قضاء الوقت مع الأطفال من أهم النعم التي تتمتع بها الأمهات، ولكن قد تضطر الأم لترك طفلها نظرا لظروف عملها، أو الذهاب إلى مكان لا يصلح للأطفال كاجتماعات الأصدقاء والأماكن الرسمية، وفي هذه الحالة تلجأ الأم إلى دوائرها المقربة سواء الجدة أو الخالة أو العمة، أو تستأجر مربية أطفال أو جليسة أطفال للعناية بالطفل خلال فترة غيابها عن المنزل.
ولكن بعد بلوغ الطفل السن القانوني الذي يسمح له بتحمل المسؤولية، تميل الأم لترك الطفل بمفرده في المنزل كنوع من التدريب على الاستقلالية وتحمل المسؤولية، طالما أن عوامل الأمان تتوفر له.
أولا: السن القانونية لترك الطفل بمفرده في المنزل
بحسب القوانين، يمكن تقسيم الفئات العمرية للأطفال عند تصنيف إمكانية بقاءهم في المنزل بمفردهم كالتالي:
- الأطفال تحت سن 7 سنوات: لا يُسمح بترك الطفل تحت سن 7 سنوات بمفرده في المنزل مهما كانت الفترة الزمنية قصيرة. وتُلزم الأم بتدبير مرافق للطفل يقوم على رعايته وحمايته خلال فترة غيابها.
- الأطفال من 7 إلى 12 عاما: يمكن ترك هذه الفئة العمرية في المنزل بدون مرافق لفترة لا تتجاوز 3 ساعات، بشرط التأكد من تهيئة الطفل واستعداده للبقاء في المنزل، وتوفير إجراءات الأمن والسلامة والاحتياجات الأساسية التي يحتاجها للمعيشة.
- الأطفال من 12 إلى 16 عاما: يمكن ترك هذه الفئة العمرية في المنزل بدون مرافق لساعات طويلة، بشرط عدم تركهم طوال الليل. أي يمكن للأم أن تترك الطفل طوال اليوم، ولكن بشرط العودة مساء للمبيت معه.
ورغم تحديد القوانين للسن القانونية الواضحة، فإن بعض الأمهات يرفضن ترك الطفل بمفرده في المنزل إلا بعد التأكد من استعداده النفسي والعقلي.
ثانيا: هل طفلك مستعد للبقاء في المنزل بمفرده؟
قد يبلغ طفلك السن القانوني الذي يسمح له بالبقاء في المنزل بمفرده، كما تظهر عليه علامات تحمل المسؤولية، ولكن تظل هناك نسبة من القلق تترك داخلك تساؤلا حول قدرة طفلك الحقيقية على البقاء بمفرده، وهل سيتمكن فعلا من حماية نفسه؟.
لا مجال للمراهنة على أمان طفلك أو السماح بهامش من المخاطرة، لذا يمكنكِ حسم هذا اللغط عبر إجابة 5 أسئلة:
- هل يلتزم طفلك باتباع قوانين المنزل (خاصة التي تندرج تحت إجراءات السلامة والأمان)؟
لكل منزل قوانين تضعها الأم، سواء فيما يتعلق بوقت الشاشة أو اللعب أو حتى روتين النوم والطعام. تحققي من مدى التزام طفلك بالقوانين، هل يتبع القوانين أم يمتلك شخصية متمردة ترغب في كسر القوانين باستمرار؟ إذا كان طفلك متمردا وغير ملتزم بالقوانين، فمن الخطر تركه بمفرده في المنزل، بعكس الطفل الملتزم بالقوانين.
- هل وجود طفلك بمفرده يصيبه بالخوف؟
هناك أطفال يخافون من البقاء بمفردهم ولو لفترة قصيرة. لا تعرضي طفلك لتجربة مرعبة لأنكِ ترغبين في تعويده على الاستقلال. اسألي طفلك هل يخاف من البقاء بمفرده، فإذا كانت إجابته نعم، لا تعرضيه لهذه التجربة وامنحيه الوقت الكافي للاستعداد.
