نتنياهو يعود من جديد وبقوة أكبر ويعود «الليكود» الذي هبط في الكنيست السابقة لتسعة عشر مقعداً إلى حزب مركز حقيقي بعد أن حصل على ما يقارب المليون صوت، أي ربع الناخبين في إسرائيل ليرفع عدد مقاعده إلى ثلاثين مقعداً لم يحلم بها نتنياهو نفسه، والذي بدا قبل أربعة أيام من الانتخابات يسلم بالهزيمة قبل أن يستدعي ممثلي الكتل الاستيطانية ليحذرهم من أن فوز هرتسوغ يعني أن يجهزوا أنفسهم لحزم حقائبهم، متعهداً لهم في حال فوزه بالانتخابات أنه لن تقام دولة فلسطينية ولن تخلى مستوطنات.
كان ذلك اللقاء يوم الجمعة الماضي، في منزله في إطار حملة التخويف التي مارسها على شرائح المجتمع الإسرائيلي، وقد نجحت، حيث تحولت المستوطنات إلى قلاع انتخابية لحزب «الليكود» ليجرف منها أصوات البيت اليهودي، كان ذلك هو نتنياهو الحقيقي، عندما انحرف قبل عقد ونصف العقد نحو التسوية سقط وخسر السلطة، وحين تمركز في الوسط تحت الضغوط الدولية تحطم حزبه إلى ما دون العشرين، وحين عاد إلى مكانه الطبيعي كوريث لليمين القومي الاستيطاني فرش له الناخب الإسرائيلي البساط الأحمر نحو رئاسة الحكومة.
الأسوأ من ذلك أن نتنياهو في الأيام الأخيرة للحملة الانتخابية كشف وجهه الحقيقي الليكودي المتشدد، وأعلن أنه لن تقام دولة فلسطينية إذا ما أعيد انتخابه مرة أخرى، وبعد حصوله على هذا العدد الهائل من الأصوات اعتبر ذلك استفتاء على برنامجه الانتخابي وبالتالي سيتمسك به أكثر، صحيح أن تصريحات نتنياهو هي إعلان ما نفذه بكل قوته خلال السنوات الست المتواصلة لحكمه، حيث دمر كل إمكانية لإقامة دولة فلسطينية، لكن هذا الاعتراف مهم للعالم المتفرج، الذي يبدو كأنه صدم من تصريحات زعيم «الليكود»، وهي أصبحت عبارة عن عقد سياسي بين نتنياهو وناخبيه الذين أحبوا تطرفه، وهناك من يقول إن تلك مجرد شعارات انتخابية لكسب أصوات اليمين لكن تجربة حكومتيه السابقتين تثبت عكس ذلك.
تراجع نتنياهو عن تصريحاته بعد فوزه في إحدى المقابلات هنا، الشعارات التي يريد بها أن يذر الرماد في عيون العالم من جديد، وهناك خشية كبيرة أن يعود العالم ويصدقه ويعود بنا مرة أخرى إلى الحلقة المفرغة ولعبة التسلية وإهدار الوقت في المفاوضات، على أمل أن يجدوا في المفاوضات نتنياهو آخر لطيفا يتوق للسلام ويكره الاحتلال.
حذار أن ينخدع العالم مرة أخرى ببعض الجمل التي سيقولها، فقد كان ذلك مرة حين استجاب تحت الضغط وأعلن في خطاب بار إيلان عن قناعته بحل الدولتين قبل خمس سنوات، عندما أرادت الولايات المتحدة ذلك لتجد وزير خارجيتها الباحث عن حل الدولتين قبل خمس سنوات منبوذاً وطريداً بلا رحمة.
ليس من المستبعد أن يقبل نتنياهو بمفاوضات جديدة، وليس من المستبعد أن يضغط العالم باتجاهها، وأن يقبل ألاعيب جديدة لإسرائيل مصلحة بها من أجل تحسين صورتها، ويخشى أن يبتلع العالم، ان الذئب يمكن أن يتحول إلى حمل فقد ابتلعها كثيراً ولم يتعلم، حتى الولايات المتحدة التي تقتحم عقول كل قيادات العالم وتراقبهم حتى في غرف نومهم ترسب في الدرس حين يتعلق الأمر بإسرائيل ونتنياهو، وكأنها لا تعرف من هو، وهو الذي عاش ودرس وتعلم في جامعاتها، وله ملف لدى أجهزة أمنها، ويخشى أن ضعفها الذي ظهر بداية الشهر حين داهمها في عقر دارها يمكن أن يدفعها بهذا الاتجاه، وذلك أقل الخسائر، أي إدارة الأزمة وليس حلها.
