثائق التاريخية كالبحث عن الهيكلوبتدمير آ ى أثار فلسطينية وطمسها..


وفى تحليل هذه المقولات يقول الدكتور حسن صبرى الخولى:يقرر الصهيونيون أن فلسطين هي الأرض التي وعدهم الله بهاتأسيسا على ما جاء في التوراة وأن الله قد وعد إبراهيم عليه السلام وذريته من بعده بفلسطين.لإنشاء دولة فيها.مستندا في ذلك بسفر التكوين 15- لنسلك أعطى هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبيرإلى نهر الفرات.ويضيف أن الوعد ألألهى ليس لليهود وحدهم ، وعليه فالحق في فلسطين ليس مقصورا على اليهود وإنما لذرية إبراهيم على الإطلاق.


والسؤال المهم هنا لماذا لم يظهر هذا الحق التاريخى طوال القرون الماضية . والإجابة ببساطة أن فلسطين لم تكن المرشحة فقط لهم .هيرتزل حاول الحصول على مكان في موزمبيق أو الكنغو، ولقب ماكس نوردوبالأفريقى وحاييم ويازمان بالأوغندى ورشحت الأرجنتين وقبرص وأوغندا . وبعدها حول هيرتزل فلسطين لقضية أمنية غلبتها العواطف وكان المؤتمر التاسيسى ألأول للحركة عام 1897 وبقراءة نصوصه إنشاء وطن قومى لليهود هنا البعد الدينى ، ونص بأهمية التحالف الدولى لتحقيق هذا الهدف، وهذا ما يؤكد لنا ان قيام إسرائيل جاء لحل المشكلة اليهودية في أوروبا على حساب شعب آخر تحول للإحتلال.


وهى نتيجة تحالف إستعمارى صهيونى لتؤدى إسرائيل وظائف كدولة بالوكالة للغرب في قلب أهم منطقة إستراتيجية في العالم الهدف ان تبقى في حالة من التفكك. ولتقوم الدولة كان لا بد من تبنى بعض المقولات وإحياء الحق التاريخى، وتحقيقا لهذا الهدف كان وعد بلفور المدعوم من الولايات المتحده وقتها ووضع فلسطين تحت سياسة الإنتداب البريطاني وصولا للقرار الأممى 181 بقيام إسرائيل كدولة ومن بعدها التبنى الأمريكى وحماية إسرائيل بالفيتو الأمريكى لتقوم بالتمدد والتوسع بحرب 1948 وحرب 1967 وضم كل الراضى الفلسطينيى وكما رأينا في توظيف الفيتو ألأمريكى في حرب غزه لحماية إسرائيل وتبرير حربها.


ورغم إعتراف المنظمة وتوقيع إتفاقات أوسلو على ان تقوم دولة فلسطينية بعام 1999 إلا إن إسرائيل وعبر كل حكوماتها ترفض فكرة الدولة لأنها تسقط الحق التاريخى، وتتعامل مع الفلسطينيين ليس كشعب بل كجماعات سكانية لها بعض الحقوق الاقتصادية.


ويكفى هنا الإشارة إلى مؤتمر الحاخامات الذى عقد في مدينة كاليفورنيا في أواخر القرن 19 أن الرسالة الروحية التى يحملها اليهود تتنافى مع قيام وحدة سياسية يهودية منفصلة.


والسؤال عن نظرية المقاومة ولماذا تقوم إسرائيل برفض فكرة المقاومة ووصف ما يقومون به بالإرهاب؟ والإجابة واضحه وفقا لمبادئ القانون الدولى ان المقاومة المستمرة من قبل شعب تحت الاحتلال تسقط كل مقومات نظرية الحق التاريخى. فهذا الحق يتطلب قبولا وإستسلاما من الشعب الذى يرفض الاحتلال.


وتاريخيا ومنذ وعد بلفور والشعب الفلسطينيى يرفض كل أشكال الاحتلال، ومن ثوورة لأخرى ومن هبة جماهيرية لأخرى منذ عشرينات القرن الماضى وصولا للوضع السائد الذى تشهده الأراضى الفلسطينية، والحروب والحصار الذى تمارسه إسرائيل، وسقوط الشهداء، فالفلسطينيون قدموا اكثر من مئة ألف شهيد ومئات الآلاف من الجرحى ففي حرب غزه وحدها ما يقارب الأربعين ألف شهيد وأكثر من مائة ألف جريح وفقدوا أحد أعضائهم، وما الأسرى والمتعقلين لدليل آخر على المقاومة، وهذا إن كان له دلالة تاريخية وسياسية سقوط نظرية الحق التاريخى، وحق الشعب الفلسطيني بقيام دولته، وهذه المقاومة تدعم الطلب الفلسطيني للمحكمة الدولية عن ماهية الأحتلال، فالدليل القاطع ان إسرائيل دولة إحتلال وتمارس العنصرية ضد المقاومة الشعبية التى يمارسها الشعب الفلسطيني . وهذا يفسر لنا محاولات إسرائيل إجهاض المقاومة ولفشلها تذهب لوصفها بالإرهاب، فالمقاومة حق للشعوب أما ألإرهاب فتمارسه جماعات خارجه، وهذا ما فشلت فيه إسرائيل. ويبقى إذا إسرائيل أقامت دولتها وهى لا تملك من الحقوق التاريخية وبدعم دولى فالأجدر ان تقوم دولة الشعب الفلسطينى الذى يملك الحق التاريخى والسياسي والحضارى والدينى.

 

 في هذا السياق تبرز أهمية المقاومة الفلسطينية وخصوصا في شقها السلمى المدنى الكامل، وإن كان القانون الدولى يعطى للشعب الفلسطينى الحق بالمقاومة حتى العسكرية الشرعية حتى يرفع الاحتلال وقيام دولته المستقله.