الكاتب: المتوكل طه أعود إلى أول الياسمين لأحلم بالثلج والنار،
أبكي على شهوتي،
والأعنّة مربوطةٌ بالزمان المقيّد بالعار والناس.
ماذا سأهذي لهذي الكآبة، والغيم لفّع غابات صدري؟
في حارقي رغبةٌ بالبكاء المريع،
وفي خافقي رغبةٌ بالرحيل إلى نجمةٍ لا تراها النجوم.
تعبتُ من الحرف والسيف والرمح،
من كاتب يشتهي البرقَ والصورَ المُشرعات.
تعبتُ من الريحِ والقهقهات،
ومن شارع لا يخاف الدماء،
من العابثين بروحِ السماء،
من الكاذبين، على صدقهم للفداء،
تعبثُ من الطعن في التبر،
إني أخاف الكلامَ الحلالَ وصمتَ البنادق،
إني سأعلن صمتي الكبير احتراماً لآدم،
إني بعيدٌ عن الواضحين،
قريبٌ لأول ثلج بريء،
وأعلن أني استقلت استقلت.. من الغار والنصر والغامضين،
فهذي الهزائمُ والانفلاتُ ورعبُ الكوابيس يدفعني للبكاء،
ولكنني أستقيلُ نهاراً وليلاً وشهراً وعاماً وعقداً وقرناً إلى أن يحين الزمانُ..
لماذا تعوّدتُ هذي الكتابة؟
أمدح ريحَ الحجارة حيناً،
وحيناً أساجل عنفَ السجين.
لماذا تعوّدت ما يشتهيني،
وأسلمتُ ليلي لِطَيفٍ رتيب،
أزوّق ما خرّبته الأيادي وأهدم ما قد أصلحته الأيادي،
تعبتُ تعبتُ كما يتعب اللحمُ من شفرات الحديد،
وأطلقُ روحي في سبحاتِ الخيال، لعلي
ألقى السؤال البعيد: "لماذا"،
وماذا إذا لم نجده سنيناً،
سنبقى -إذاً- هكذا تائهين؟
أعودُ لأنسى جرارَ المرارة والحزن والتبغ
عند التقاء الشفاهِ الرقيقة،
عند اشتعال الغناء بصدري،
عند اعتذار الجدار لأرض الطيور،
وعند التجاوز، عند التحام الرصاص بأغنية للصغار،
وماذا إذا طالعتنا الكواكبُ حزناً جديداً،
أنبقى -إذاً- هكذا متعبين؟
أعود إلى أول النار والثلج
حتى أربّي عروشَ الزنابق والورد،
أُهدي القرنفلَ للشمس،
والشهدَ للخيل،
والغصنَ للسجن،
أهدي الهيولا لذرّاتها في مكان الهيولا،
ليصبح لي زمنٌ في تواريخنا المثخنات،
ولكنه زمنٌ مرهقٌ بالذباب الثقيل،
وهذي اللزوجة للقفز والهرولات،
ولا أحدٌ في انفلات الأعنّة يقرع طبلَ المخاوف للقادمين
أو الذاهبين.
جنونٌ من الارتخاء المريب يخيم في الصدر والشفتين،
ولا أحدٌ يجرح الصمتَ بالضوءِ،
لا أحدٌ يشعل النورَ في النفق المرّ
خوفاً من القول: هذا حريق.
وكلّ بلذعته استمرأ الخوفَ والذلَّ،
ينسى الدماءَ اللآلئ والسجنَ والرعبَ والتعبَ الحقَّ،
وما ظلّ إلا الذي ظلّ في البال،
ذكرى تشع بقنديلها دون مرمى،
ونبقى -إذاً- هكذا متعبين.