فعلى الولايات المتحدة أن تكف عن لعبة استغبائنا حين تدفن رأسها في الرمال كالنعامة، معتقدة بأننا لا نرى ما تعرفه عن نتنياهو وحكوماته وأحزابها التي يتحزم بها في ائتلافاته المتكررة، حين يختار اليمينين القومي والديني والمستوطنين الاثنين بينيت وليبرمان كأركان لتلك الحكومات، هذا لا يحتاج إلى خبراء في السياسة لمعرفة خطط ومسار وبرنامج وسياسة الحكومة، بل إن أصغر موظف قادر على تقدير الموقف فإذا لم تستطع أن تلجم نتنياهو عليها الابتعاد عن طريقنا في مجلس الأمن، عليها الكف عن دعمها لإسرائيل ليس من أجلنا، بل للحفاظ على ماء وجهها الذي نزعه نتنياهو أكثر من مرة، حين طرد وزير خارجيتها، وحين داهمها في عقر دارها وخطب في الكونغرس رغماً عن زعيمها، في حين استخدمت «الفيتو» مرتين في مجلس الأمن لصالح إسرائيل أثناء عدوانها على غزة الصيف الماضي ومنعت وصولنا إلى مجلس الأمن، فذاكرة الشعوب ليست قصيرة.
إذا كانت عاجزة وضعيفة أمام إسرائيل عليها الكف عن استخدام قوتها ضدنا نحن الضعفاء وإغلاق كل المنافذ في وجوهنا وحماية دولة احتلال عنصري، ففي مقاييس الأخلاق السياسية يبدو الموقف الأميركي مجرداً منها أمام معادلة الاستقواء على الضعيف، وحينها من الصعب أن تستمر الولايات المتحدة بالحديث عن الأخلاق وتوزيع شهادات على بلدان ودول العالم وهي شاهد على كل جرائم إسرائيل من قتل واستيطان، لكنها تبدو مثل مسرحية عادل إمام «شاهد مشفش حاجة»، وترى حكومات يتشكل عمودها الفقري من المستوطنين ثم تطالب بمفاوضات يقبلون بعدها بإخلاء منازلهم! سنكون أكثر غباء إذ صدقنا أن الولايات المتحدة تصدق ذلك.
ولكن التعويل على الولايات المتحدة وحدها أو معها العالم أو الكتابة عن موقفها المتواطئ مع الاحتلال لا يكفي لرحيله كما قالت التجربة الطويلة من المراوغة والخداع الإسرائيلي والمجاراة الأميركية، بل إن التعويل على أصحاب القضية أنفسهم هو رهان القدر على حركة التاريخ الدائمة، التي سارت باتجاه واحد، وهو طرد الاحتلال، ولم تخطئ مسارها ولا مرة واحدة، فأمام عودة نتنياهو الجديدة وبرنامجه الجديد القديم يحتاج الأمر إلى وقفة طويلة مع الذات أمام مرآة الواقع الفلسطيني الآخذ بالضعف، فاليمين الإسرائيلي لا يحمل سوى الأسوأ من استكمال فصل غزة واستكمال نهب الضفة ونحن لن نتمكن من مواجهته إذا بقينا كما نحن.
لا يمكن مواجهة أي حكومة يشكلها نتنياهو، على الأغلب حكومة يمينية في ظل الانقسام وحالة الاستعداء والتآكل الداخلي والانشغال بالصراعات على السلطة وعدم التنازل من أجل المصلحة العامة، فالانقسام هو ما فتح شهية إسرائيل لفصل غزة وعزلها وشن الحروب عليها وتحويلها تمهيداً لتمرير مشروعها، وفتح شهيتها في الضفة في ظل غياب العمل المشترك والجهد الشعبي الجماعي.
لا يمكن مواجهة إسرائيل دون تجديد في مؤسساتنا القائمة، التي تكلست وأصابها الوهن وفقدت الحيوية والإرادة لفعل على الأرض، فقد أجرت إسرائيل 7 انتخابات في العقد ونصف العقد الأخيرين، منها 6 للكنيست و1 لرئاسة الحكومة، أعادت حقن نفسها بالمناعة السياسية كلما شارفت على الأزمة، ونحن لعقدين لم نجر سوى دورتي انتخاب، أصبح هذا الأمر مخجلاً.
انتخاب نتنياهو من جديد يفتح لنا أفقاً سياسياً للعمل إذا ما أحسنا استغلال الفرصة، فردود الفعل على عودته تشي بعالم كان يتوق للتخلص منه بمن فيهم أقرب حلفاء إسرائيل.. هو منبوذ ومعزول بفضل سياسته التي مكنتنا جزئياً في الأمم المتحدة وفتحت برلمانات العالم لعمل سياسي دبلوماسي جاد يحتاج إلى برنامج منظم وفعل مركز في كل الساحات، ولكن قبل ذلك علينا حل الواجب المنزلي حتى ننطلق. هناك أفق يمهد له «ليبرمان - بينيت - نتنياهو» يمكن تحقيق إنجازات كبيرة لعزل وخنق إسرائيل وكشفها كدولة أبرتهايد عنصري مثل دولة جنوب إفريقيا..!
