طرحت حماس في المرحلة الثانية من الصفقة ، المعقدة و الصعبة، وفق الوسطاء و المطلعين، طرحت فكرة تبادل الاسرى، "الكل مقابل الكل" ، مؤبدات و اداريين، قادة وجنود، احياء و أموات ..الخ، و هو طرح قديم طرحته حماس بعيْد السابع من أكتوبر ، لكن إسرائيل نتنياهو لم تعره أي اهتمام ، كانت مسكونة بإبادة غزة و تحرير رهائنها .
اليوم، بعد أكثر من شهر على مرحلة الصفقة الأولى ، التي شهدت عمليات تبادل ، ثلاثة إسرائيليين كل أسبوع ، اكتشفت إسرائيل ، انها كم كانت غبية، من نوع الغباء المطبق ، غباء يقود الى عملية إذلال متدفق ، لا يتوقف الا بعد مرور ستة أسابيع كاملة ، قابلة للتمديد ، و لسان حالها يقول : دعنا نوقف هذا الطوفان الثاني ، ما أسهل الطوفان الأول الذي اريقت فيه دماؤنا ، على الطوفان الثاني الذي تراق فيه كرامتنا و سمعتنا ، الطوفان الأول استغرق تنفيذه اربع ساعات ، الطوفان الثاني اثنان و أربعين يوما كحد أدنى ، تأتي بعد 500 يوم من حرب ضروس لم نبق فيها شيئا على حاله في غزة باستثناء الحركة التي جئنا لاجتثاثها "التعبير لنتنياهو" .
جاءت عملية تسليم الجثث لتزيد الاذلال اذلالا ، مشوبا هذه المرة بالحزن و الأسى و الانفطار و الانكسار ، بل و أن الملك لا يستطيع المثول أمام الجثامين لكثرة حزنه ، و الأصح ، لرفض ذويهم استقباله لأنهم يتهمونه بشكل غير ملتو انه من قتلهم .
يكمن الحل ، في أن نوقف هذا الطوفان ، و أن لا نكرر ما وقعنا فيه ، بل فيما اوقعنا فيه انفسنا بأيدينا ؛ الكل مقابل الكل ، في يوم واحد وساعة واحدة ، خاصة أن حماس هي التي تطرح ذلك ، و تمد به حبل نجاتنا من هذا الطوفان الكابوس ، فما زال هناك العشرات من الجنود و الضباط و المخابرات ، كل رتبة لها سعر (مقابل رجل المخابرات 500 أسيرا) ، و هناك أيضا عشرات الجثث ، التي ثبت ان حماس اجادت الاحتفاظ بهم كما لو أنها دولة متمكنة .
و لكن هل حماس غبية الى هذا الحد لتطرح ذلك دون انتزاع موافقة واضحة مضمونة ملزمة بالانسحاب الكامل من كل شبر تحتله إسرائيل ، و الالتزام بوقف الحرب ، ربما مع هدنة تستمر خمس سنين او عشرة بضمانة دولية تتعدى أمريكا الى روسيا و الصين و تركيا و ربما قرار ملزم من مجلس الأمن . هل ستطرح إسرائيل موضوع اليوم الثاني لمن سيحكم غزة ؟ اذا طرحته ، فهي كأنما لا تريد إتمام الصفقة ، و العودة الى ثلاثة كل أسبوع و ربما اقل من ثلاثة و اكثر من أسبوع . و بهذا كأننا عدنا من جديد الى الكابوس الطوفاني ، و يكون الاجدى لإسرائيل ان تبحث يومها التالي ، إن كان يستطيع نتنياهو الاستمرار في حكمها حتى موعد الانتخابات القادم . و بهذا كأنك يا - أبو يائير – كأنك يا ابو زيد ما غزيت .
من "حسبنا الله و نعم الوكيل" الى العظمة والعملقة
08 فبراير 2025