حياة الإنسان طالت أم قصرت هى مثل القطار الذى يسير فى طريق مرسوم له حتى يصل إلى محطة النهاية بسلام، بين محطاتها المختلفة يقف ليتأمل خط مسيره، فإذا ما ارتكب خطأ استوجب عليه الإسراع إلى تصحيحه وتعديل مساره، حتى ينجو بنفسه من المصير الذى يخشاه، إذا سار فى الطريق الخطأ. هذه المراجعات، «الرقابة الذاتية»، ضرورية فى حياتنا، من خلال طرح العديد من التساؤلات والأجوبة عنها: هل أنت إنسان مبدع؟ هل أنت إنسان منجز؟ هل أنت قادر على التعايش مع الناس؟ ما آخر شىء أبدعته فى مجالك فى السنة الماضية؟ ما أفضل خمسة إنجازات؟ هل أنت صديق لعائلتك؟ وكم عدوًا حولته لصديق؟ هل أنت متعايش مع الناس وتتعامل معهم بحب وود؟ هذه التساؤلات تمثل المنظومة القيمية والأخلاقية للإنسان، وترتكز على أسس ثلاثة هى: «الإبداع - الإنجاز - التعايش» التى لا غنى لأى مجتمع عنها، إذا أراد النهوض بنفسه، وأمامنا العديد من النماذج التى تمثل لنا القدوة كل فى مجالها، فلو تخيلنا مثلاً أن لدينا 1000 شخص مثل أحمد زويل «منجزين» وستيف جوبز «مبدعين» ونيلسون مانديلا «متعايشين» كيف سيكون حالنا، هذا ما نحلم به أن نرى شبابًا يسيرون على طريق هؤلاء، فيظهر لنا شباب، مبدع، منجز، متعايش، الأمر فقط يحتاج إلى الإرادة والإصرار لنكون مثلهم، والإيمان بالتغيير هو بداية الطريق الصحيح. فلو قال شخص إنه ليس لديه هذه القيم. هل تعتقد أنه من الممكن أن يمتلكها؟ الإجابة «نعم». الأخلاق قابلة للتعديل والتحسين. يقول النبى صلى الله عليه وسلم: «إنما العلم بالتعلم، وإنما الصبر بالتصبر، وإنما الحلم بالتحلم». هذه القيم التى وضع النبى الكريم لبناتها الأولى وغرس جذورها فى نفوس أصحابه ترسم لنا الطريق، وتحدد لنا بوضوح النهج الذى يجب أن نسير عليه، إذا ما أردنا أن نقتدى به فى أخلاقه، ونسير على خطاه فى كل أمور حياتنا. جهر بالدعوة وصعد على جبل الصفا ونادى على قبائل قريش ليعلن الدين الجديد، «المبادرة والهمة العالية»، دعا ربه: «اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين، عمرو بن هشام أو عمر بن الخطاب».. «الإنصاف.. فهو يذكر إمكانياتهما العالية رغم شدة عداوتهما للإسلام».. اختار ملك الحبشة المسيحى ليهاجر المسلمون إلى بلده، وهو يمدحه بقوله: «ملك لا يظلم عنده أحد»، «الإنصاف - الإبداع فى إيجاد الحلول الذكية للمشكلات». رحل النبى إلى الطائف مائة كيلو مشيًا لدعوة أهلها للإسلام، «الأمل - المبادرة - الهمة العالية»، رفض أهل الطائف للإسلام، ورموه بالحجارة، وعندما نزل ملك الجبال يعرض عليه إهلاكهم: «لو شئت أطبق عليهم الأخشبين»، رد النبى: «لا.. عسى الله أن يخرج من بين أصلابهم من يعبد الله».. «الحب والتسامح والسلام والطموح». قتلوا عمه حمزة فى غزوة أحد، وأسالوا دماء النبى وهو يدعو لهم «اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون»، سماهم قومه، أى أهله، ولم يقل أعدائى أو حتى قريش، «الحب - الرحمة - التسامح»، فى غزوة الخندق، اعتمد على فكرة جديدة غريبة على العرب وهى حفر الخندق، «الإبداع»، عندما فتح مكة لم يثأر لنفسه مما فعلته قريش به وأصحابه الذين خرجوا مكرهين من ديارهم، وعلى الرغم من أنها حاربته 20 عامًا، إلا أنه مع ذلك يقول لهم: «ما تظنون أنى فاعل بكم قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم.. فقال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء».. «الحب - التسامح - السلام»، رسائله إلى ملوك العالم الذين دعاهم للإسلام.. «التعايش». كيف تقوم باستقصاء قياس القيم العشرة فى شخصيتك؟ أجب عن التساؤلات التالية: هل تفضل العمل ضمن فريق عمل أم تجيده أكثر وحدك؟ «التعاون»، عندما تختلف مع شخص أو وجهة نظر هل تذكر مميزاتها مع عيوبها؟ هل أنت منصف؟ «الإنصاف»، هل لديك قدرة على مسامحة من ظلمك «التسامح»، هل أبدعت أى شىء جديد فى أى مجال السنة الماضية؟ «المبادرة»، هل لديك طموح كبير فى الحياة تصر على تحقيقه؟ «الطموح»، هل أنت شخصية مسالمة لينة أم شخصية صدامية؟ «الإحسان»، هل تشعر أن حب الناس، كل الناس، يملأ قلبك؟ «الحب»، هل حبك للناس يدفعك لفعل الخير ومساعدتهم وإسعادهم خاصة أهلك؟ «الرحمة»، هل تفكر فى الناس وتضع نفسك مكانهم؟ «الإحساس بالآخر»، هل أنت صديق لعائلتك؟ هل أنتم أصحاب داخل البيت؟ «البساطة»، الأجوبة عن الأسئلة السابقة هى التى تحدد ملامح شخصيتك فى النهاية، إذا كانت الأجوبة عنها كلها أو بعضها فى غير صالحك لا تيأس، فما دمت حيًا بداخلك قلب ينبض وعقل يتدبر، لا تزال الفرصة أمامك للتغيير، ابدأ من الآن.