كان ذلك اللقاء يوم الجمعة الماضي، في منزله في إطار حملة التخويف التي مارسها على شرائح المجتمع الإسرائيلي، وقد نجحت، حيث تحولت المستوطنات إلى قلاع انتخابية لحزب «الليكود» ليجرف منها أصوات البيت اليهودي، كان ذلك هو نتنياهو الحقيقي، عندما انحرف قبل عقد ونصف العقد نحو التسوية سقط وخسر السلطة، وحين تمركز في الوسط تحت الضغوط الدولية تحطم حزبه إلى ما دون العشرين، وحين عاد إلى مكانه الطبيعي كوريث لليمين القومي الاستيطاني فرش له الناخب الإسرائيلي البساط الأحمر نحو رئاسة الحكومة.
الأسوأ من ذلك أن نتنياهو في الأيام الأخيرة للحملة الانتخابية كشف وجهه الحقيقي الليكودي المتشدد، وأعلن أنه لن تقام دولة فلسطينية إذا ما أعيد انتخابه مرة أخرى، وبعد حصوله على هذا العدد الهائل من الأصوات اعتبر ذلك استفتاء على برنامجه الانتخابي وبالتالي سيتمسك به أكثر، صحيح أن تصريحات نتنياهو هي إعلان ما نفذه بكل قوته خلال السنوات الست المتواصلة لحكمه، حيث دمر كل إمكانية لإقامة دولة فلسطينية، لكن هذا الاعتراف مهم للعالم المتفرج، الذي يبدو كأنه صدم من تصريحات زعيم «الليكود»، وهي أصبحت عبارة عن عقد سياسي بين نتنياهو وناخبيه الذين أحبوا تطرفه، وهناك من يقول إن تلك مجرد شعارات انتخابية لكسب أصوات اليمين لكن تجربة حكومتيه السابقتين تثبت عكس ذلك.
تراجع نتنياهو عن تصريحاته بعد فوزه في إحدى المقابلات هنا، الشعارات التي يريد بها أن يذر الرماد في عيون العالم من جديد، وهناك خشية كبيرة أن يعود العالم ويصدقه ويعود بنا مرة أخرى إلى الحلقة المفرغة ولعبة التسلية وإهدار الوقت في المفاوضات، على أمل أن يجدوا في المفاوضات نتنياهو آخر لطيفا يتوق للسلام ويكره الاحتلال.
حذار أن ينخدع العالم مرة أخرى ببعض الجمل التي سيقولها، فقد كان ذلك مرة حين استجاب تحت الضغط وأعلن في خطاب بار إيلان عن قناعته بحل الدولتين قبل خمس سنوات، عندما أرادت الولايات المتحدة ذلك لتجد وزير خارجيتها الباحث عن حل الدولتين قبل خمس سنوات منبوذاً وطريداً بلا رحمة.
ليس من المستبعد أن يقبل نتنياهو بمفاوضات جديدة، وليس من المستبعد أن يضغط العالم باتجاهها، وأن يقبل ألاعيب جديدة لإسرائيل مصلحة بها من أجل تحسين صورتها، ويخشى أن يبتلع العالم، ان الذئب يمكن أن يتحول إلى حمل فقد ابتلعها كثيراً ولم يتعلم، حتى الولايات المتحدة التي تقتحم عقول كل قيادات العالم وتراقبهم حتى في غرف نومهم ترسب في الدرس حين يتعلق الأمر بإسرائيل ونتنياهو، وكأنها لا تعرف من هو، وهو الذي عاش ودرس وتعلم في جامعاتها، وله ملف لدى أجهزة أمنها، ويخشى أن ضعفها الذي ظهر بداية الشهر حين داهمها في عقر دارها يمكن أن يدفعها بهذا الاتجاه، وذلك أقل الخسائر، أي إدارة الأزمة وليس حلها.
