ربما لم يدرك من قادة دولة الكيان، جوهر تطورات المعركة الشاملة بعد 7 أكتوبر 2023، وحقيقتها وشمولية أهدافها، كما هو رئيس حكومة الفاشية اليهودية نتنياهو، خاصة أنها شكلت له بداية "حبل إنقاذ" شخصية، قبل أن تكون "الخطوة الإنقاذية" لأخطر حروب دولة الكيان منذ عام 1948، بعد قيامها اغتصابا لأرض فلسطين التاريخية.
نتنياهو، يعلم جيدا، أن الولايات المتحدة تريد تلك الحرب بما يفوق ما تريده حكومته، كونها "القاطرة الذهبية" التي وجدتها كي تعيد ترتيب "اوراقها الاستراتيجية" في المنطقة، بعدما بدأت تهتز سيطرتها "التقليدية"، بل برزت حركة "تمرد" أولية لها أن تعيد صياغة الواقع الإقليمي وفقا لتطورات عالمية تقودها الصين وروسيا، ومركز سياسي – اقتصادي جديد "دول بريكس"، يسير دون صراعات مباشرة لتأكيد "قطبية مستحدثة"، وبعلاقات متكافئة إلى حد كبير، كاسرا قواعد الاحتكار والهيمنة المفروض منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، تفاقمت بوحشيتها بعد انهيار المنظومة الاشتراكية وقوتها المركزية الاتحاد السوفيتي.
وإدراكا لتلك التطورات، تعامل نتنياهو مع الولايات المتحدة بندية عالية جدا، بل بدأ في محطات محددة، وكأنه صاحب القرار الأول وهو من يعطي الأمر وليس متلقيه، في سابقة لم تحدث في تاريخ العلاقات، مستفيدا بحد كبير من "اهتزاز الإدارة الأمريكية"، وكانت معركة مقترح الرئيس بايدن أواخر مايو، والذي بات قرارا لمجلس الأمن يونيو 2024، صورة نموذجية للعلاقة وكيفية إدارتها.
بعد صدور قرار مجلس الأمن 2735، الداعي لعقد صفقة تهدئة وتبادل، وبكل ما حمل من "تنازلات جوهرية" حول التنفيذ المتتالي بديلا للمتوازي، قبلت بها حماس وتحالفها، وخلفها راعيها العسكري الأول بلاد فارس، اعتقدت أمريكا ومعها تحالفها داخل دولة الكيان بأن الفرصة اقتربت، لكن نتنياهو قرر رفض الذهاب مطلقا للتنفيذ.
قرار نتنياهو، برفض قرار مجلس الأمن 2735، المشتق من مقترح بايدن، أكد بوضوح كامل، أنه لن يقبل أبدا أي عملية تهدئة أو صفقة للحرب في قطاع غزة، تبدو وكأنها "اتفاق ما" مع حركة حماس وتحالفها، وتلك قضية مركزية فكرية، ترتبط بجوهر رؤيته اللاحقة وتحالفه المركزي، مع الفاشيين الجدد، فكل اتفاق يبدو توافقا، أي كان مضمونه، غير رفع الراية البيضاء السياسية الكاملة مع حماس ليعلن "بعده "نصره التاريخي الخاص"، لن يقبل به، كونه يدرك جيدا ما سيكون يومه التالي.
نتنياهو، يعلم يقينا، أن المساومة التوافقية لقبول صفقة تبادلية، هي مفتاح اليوم التالي لما بعد نتنياهو، قبل أن تكون لما بعد حماس، كونه وبما يملك رؤية وتحالفا لن يتوافق والمشروع الأمريكي المستقبلي في المشهد الإقليمي العام، وكذا لحل القضية الفلسطينية، بعيدا عن "دولة الأمم المتحدة"، وأيضا بعيدا عن "جزر نتنياهو السكانية"، مشروع يسمح بتمرير الصفقة التاريخية بمحاصرة "الاستقلالية الكيانية" للوطنية الفلسطينية، التي انطلقت بقوة تأسيسية مايو 1994، نحو كيانية تحت السيطرة متعددة الرؤوس ومقسمة إلى زمن ما.
مجمل التطورات التي حدثت داخل لقاءات "حكومة الفاشية اليهودية" ومجلسها المصغر، أكدت أن نتنياهو يعلم قبل الآخرين، بمخطط إدارة بايدن كسر عاموده الفقري بدفعه نحو قبول "صفقة التهدئة"، ما يفتح الباب لفك ارتباط "التحالف الحكومي القائم" والذهاب لانتخابات تقذفه كليا خارج المنظومة السياسية، إن لم يكن إلى زنازين الاعتقال.
وفي ظل المعركة الداخلية بين مراكز القوى داخل الكيان، جاءت "هبة إضراب" 2 سبتمبر كسلاح يبدو أنه الأقسى في مواجهة نتنياهو، خاصة وأنه "إضراب سياسي" صريح، ليس مرتبطا بقضايا حياتية ونقابية، تأكيدا بأن معركته ستكون مع المجتمع بكامل قواه، يعتقد القائمون عليها بأنه لن يتمكن من "الصمود" وسيجبر على الذهاب لقبول "الصفقة المفترضة".
نتنياهو، رئيس الحكومة الأطول في تاريخ دولة الكيان، يدرك تمام الإدراك، أن "التنازل الأول" الذي سيقدم عليه داخليا سيكون هو التنازل الأخير..ذلك هو جوهر معركته السياسية قبل الأمنية.
ملاحظة: منفذ عملية ترقوميا ضد جيش العدو وفرقه الاستيطانية الإرهابية، قال بوضوح مطلق أن الوطنية الفلسطينية لن يحاصرها محاصر..كل الطرق تؤدي إلى فعل ما وجب فعله..وروحك ما حتزعل من تجاهل فتح لقرارك لآنه خيارك واللي عملته هو صح الصح..شاء من شاء والبقية أنت عارفها يا مهند..
تنويه خاص: اعضاء تنفيذية منظمة التحرير..كأنه جيش العدو بيعمل شي حواليكم..معاكم خبر أو الاتصالات كمان مقطوعة..يا ناس بس عشان مكذبتكم شوي تكون لها "طعم"..بينوا إنكم "زعلانين" حبتين..بتصدقوا خلصت كل المسبات اللي بتستاهلوا..يا عرة الناس!