نظرة علي مؤتمر الحزب الديمقراطي بالولايات المتحدة

thumb.jpg
حجم الخط

بقلم محسن أبو رمضان

 

 

 

أمد/ تركزت الانظار يوم العشرين من أغسطس علي مؤتمر الحزب الديمقراطي بالولايات المتحدة والذي عقد في مدينة شيكاغو .
تعود الاسباب في ذلك الي ان المؤتمر يأتي في سياق السباق الانتخابي المحموم بين الحزبين الكبيرين المتنافسين اي بين الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري .
تظهر  استطلاعات  الرأي عن حالة من التنافس  الشديد بين الحزبين في المعركة الانتخاببة الراهنة .
يسجل للحزب الديمقراطي اختيارة مراة لرئاسة الحزب وترشيحها لمنصب الرئيس وخاصة ان أصولها من جامايكا وهي احدي بلدان اميركا اللاتينية اي انها من بشرة ليست بيضاء. 
لعل ذلك الاختيار يشكل ردا علي نزعة التفوق العرقي العنصرية التي يمثلها ترامب وعدائة الواضح للمهاجرين وتاكيدة لشعار اميركا اولا وانها للامريكان ففط  وليست لابناء الاعراق  الاخري الذين أتوا للولايات المتحدة من أصول متعددة منها الإسلامية والعربية والافريقية والاسيوية واللاتينية .
وبالوقت الذي حذر الرئيس بايدن بهذا المؤتمر وغيرة من المناسبات من مغبة فوز ترامب ومخاطر انعكاس ذلك علي مستقبل الولايات المتحدة علي الصعد الخاصة بالحريات الديمقراطية وبمبدأ التداول السلمي للسلطة مذكرا بهجوم الكابيتول الذي اقدم علية مؤيدي ترامب بتعليمات منة الأمر الذي من الممكن أن يؤثر علي مستقبل الديمقراطية بالولايات المتحدة وبداية تحويلها الي نظام شمولي يقودة اليمين الشعبوي برئاسة ترامب الا انة لم يقم بانتقاد سياستة الخارجية التي يتطابق بها معة خاصة بدعم دولة الاحتلال   .
ان انتقاد سياسة ترامب الداخلية من قبل بايدن وغيرة من قادة الحزب الديمقراطي ومن كاميلا هارس  مرشحة الحزب  يجب أن يتكامل مع انتقاد سياستة الخارجية أيضا علما بان سياسة بايدن الخاجية اتسمت بتوتير العلاقات الدولية ودعم اشعال الحروب خاصة في مواجهة كل من روسيا والصين . 
تميز مؤتمر شيكاغو بوجود مجموعات واسعة وخاصة من جيل الشباب  مناصرة للقضية الفلسطينية ومنددة باعمال الابادة الجماعية التي تقوم بها دولة الاحتلال بحقة .
صحيح ان كاميلا هاريس بالمؤتمر الصحفي المشترك الذي عقدتة  مع نتياهو عندما قام بزيارتة الأخيرة للولايات المتحدة وبعد خطابة الدعا ئي والتضليلي بالكونجرس الأمريكي  كانت قد صرحت انها لن تصمت علي قتل المدنين الأبرياء وعلي تدهور الحالة الإنسانية في غزة ولكنها سبقت ذلك بتاكيدها علي التزام اميركا بامن دولة الاحتلال وبحق الأخيرة(بالدفاع عن النفس ).
كما اعتبرت حماس( حركة إرهابية).
واضح انة يوجد ثوابت بين الحزبين الامريكيين بما يتعلق بامن إسرائيل وحمايتها وهذا جزء لا يتجزأ من سياسة الدولة العميقة بالولايات المتحدة الا انة يوجد خلاف تكتيكي من خلال محاولات الحزب الديمقراطي اشاعة فكرة حل الدولتين والتي اتضح انها مجرد فكرة دعائية وتهدف الي الهاء الراي العام وخداعة حيث لم تقم الادارة الامريكية الديمقراطية باية اجراءات تعكس مصداقيتها علي العكس من ذلك فهي تدعم كل الممارسات الاحتلالية التي تقوض من فرص اقامة الدولة الفلسطينةالمستقلة. 
