بشرنا نيافة المطران عطا الله حنا، أحد أبرز المؤمنين التقاة من أتباع السيد المسيح، الفلسطيني المعذب الأول، الذي حمل رسالة الخلاص من السماء لبني البشر، من الآثام، ومن تسلط الاستعمار الروماني على بلادنا في ذلك الزمن الغابر، ومن أجل السلام والمحبة بين الناس، بشرنا بالاتفاق التاريخي الذي تم التوصل إليه يوم 12/2/2016، بين البابا فرنسيس باسم الكنيسة الكاثوليكية وبين البطريرك كيريل بطريرك موسكو وسائر روسيا نيابة عن الكنيسة الأرثوذكسية جاء فيه: «نحن البابا فرنسيس والبطريرك كيريل، التقينا في هافانا، بفرح، وهو الأول من نوعه في التاريخ، التقينا كأخوين في الإيمان المسيحي للتحدث بصوت حي، ومناقشة العلاقات الثنائية بين الكنيستين، والمشاكل الأساسية التي يواجهها المؤمنون، وآفاق نمو الحضارة البشرية».
وحول ماضيهم الخلافي ملك الطرفان شجاعة الإقرار بوجود خلافات عملا وتوجها لإنهائها ولخصا ذلك كما جاء في المادة الخامسة من بيانهم المطول الذي حمل ثلاثين مادة ما نصه: «نحن منقسمون بفعل الجراح التي تسببت لها نزاعات ماضٍ بعيد، وبفعل اختلافات ورثناها عن أجدادنا، ونأسف لخسارة الوحدة الناتجة عن الضعف البشري، وبفعل الأخطاء التي حصلت».
وتوصلا إلى ضرورة «اكتشاف القيم المشتركة» التي تجمع المسيحيين ودعوا واعتبرا أن «الحوار بين الأديان ضروري في هذه الفترة المقلقة» ونبها إلى أن «لا يجب للاختلافات على مستوى فهم الحقائق الدينية أن تمنع الناس من أديان مختلفة من العيش في سلام ووئام، وفي ظل الظروف الحالية، يلقى على القادة الدينيين مسؤولية خاصة في تثقيف المؤمنين على احترام معتقدات من ينتمون إلى ديانات أخرى».
وعليه وبموازة ذلك من الطبيعي، ومن المفترض، التوصل إلى اتفاق مماثل يقوم على إزالة ما علق بالمسلمين أنفسهم من خلافات وانقسام، بين السنة والشيعة، فجره صراع النفوذ وإن كان معتمداً على خلفية تاريخية، حيث المطلوب من رجال الدين من قادة السنة والشيعة التحلي باليقظة والحس بالمسؤولية كما فعل رجال الدين المسيحي بين طرفي الكنيسة الرئيسيين، وهو ضرورة لوقف العنف المتبادل، وهدر الدماء الجارية، والقتل العشوائي والمنظم، والتدمير والخراب للمساجد، والسيارات المفخخة والعمليات الانتحارية أو الاستشهادية من قبل الطرفين ضد بعضهما البعض، ولا ندري من هو الشهيد منهما ومن هو القتيل، ومن هو صاحب الحق ومن فاقده، ولا نعلم نصدق من، وننكر الصدق والحق عن من، خاصة بعد عمليات التطهير العرقي للأحياء والجغرافيات لبقاء المناطق خالصة من إقامة الآخر بعد التصفية على الهوية المذهبية أو العرقية أو القومية، ما يؤكد وجود بلاء صاب الناس والشعب الواحد والأمة الواحدة، ولا خلاص لها سوى إقرار التعددية واحترام الآخر وهو ما قدمه رموز الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية نموذجاً عبر اتفاقهما المشترك !!.
صراع السنة والشيعة تتم تغذيته وتمويله من قبل السياسيين الذين لا يرحمون، ومن قبل أصحاب أجندة سياسية تسعى نحو توسيع النفوذ أو الاستيلاء على السلطة، أو الحفاظ عليها، وهو تعبير عن صراع إيراني تركي سعودي، لن تكون الأيدي والخربشة الإسرائيلية بريئة من جهودها فهي صاحبة المصلحة في دفع الخلافات إلى حافة الهاوية، كما سبق وفعلت في لبنان بشكل علني، وتفعل ذلك بشكل سري الآن، وإلا بماذا نفسر أخلاق نتنياهو بمطالبته الوزراء في حكومته الاستيطانية العنصرية بعدم الإدلاء بأي تصريحات تشير إلى انحياز المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي لهذا الطرف أو ذاك، وإظهار تل أبيب على أنها تنأى بنفسها عن هذا الخلاف الإسلامي الإسلامي، ومن أين وقعت هذه الأخلاق على نتنياهو حتى يكون بهذا المستوى الرفيع من عدم التدخل العلني، والذي يرغب حقاً في تدمير قدرات الطرفين بل كل الأطراف المتصارعة كي تبقى تل أبيب هي الأقوى في الإقليم وهي المقرر لتوجهاته وسياساته ؟؟.