مصطفى البرغوثي .. ثقافة الاعتذار

تنزيل (10).jpeg
حجم الخط

بقلم : غسان زقطان

 

خلال الشهور التي تلت السابع من أكتوبر الماضي، ظهر د. مصطفى البرغوثي، ضمن أسماء أخرى، كمتحدث مؤثر باسم الشعب الفلسطيني في المشهد العالمي، كان حضوره أبعد من مجرد معلّق على الأحداث، أو ضيفا مطيعا أمام الأسئلة الصغيرة للفضائيات، وأعمق أثرا من سياسي يترأس فصيلا يساريا يتحرك داخل قفص أجندة حزبية ضيقة، وضمن مساحة أوسع على صعيد العالم، كان محاورا نديا في أكثر من محطة، عربية وأجنبية، استطاع عبر خبرته وشبكة العلاقات الواسعة التي يملكها أن يذهب أبعد من ذلك، نحو أداء وطني مستقل وفي سياق مدونة وحدوية.
الحقيقة أن الشهور التسعة الأخيرة سمحت بظهور أسماء مؤثرة سجلت حضورها في المشهد العالمي، بمن فيها بعض الدبلوماسيين الفلسطينيين، مثل مندوب فلسطين في الأمم المتحدة رياض منصور والسفير الفلسطيني في لندن حسام زملط وآخرين.
قبل أسبوع، ربما، التقيت د. مصطفى في أحد المتاجر وقلت له: شكرا على حضورك وعلى الجهد.
مؤخرا، أثيرت بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي قضية تواجده في ندوة مع وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق الأكاديمي شلومو بن عامي، ستضاف هنا مصافحة حارة بين الاثنين، ولكن أيضا الخطاب الذي ألقاه البرغوثي في الندوة الدولية، وهو خطاب وطني ذكي وهجومي، إذا جاز التعبير، ومؤثر، إذا حسبنا ردة فعل الحضور واستقبالهم لحقائق وأفكار الخطاب.
لا أدين المشاركة في الندوة الدولية وسأمدح الخطاب، ولكني لا أدافع، على الإطلاق عن المصافحة مع بن عامي.
في مواجهة الهجمة التي وصلت حدود التشهير، وخرجت تماما عن مقتضيات الاعتراض والنقد نحو الشخصي وتصفية الحسابات، أصدر البرغوثي بيانا شخصيا، يوضح موقفه، الحقيقة لم يكن ذلك مألوفا في المشهد الفلسطيني، خاصة حين يعترف سياسي فلسطيني وأمين عام فصيل عامل بخطئه، ويصدر بيانا باسمه الشخصي ودون أن يستخدم فصيله كدرع بشري في مواجهة حملة الاتهامات.
ثقافة الاعتذار تكاد تكون خارج التقليد السياسي الفلسطيني، القادة لا يخطئون عادة في بلادنا، الشعب هو الذي يرتكب الأخطاء دون توقف ويورط بها القادة الذين يواصلون التنظيف خلفه.
لا أحد يعتذر رغم الكثير من الكوارث الوطنية التي تسبب بها سياسيون ما زالوا يحدقون بنا منذ عقود من مناصبهم الأبدية.
ورغم أنها، ثقافة الاعتذار، كانت ستساعد في تجاوز هذه الكوارث التي منها الانقسام.