فعلى الولايات المتحدة أن تكف عن لعبة استغبائنا حين تدفن رأسها في الرمال كالنعامة، معتقدة بأننا لا نرى ما تعرفه عن نتنياهو وحكوماته وأحزابها التي يتحزم بها في ائتلافاته المتكررة، حين يختار اليمينين القومي والديني والمستوطنين الاثنين بينيت وليبرمان كأركان لتلك الحكومات، هذا لا يحتاج إلى خبراء في السياسة لمعرفة خطط ومسار وبرنامج وسياسة الحكومة، بل إن أصغر موظف قادر على تقدير الموقف فإذا لم تستطع أن تلجم نتنياهو عليها الابتعاد عن طريقنا في مجلس الأمن، عليها الكف عن دعمها لإسرائيل ليس من أجلنا، بل للحفاظ على ماء وجهها الذي نزعه نتنياهو أكثر من مرة، حين طرد وزير خارجيتها، وحين داهمها في عقر دارها وخطب في الكونغرس رغماً عن زعيمها، في حين استخدمت «الفيتو» مرتين في مجلس الأمن لصالح إسرائيل أثناء عدوانها على غزة الصيف الماضي ومنعت وصولنا إلى مجلس الأمن، فذاكرة الشعوب ليست قصيرة.
إذا كانت عاجزة وضعيفة أمام إسرائيل عليها الكف عن استخدام قوتها ضدنا نحن الضعفاء وإغلاق كل المنافذ في وجوهنا وحماية دولة احتلال عنصري، ففي مقاييس الأخلاق السياسية يبدو الموقف الأميركي مجرداً منها أمام معادلة الاستقواء على الضعيف، وحينها من الصعب أن تستمر الولايات المتحدة بالحديث عن الأخلاق وتوزيع شهادات على بلدان ودول العالم وهي شاهد على كل جرائم إسرائيل من قتل واستيطان، لكنها تبدو مثل مسرحية عادل إمام «شاهد مشفش حاجة»، وترى حكومات يتشكل عمودها الفقري من المستوطنين ثم تطالب بمفاوضات يقبلون بعدها بإخلاء منازلهم! سنكون أكثر غباء إذ صدقنا أن الولايات المتحدة تصدق ذلك.
ولكن التعويل على الولايات المتحدة وحدها أو معها العالم أو الكتابة عن موقفها المتواطئ مع الاحتلال لا يكفي لرحيله كما قالت التجربة الطويلة من المراوغة والخداع الإسرائيلي والمجاراة الأميركية، بل إن التعويل على أصحاب القضية أنفسهم هو رهان القدر على حركة التاريخ الدائمة، التي سارت باتجاه واحد، وهو طرد الاحتلال، ولم تخطئ مسارها ولا مرة واحدة، فأمام عودة نتنياهو الجديدة وبرنامجه الجديد القديم يحتاج الأمر إلى وقفة طويلة مع الذات أمام مرآة الواقع الفلسطيني الآخذ بالضعف، فاليمين الإسرائيلي لا يحمل سوى الأسوأ من استكمال فصل غزة واستكمال نهب الضفة ونحن لن نتمكن من مواجهته إذا بقينا كما نحن.
لا يمكن مواجهة أي حكومة يشكلها نتنياهو، على الأغلب حكومة يمينية في ظل الانقسام وحالة الاستعداء والتآكل الداخلي والانشغال بالصراعات على السلطة وعدم التنازل من أجل المصلحة العامة، فالانقسام هو ما فتح شهية إسرائيل لفصل غزة وعزلها وشن الحروب عليها وتحويلها تمهيداً لتمرير مشروعها، وفتح شهيتها في الضفة في ظل غياب العمل المشترك والجهد الشعبي الجماعي.
لا يمكن مواجهة إسرائيل دون تجديد في مؤسساتنا القائمة، التي تكلست وأصابها الوهن وفقدت الحيوية والإرادة لفعل على الأرض، فقد أجرت إسرائيل 7 انتخابات في العقد ونصف العقد الأخيرين، منها 6 للكنيست و1 لرئاسة الحكومة، أعادت حقن نفسها بالمناعة السياسية كلما شارفت على الأزمة، ونحن لعقدين لم نجر سوى دورتي انتخاب، أصبح هذا الأمر مخجلاً.
انتخاب نتنياهو من جديد يفتح لنا أفقاً سياسياً للعمل إذا ما أحسنا استغلال الفرصة، فردود الفعل على عودته تشي بعالم كان يتوق للتخلص منه بمن فيهم أقرب حلفاء إسرائيل.. هو منبوذ ومعزول بفضل سياسته التي مكنتنا جزئياً في الأمم المتحدة وفتحت برلمانات العالم لعمل سياسي دبلوماسي جاد يحتاج إلى برنامج منظم وفعل مركز في كل الساحات، ولكن قبل ذلك علينا حل الواجب المنزلي حتى ننطلق. هناك أفق يمهد له «ليبرمان - بينيت - نتنياهو» يمكن تحقيق إنجازات كبيرة لعزل وخنق إسرائيل وكشفها كدولة أبرتهايد عنصري مثل دولة جنوب إفريقيا..!