- هل سيكون طفلك مسؤولا عن نفسه فقط أم عن إخوته الأصغر سنا؟
إذا كنت تفكرين في ترك طفلك مع شقيقه الأصغر، فيجب التأكد من أنهما على وفاق ومنسجمان، أما إذا كانا يقتتلان ويتشاجران طوال الوقت، فلا مجال لتركهما معا دون رقابة.
- هل لديكِ خطة احتياطية في حالات الطوارئ؟
على الرغم من كل إجراءات السلامة والأمان التي توفرينها لطفلك في المنزل، فإن وجود خطة احتياطية في حالات الطوارئ أمر لابد منه. الخطة الاحتياطية للطوارئ مثل جار موثوق به أو أحد أفراد العائلة يستطيع الوصول للطفل في وقت قياسي بمجرد الاتصال به.
- 5- كيف يتعامل طفلك مع الإشراف الذاتي خلال الفترات القصيرة؟
يبدأ اعتماد طفلك على نفسه في الإشراف الذاتي عبر تركه دقائق محدودة، سواء لشراء غرض من مكان قريب، أو التواصل مع أحد الجيران مثلا، وخلال هذه الفترات القصيرة يمكنكِ اكتشاف مدى كفاءة طفلك في الإشراف الذاتي وحماية نفسه والالتزام بالقوانين خلال غيابك. نجاح الطفل في البقاء بمفرده فترة قصيرة، بمثابة إشارة الأمان لإمكانية تركه فترات أطول دون قلق.
ثانيا: خطة التدريب
بعد التأكد من أن طفلك مستعد للبقاء بمفرده في المنزل، تبدأ مرحلة تدريب الطفل على هذه الخطوة المهمة في طريق استقلاليته، ويمكنكِ تدريب طفلك عبر الطرق التالية:
1- ضعي خطة مستقبلية
لا تقرري ترك طفلك بمفرده في المنزل فجأة، يجب أن تكون هناك خطة، وتمهيد للطفل قبل تركه، والاتفاق معه على الزمن الذي سيقضيه وحده، والتأكد من أنه مستعد للالتزام بالقوانين في غيابك. تحلي بالصبر والحكمة.
2- راجعي مع طفلك القواعد
قواعد الأمان في غيابك، وقوانين المنزل التي تتعلق بسلوك طفلك وروتينه اليومي، يجب مراجعتها مع طفلك قبل تركه بمفرده. ويمكنكِ طباعتها على ورق ملون ولصقها بشكل مرح بحيث يستطيع طفلك الرجوع لها إذا نسى أي شيء.
3- ابدئي التدريب في سن مبكر
كلما بدأتِ في تدريب طفلك في سن مبكر، كان أمامك متسع من الوقت لتدريب طفلك بهدوء وصبر، وأصبح طفلك أكثر التزاما بالقوانين في غيابك، وأكثر تحملا للمسؤولية واعتمادا على نفسه. ابدئي بفترة قصيرة جدا لا تتعدى العشر دقائق، المهم أن تلتزمي بالسن القانونية.
4- ضعي طفلك تحت الاختبار
دعي طفلك يعلم أن المرة الأولى هي بمثابة اختبار له، وعند عودتك سوف تقومين بتقييم سلوكياته أثناء غيابك، وبناء عليه يصبح القرار بتكرار التجربة أو التوقف عن المحاولة فترة كافية لاستعداد طفلك.
5- التواصل المستمر مع الطفل
يجب أن تكون هناك وسيلة تواصل مع طفلك على مدار وقت وجوده بمفرده في المنزل. إذا كان طفلك في سن صغير، يجب أن تتواصلي معه كل 30 دقيقة مهما كانت درجة ثقتك بالطفل، وتتباعد الفترات بين الاتصالات كلما زاد سن الطفل.
6- خصصي مكافأة لطفلك
نجاح طفلك في التدريب والاختيار وقدرته على البقاء بمفرده في المنزل مع الالتزام بالقوانين والحفاظ على سلامته وتقديم الرعاية الذاتية لنفسه، أمر يستحق الاحتفال، فهو بمثابة خطوة كبرى على طريق استقلالية طفلك ونضوجه. كافئي طفلك ليشعر بامتنانك وفخرك وتقديرك له، مما يحفزه على المزيد من الاستقلالية والالتزام.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية