وضعت وسائل إعلام القيادي الفلسطيني محمد دحلان على رأس قائمة المراهنات حول شكل وطبيعة ما يسمى «باليوم التالي» للحرب في غزة. إلا أن دحلان يؤكد أنه لا ينشغل إلا بتقديم الإغاثة للمدنيين في غزة استناداً إلى دعم دولة الإمارات، مشدداً على أنه لن يدعم أي خيار إلا ضمن تفاهمات وطنية فلسطينية تقود لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني عبر عملية ديمقراطية شفافة، وتوفير خطة عمل دولية تفضي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
ووصفه معلقون إسرائيليون بـ«الإرهابي»، وهو نفس الوصف الذي يمنحونه عادة لكل مقاوم ضد الاحتلال.
وقال الكاتب والمحلل الإسرائيلي يوني بن مناحم إن دحلان «رجل خطير»، وإنه صديق ليحيى السنوار ومحمد الضيف وعلى اتصال منتظم مع زعيم حماس إسماعيل هنية. كذلك قال رئيس الشاباك الإسرائيلي السابق، آفي ديختر، إن «لدحلان وجوه عدة، فهو شريك في عمليات السلام، ولكنه لم يمنع الإرهاب». في حين قال قائد المنطقة الجنوبية السابق بجيش الاحتلال، دورون ألموغ، إن دحلان «شخص برغماتي، يتحدث معنا عن أهداف مشتركة، بينما تم في مقره إنتاج صواريخ القسام الأولى». وقال آخرون إنه أمل اليسار في إسرائيل، وأنه بشّر اليهود بأن الزعماء الغربيين لا يريدون عودة اليهود إلى أوروبا.
فيما أعاد بعضهم نشر تصريحات سابقة حول موقفه عن الضفة الغربية والقدس، بإقامة دولة واحدة وحقوق متساوية، وأن الانتخابات ستكون الفيصل.
اليوم التالي بغزة
ووضعت صحيفة «وول ستريت جورنال» دحلان على رأس قائمة المراهنات حول شكل وطبيعة اليوم التالي للحرب على غزة، وتساعد تلك المراهنات على ملء الفراغات التي عجز المراهنون – ومن بينهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن – عن سدها على أرض الواقع حول طبيعة «اليوم التالي».
والواقع يقول إن أحداً لن يملي على غزة ولا الضفة الغربية ما لا يتوافق عليه الفلسطينيون أنفسهم. وفي حدود ما يقوله الواقع، أعاد دحلان التأكيد على أنه وزملاءه الآخرين ينشغلون بتقديم الإغاثة لشعب غزة، استناداً إلى دعم دولة الإمارات العربية المتحدة، وأن وقف الحرب هو الأولوية القصوى، وأنه لن يدعم أي خيار إلا ضمن تفاهمات وطنية فلسطينية تقود لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني عبر عملية ديمقراطية شفافة، وتوفير خطة عمل دولية موثوقة تفضي إلى تجسيد نضالات الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وعاد دحلان ليؤكد أنه رفض مراراً أداء أي دور أمني أو حكومي أو تنفيذي، ولكن المضاربين باسمه لم يتوقفوا عن التلويح بذلك مجدداً.
تاريخ من النضال
وللقيادي محمد دحلان تاريخ في النضال السياسي الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، سواء عبر دوره في حركة فتح أو كرئيس جهاز الأمن الوقائي الأسبق في غزة وبمنظمة التحرير الفلسطينية.
ولد محمد دحلان في قطاع غزة بمخيم خان يونس لأسرة مهجرة عام 1948، وتقلد العديد من المناصب في حركة فتح، وأصبح أحد أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، وتم اختياره لرئاسة جهاز الأمن الوقائي في القطاع بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو.
كما كان عضواً في فريق التفاوض الفلسطيني في مرحلة ما بعد التوقيع على اتفاق أوسلو، مروراً بمفاوضات القاهرة 1994 ومفاوضات طابا وواي ريفر و«كامب ديفيد 2». طالب في 2001 بإجراء إصلاحات في السلطة الفلسطينية، وحاول تنفيذ حملات من أجل مكافحة الفساد. وفاز في انتخابات فتح الداخلية في قطاع غزة، وتم انتخابه في 2006 في المجلس التشريعي الفلسطيني.
وفي 2007 قام محمود عباس بتعيينه لقيادة مجلس الأمن القومي الفلسطيني للإشراف على جميع قوات الأمن الفلسطينية، وفي 2007 استقال من منصبه كمستشار للأمن القومي، ليصدر بعدها الرئيس الفلسطيني مرسوماً بحل مجلس الأمن القومي.
اعتقله الاحتلال لخمسة أعوام من 1981 وحتى 1986 قبل أن تصدر إسرائيل أمراً بترحيله إلى الأردن.