هناك مؤشرات عن محاولة هاريس الابتعاد خطوة عن سياسة بايدن الداعمة بلا حدود لدولة الاحتلال من خلال تصريحاتها عن خطورة تدهور الاوضاع الإنسانية في غزة ولكنها رفضت الإشارة الي إمكانية ان ياخذ حزبها اذا ما فازت بالانتخابات الرئاسية قرارات لوقف تصدير الأسلحة وهو مطلب واسع داخل قاعدة الحزب الي جانب مطالب النقابات ودافعي الضرائب الذين يرفضون توظيف اموالهم لدولة مارقة تخرق القوانين الدولية ومتهمة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية واعمال الابادة الجماعية الي جانب تطبيق نظام الابارتهاييد والتميز العنصري كما أشارت محكمة العدل الدولية في قرارها الاستشاري الأخير عن حالة الأراضي الفلسطينية المحتلة. 
ستخطئ ادارة حملة هاريس اذا أرادت المنافسة علي اصوات الايباك وهو اللوبي الصهيوني المؤثر بالولايات المتحدة. 
ان التنافس مع الحزب الجمهوري علي اصوات الايباك يعتبر احد الاسباب الرئيسية التي دفعت بايدن لعدم اتخاذ قرارات وضغوطات جادة علي حكومة نتياهو بوقف العدوان البربري علي قطاع غزة. 
واذا كان تشخيص كل من بايدن و هاريس ان الولايات المتحدة تمر بحالة من الاستقطاب بالمعركة الانتخابية الراهنة حيث حذروا من مغبة الانزياح نحو اليمين بما يهدد القيم الليبرالية التي تتبناها الولايات المتحدة. 
فإن هذا التشخيص يجب أن يدفعهم للرهان علي القطاعات الاجتماعية والعرقية المتضررة من مخاطر انتصار اليمين ومنهم المولونيبن والسود والزنوج والعرب والمسلمين واللاتينين والاسيويبن الذين يشكلون كتلة وازنة قادرة علي حسم الانتخابات لصالح هاريس والديمقراطين.
ان الانزياح للتيار اليساري بالحزب الديمقراطي بقيادة بيرني ساندرز  هو الذي من المرجح ان يساهم بحسم الانتخابات لصالح الديمقراطين بدلا من السياسة الوسطية والتي تميل أيضا لموقف اليمين الشعبوي بقيادة ترامب  خاصة بدعم دولة الاحتلال بلا حدود.
ان الفرز المذكور سيعمل علي استقطاب الكتلة الانتخابية غير المقررة والتي لم تحسم أمرها بعد  لصالح الطرف ذو البرنامج السياسي الواضح والمتناقض مع برنامج الخصم وهو بهذة الحالة اليمين الشعبوي الذي يمثلة ترامب والذي هو مؤيدا بالكامل لسياسة اليمين الفاشي  في دولة الاحتلال وليس ادل علي ذلك من صفقة القرن .
وعلية فاذا كانت البرامج السياسية متشابهة فإن المنتصر سيكون صاحب النسخة الاوضح الأمر الذي يتطلب من الحزب الديمقراطي الاعلان عن رؤية نقيضة للحزب الجمهوري بصورة واضحة وخاصة بما يتعلق بالعلاقة مع دولة الاحتلال. 
وللتذكير وفي سياق المقارنات فقد حاول شمعون بيريس في منتصف التسعينات من القرن الماضي عندما ترأس حكومة الاحتلال بعد مقتل رابين إظهار فاشية ووحشية ضد جنوب لبنان وقد قام بارتكاب مجزرة قانا .
كانت النتيجة قيام الجمهور الاسرائيلي بانتخاب نتياهو والليكود حيث اختار النسخة الأصلية بدلا من المقلدة ،علما بأن حزب العمل هو المتسبب الرئيسي في نكبة الشعب الفلسطيني وفي تقويض حقوقة الوطنية ولكنة كان يلبس قفاز من حرير عبر مخاطبة الرأي العام بلغة اكثر دبلوماسية من اللغة اليمنية الفظة والمتغطرسة التي يستخدمها اليمين في دولة الاحتلال.  
وعلية فإن لم يتدارك قادة الحزب الديمقراطي مخاطر التماهي مع ترامب في سياستة الداعمة بلاحدود لإسرائيل ويتراجعوا عن سياسة بايدن التي اثبتت شراكتها مع دولة الاحتلال في حرب الابادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ويستحيبوا لاصوات الكتلة الشبابية الواسعة والمؤثرة بالحزب الي جانب اصوات المجموعات التي هي من أصول واعراق متعددة   فإن مخاطر الفشل هي المرجحة أمامهم.