لا أحد ينُكر أن ما خلفته سنوات الانقسام من معاناة تكاد تكون أصعب من الانقسام بحد ذاته، خاصة وأن هناك فئات قد ظُلمت بغير وجه حق، وحتى بدون أن يكون لها يد في أي سبب من أسباب الانقسام .
أبو فادي أحد عناصر الأجهزة الأمنية تحديداً تفريغات "2005"، يروي التفاصيل منذ تفريغهم، فيقول : في إطار الاتفاق الذي تم في العاصمة المصرية، أصدر الرئيس محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، قرار رئاسي يقضي باستيعاب ودمج جميع العناصر والتشكيلات العسكرية المسلحة للفصائل ضمن أجهزة السلطة الوطنية الأمنية والعسكرية لاسيما بعد تنفيذ الاحتلال الإسرائيلي انسحابه من قطاع غزة وشمال الضفة.
وأضاف: وبتنفيذ ذلك القرار تم إلحاقنا بقوى الأمن الفلسطينية ضمن خطة أمنية شاملة، ثم خضعنا للفحص الطبي تحت إشراف الخدمات الطبية العسكرية، واجتزنا المسح الأمني و خضعنا للدورات العسكرية بإشراف مديرية التدريب، وتم توزيعنا على الأجهزة الأمنية والشرطية والعسكرية المختلفة حسب حاجة كل جهاز، وبحسب المؤهلات العلمية بقرارات إدارية من هيئة الإدارة والتنظيم، وأصبح لنا أرقام مالية ضمن كشوفات المالية العسكرية، ومقيدين ضمن كشوفات الرتب العسكرية في الإدارة والتنظيم، وبذلك أصبحنا موظفين عسكريين لكلٍ منا مسماه الوظيفي خاضعين لقانون قوى الأمن الفلسطيني .
وأردف أبو فادي " مارسنا حياتنا الوظيفية بشكلها الطبيعي أسوة بزملائنا، وحين تم إجراء انتخابات 2006 وتشكيل الحكومة العاشرة برئاسة إسماعيل هنية وما تلا تلك الفترة من حصار مالي واقتصادي تعرضت له السلطة الوطنية , عشنا حينئذ أزمة الرواتب مع زملائنا , لم نتأخر يوم عن أداء الواجب , والتزمنا بالدوام رغم عدم توفر للبعض أجرة المواصلات."
وتابع حديثه، بعد تشكيل القوة التنفيذية بقرار من وزير الداخلية سعيد صيام ذلك الوقت، وبعد تدهور الأوضاع الأمنية، وابان أحداث14 يونيو 2007، بحسب وصفه، دافعنا عن الشرعية الفلسطينية، وعن كرامة وعزة وشرف الانتماء العسكري.
وحين قام الرئيس أبو مازن بإعلان حالة الطوارئ وتكليف د. سلام فياض بتشكيل حكومة إنقاذ حالة الطوارئ " الحكومة الثانية عشر"، كان أول قرارات القيادة والحكومة في رام الله قرار جائر ظالم يقضي بوقف رواتب كل من تم تعينه ابتداءً من 1-11-2005، لنصبح بين ليلة وضحاها من موظفين شرعيين إلى ما بات يسمى فيما بعد بـــ" تفريغات 2005، وتم وقف رواتبنا وقطع أرزاق أطفالنا لعدة شهور ,
ويتابع : وتحت ضغط وعدالة وشرعية ملف تفريغات 2005 التفاف الجميع حولهم، مطالبين بحقوقهم الشرعية، أصدرت القيادة في رام الله قرار بصرف مبلغ 1000 شيكل شهريا دون أن نعلم ماهيته، ليرتفع هذا المبلغ بعد أربع سنوات وتحت الضغط ليصل إلى 1500 شيكل .
وكشف " أبو فادي " أن هناك عدة أشخاص من أبناء هذه التفريغات تلقت راتب كامل ومازالت وصُرف لهم كامل مستحقاتهم لا من أجل بطولاتهم بل لأنهم أبناء قادة ومسئولين ونواب على حد تعبيره .
ورغم أن هناك إجماع وطني من تنظيمات ومؤسسات وقيادات وفصائل منظمة التحرير وأعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح ومجلسها الثوري، و مطالبتهم الرئيس والحكومة برفع الظلم عن هذه الفئة وإصدار قرار بإعادة صرف رواتبهم وإعطائهم كامل مستحقاتهم المالية والوظيفية ورفع الظلم الواقع عليهم وفق القانون، إلا أن القيادة في رام الله صمت آذانها ولم تلتفت لتلك التوصيات والمطالب والمناشدات وأصرت على تغييب القانون وذبح العدالة من الوريد للوريد منذ الانقلاب الأسود إلى يومنا هذا.
يشار إلى أن لجنة تفريغات 2005 نظمت عدة فعاليات على مدار تسعة سنوات من المعاناة، لتسليط الضوء على عدالة قضيتهم وشرعية مطالبهم، للضغط باتجاه إنهاء هذا الملف بالقرار المنشود وهو " إلغاء القرار الجائر القاضي بوقف صرف رواتبهم وما ترتب عليه من آثار مالية وإدارية " وبالتالي صرف رواتبهم وما تراكم لهم من مستحقات مالية، ليعود الحق إلى أصحابه.