"إسرائيل" دولة بريئة متعطشة للسلام .. لا يغرنّك ماذا يقطر من يدها

lFDcS.png
حجم الخط

بقلم حمدي فراج

 رسّخت الأيام و الليالي الطويلة الثقيلة الماضية من العدوان الابادي على قطاع غزة، حقائق مرة، لها علاقة مباشرة بالنظام العربي الإسلامي الذي يحكم و يتحكم في أمة "طويلة و عريضة" كما يقال، فيثبت انها بدون حول او طول، ليس في مجال الحرب و النزال، فحسب، بل في باقي المجالات العديدة و البسيطة الأخرى، و نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ، كسر حصار التجويع الممنهج و الذي طال الدواء و التطبيب للمرضى العاديين – نجحت الأمم المتحدة مؤخرا في حملتها تطعيم اكثر من نصف مليون طفل تحت العاشرة  ضد شلل الأطفال ، و لا نعرف ماذا عن باقي التطعيمات - .
   مؤخرا ، صدر بيان نوعي عن الوسيطين المصري و القطري ، أنهما بصدد تحميل الجانب الإسرائيلي بشكل علني مسؤولية فشل المفاوضات ، على الرغم من ان العالم كله يدرك هذه الحقيقة ، بمن فيهم إسرائيل نفسها ، حتى ان نتنياهو لا ينفيها ، بل أنه في أحيان كثيرة يفاخر بها .
 في المقابل الوسائطي ، لا تنفك أمريكا راعية المفاوضات ، تعلن "علنا" صبح مساء بتحميل حماس مثل هذه المسؤولية ، على ألسنة جميع مسؤوليها ، و تتمادى هذه الامريكا ، بأن تطلب من الوسيطين العربيين بالضغط على حماس لكي تتنازل ، ووصل الامر بنزاهتها الكاذبة ، تهديدها بالطرد و البحث لها عن مكان آخر .
  و إذ قبل النظام العربي ، هذا المكان الوسائطي ، الامر الذي يرفضه المواطن العربي لنظامه أن يلعبه ، أيا كان هذا النظام ، و أيا كان هذا المواطن ، فإن المشهد الختامي لهذا الدور اصبح ملخصا في مضمون المأثور الشعبي : رضينا بالذل و الذل لم يرض بنا ، حيث قامت إسرائيل بالاعتداء و التطاول على مصر حين بسطت سيطرتها العسكرية على محور فلادلفي المصري ، و على قطر باغلاق جزيرتها .
    التحميل العلني لمسؤولية إسرائيل افشال المفاوضات المستمرة منذ احد عشر شهرا ، في ظل الحرب الابادية المستعرة على الشعب الفلسطيني ، أمر جلل لنظام عربي تتراوح مواقفه السرية و العلنية بين العجز و بين التواطؤ ، و هناك من بين هذه الأنظمة ، من يجمع بين النقيصتين . و بالتالي ، فإن تحميل إسرائيل المسؤولية العلنية ، له استحقاقات ثقيلة غير متوفرة لدى هذا النظام العربي . و ستظل إسرائيل هي البريئة المتعطشة للسلام رغم الدماء التي تقطر من يدها ، لطالما ان أمريكا تدعمها كما حصل في رقصة الكونغرس ، و ستظل المقاومة إرهابية و العرب عجزة متواطئة وإن لعب البعض دور ما يسمى بالتوسطية ، حتى تنتصر . و حتى يتحقق هذا او ذاك ، يخشى ان يصبح التوسط لمعرفة من يحتل من ؛ هل هي إسرائيل تحتل الفلسطينيين ، أم انهم الفلسطينيون يحتلون إسرائيل .
عندما أعطى أفلاطون تعريفًا للإنسان على أنه «كائن يمشي على أثنتين وليس لهُ ريش»، نتف الفيلسوف الساخر ديوجين دجاجة وجلبها إلى أكاديمية أفلاطون قائلًا: «ها أنا أحضرت لك انسانا ». و هو نفسه الفيلسوف الذي تغوط في ساحة أثينا ردا على الخطابات المطولة ، قائلا : اننا لا نجد أي شيء في الطبيعة يتعين ان نخجل منه .