أطفال يموتون من البرد

تقرير: خيام النازحين في ملعب اليرموك غرب غزة.. برد قارص وشتاء منهمر وموت محقق

2مخيم اليرموك
حجم الخط

غزّة - خاص وكالة خبر - أحمد قنن

خيامٌ لا تقي برد الشتاء ولا حر الصيف، ولا تحمي من شظايا الصواريخ المتناثرة، في غرب غزّة أقيم مخيم للنازحين عُرف باسم "مخيم ملعب اليرموك"، يأوي النازحين من بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا في ظروف إنسانية صعبة للغاية، يُعاني فيه الأطفال والنساء من قلة فرص الحياة ومن انعدام كل سبل العيش، جل اهتماماتهم باتت ولو أشياء تقيهم من الشتاء والمرض.

ما وصفت بـ "العملية العسكرية الإسرائيلية في شمال قطاع غزة" المستمرة منذ نحو 70 يوماً، نجم عنها تدمير ونسف للمنازل السكنية، ومنذ السابع من أكتوبر 2023 يُعاني السكان في القطاع من ويلات النزوح المتكرر فمنهم من نزح مرات عديدة، وإنَّ النزوح يُعادل خروج الروح من الجسد، فصفة نازح تُسقط عن صاحبها كل مقومات الحياة، حيث يسلبها جيش الاحتلال الإسرائيلي عنوةً من كل الغزّيين.

"أم أحمد غبن" نازحة من بيت لاهيا، طاف بها المطاف بعد النزوح المتكرر وحطت رحالها في مخيم اليرموك غرب مدينة غزة تقول: "الليلة كانت سقعة كتير علينا طلعنا بس بالأواعي الي علينا، الخيمة مش دافية زي الباطون، المطر كان يضرب علينا ضرب وصار مع الأولاد نزلة معوية، وأنا عندي صار في الرئيتين علو نفس، أنا مريضة قلب"، مُطالبةً كل الدول العربية بالوقوف إلى جانب غزّة ولو بالشيء البسيط.

وأضافت غبن، في حديثها لمراسل وكالة "خبر": "احنا ما متنا من القصف لكن راح نموت من البرد والأمراض الي حوالينا.. أنا أم لخمسة أطفال شايفاهم بيموتوا قدامي ومش قادرة أعمل شي الهم، الليلة رفعت الحرام الي عليا وحطيته على ابني لكن البرد برد والموت موت".

أما الطفل معتصم غبن، من بيت لاهيا، تحدث عن مرارة الأيام والعيش في مراكز النزوح، وقال: "عمري 12 سنة هاي الأيام أصعب أيام حياتي، حاسس اني قاعد بموت على البطئ، احنا كلنا طلبنا أواعي وحرامات"، مُستغيثاً بالقول: "بدنا فرشات وخيم وأكل وشرب.. الليلة خيمتنا غرقت والمية صارت تجري من تحتنا".

وذكر الطفل غبن خلال حديثه لوكالة "خبر": "أنا ما عندي إلا لبستين بضل أغير فيهم وبرضو مبلولين وبحس بالبرد كتير"، خاتماً حديثه بالقول: "بردان بردان كتير يما، نفسي الحرب تخلص وأرجع لحياتي الطبيعية في بيت لاهيا وأرجع لمدرستي وأصحابي اللي ما بعرف عنهم شيء".

من جهته، قال محمد دواس، وهو نازح من بيت لاهيا إلى ملعب اليرموك: "الريح طيَّر الخيمة والشادر، الدنيا سقعة وبرد.. أطفالنا بتموت من البرد، النزوح صعب وبيقتل، الجو برد كتير السقعة بتضرب في العضم ضرب، حالنا صعب أطفالنا غرقوا في البرك اللي بتتكون بين الخيام، عيشة بتقصر العمر". وتابع دواس: "المعاناة بتزيد والمطر لما بيشد المية بتدخل علينا وبتغرقنا.. كل حلمنا صار شادر يحمينا من المطر"، والله تعبنا يا الله". بهذه الجملة اختتم حديثه وقلبه يعتصر ألما وهو يتأمل أطفاله المجتمعين حوله ولا يقدر على توفير ولو أبسط مقومات الحياة لهم.

من جانبه، روى يوسف الشيش، معاناة النزوح من بيت لاهيا إلى ملعب اليرموك، قائلاً: "جيش الاحتلال أخدنا وعذبنا في البرد طلعنا من بيوتنا بالملابس الداخلية.. الناس أعطوني أواعي وانا ما عندي ولا أي مقومات حياة"، مُضيفاً بقلب يعتصره الألم: "أنا عندي مولودة طفلة انولدت قبل 11 يوم ومش عارف كيف أدفيها، سيدي الختيار قرصته أفعى، احنا عايشين في مكان لا يصلح للحيوانات مش للبشر".

وعن معاناة أطفاله في البرد القارص، تحدث الشيش لوكالة "خبر" قائلاً: "الليلة غطيت ابني بنايلون عشان ما يحس بالبرد، ابني كان بيرجف وخفت عليه يموت من الصدمة والخوف والبرد"، مُشيراً إلى أنه مصاب جراء قصف "إسرائيلي" سابق وما زال يعاني من تفاقم معاناته المتراكمة في ظل انهيار المنظومة الصحية، جراء تداعيات الحرب التي ما زالت مستمرة.

ونوّه الشيش، إلى أنّه لا يكترث لإصابته البليغة حيث استقرت رصاصة في جسده، ولكنه يحاول أنّ يحيا ليوفر حياة كريمة لابنه دون برد وخوف، خاتماً حديثه بالقول: "أنا بس بدي حياة كريمة إلي ولأولادي بدي أرجع لبيتي ومكاني اللي اتربيت فيه، أنا بدي أعيش بديش أموت".

جدير بالذكر أنّه ما زالت معاناة النازحين تتفاقم في ظل اشتداد وتيرة القصف "الإسرائيلي" على أنحاء متفرقة من قطاع غزّة، ناهيك عن أوامر النزوح التي ما زال جيش الاحتلال يُصدرها بين الفينة والأخرى بمزاعم أنَّ الفصائل الفلسطينية تُطلق الصواريخ تجاه المستوطنات "الإسرائيلية"، حيث يستهدف بذلك السكان الذين يفتقرون إلى كل مقومات الحياة، فلا ماء ولا دواء ولا غذاء ولا حتى هواء نقي.

واستُشهدت قبل يومين الطفلة الرضيعة عائشة عدنان سفيان القصاص، نتيجة البرد الشديد داخل خيمتها بمواصي خانيونس جنوب قطاع غزّة، بينما ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى أكثر من 45.206 شهيداً، و107.512 إصابة منذ السابع من أكتوبر 2023، وحتى لحظة إعداد التقرير، وفق ما أكّدت وزارة الصحة بغزّة.

تقرير: خيام النازحين في ملعب اليرموك غرب غزة.. برد قارص وشتاء منهمر وموت محقق
تقرير: خيام النازحين في ملعب اليرموك غرب غزة.. برد قارص وشتاء منهمر وموت محقق
تقرير: خيام النازحين في ملعب اليرموك غرب غزة.. برد قارص وشتاء منهمر وموت محقق
تقرير: خيام النازحين في ملعب اليرموك غرب غزة.. برد قارص وشتاء منهمر وموت محقق
تقرير: خيام النازحين في ملعب اليرموك غرب غزة.. برد قارص وشتاء منهمر وموت محقق
تقرير: خيام النازحين في ملعب اليرموك غرب غزة.. برد قارص وشتاء منهمر وموت محقق
تقرير: خيام النازحين في ملعب اليرموك غرب غزة.. برد قارص وشتاء منهمر وموت محقق