تاريخيا كانت كلمة غزة لا تفقد مكانها في أي وسيلة بحث عن فلسطين..كفاحيا أو ميزات إنسانية فريدة، لمنطقة مساحتها ربما أقل من مساحة أحد المزارع الأمريكية الكبيرة، وبكثافة سكانية هي الأعلى في العالم.
غزة فرضت ذاتها على الفن والشعر، فكتب عنها الشاعر الوطني الكبير معين بسيسو في قصيدته النبوئية بما سيكون لها "الحسناءُ غزة في مآتمها تدور"، وما قاله شاعر الثورة أبو الصادق، "غزة غزتنا يا مكفولة بالنار"، وما سجلته بسطور العطاء الثوري في مسار الفعل الوطني الفلسطيني، وكان لها شرف قبر أول محاولات التوطين والإسكان في سيناء عام 1955، وبشعار بات خالدا خلود المقاومة، "لا توطين ولا إسكان يا عملاء الأمريكان".
غزة مع أريحا، كان لها شرف أن تكون حجر أساس قيام الكيان الأول فوق أرض فلسطين 4 مايو 1994، نتاج اتفاق إعلان المبادئ (أوسلو) مع دولة الكيان، والتي أدت لاحقا لقيام الفاشية اليهودية وتحالف شر عربي وفارسي وأدوات محلية بتخريبه، وكشفت الأحداث لاحقا دورها الكامل لخدمة المشروع المعادي تهويدا.
ولكن، خلال 18 شهرا، أصبحت غزة الكلمة الأولى في محرك البحث الغوغلي وغيره من أدوات البحث المعاصرة، بعدما أقدمت حركة حماس على المغامرة التدميرية للكيانية الوطنية يوم 7 أكتوبر 2023، أي كانت "نوايا البعض منهم"، وفتحت الباب لتعزيز المشروع التهويدي الأخطر منذ قيام دولة الكيان عام 1948، ليس في قطاع غزة كما يتوهم "سذج القرن 21" في فلسطين وحولها، بل ما هو في الضفة والقدس، وفتحت الباب للفاشية اليهودية لارتكاب حرب إبادة ديمغرافية - إنسانية ضد قطاع غزة.
غزة، خلال 550 يوم ونيف، تصدرت المشهد السياسي العالمي، ولكنها للمرة الأولى ليس بفعل ثوري خادم للقضية الوطنية، لكنه جراء ما تقوم به دولة الفاشية اليهودية من جرائم حرب وإبادة إنسانية، غير مسبوقة في التاريخ الحديث، وربما في القديم، قياسا بالزمن والمساحة الجغرافية، وأدخلت مصطلحات جديدة، كعملية اقتلاع شعب، وإزاحة مشروع وليس إزاحة مكان، ونالت من الأوصاف ما لم تنله يوما.
ولكن، المفاجأة الأكبر كانت يوم 25 يناير 2025، عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، العائد قبلها بخمسة أيام للبيت الأبيض، بعد غياب 4 سنوات، عن ضرورة تهجير غالبية أهل غزة، ليبقى بها ما يقارب الـ 500 ألف إنسان، ليتدرج في تصريحاته الغزية، إلى أنها مكان رائع يمكن أن يصبح "ريفيرا الشرق الأوسط".
ويبدو أن "عشق ترامب الغزي" بدأ يأخذ ملامح جديدة، لينتقل من التهجير إلى التطهير ومن المساعدة إلى السيطرة، ومن الرقابة إلى الاحتلال، ليكون أول رئيس أمريكي يبحث عن استعمار أرض فلسطين، تعويضا عما كان استعمارا بريطانيا وبديلا لاحتلال دولة الكيان، التي لامها كثيرا كيف تخرج من ذاك "المكان الرائع"، خلال لقاء رأس الفاشية الحاكمة في تل أبيب نتنياهو (نتلر المعاصر).
قد يري البعض تصريح ترامب الأخير يوم 7 أبريل 2025، بحضور نتنياهو حول تطهير غزة من سكانها ليس سوى "هلوسات صحفية" لرئيس معجب بخلق ضجيج ودوشة خاصة، كما كان مع الرسوم الجمركية، لكن جوهر الأمر يفوق كثيرا في خطورته من اعتباره "تصريح كوميدي"، كونه انتقل من فكرة "تهجير" إلى "تطهير"، وهي جوهر مطالب التوراتيين في داخل إدارته، والفريق الفاشي في دولة الكيان.
تصريح ترامب التطهيري، هو الدعوة الأخطر نحو حرب اقتلاعية للسكان، دون اعتبار لأي عوامل معرقلة نحو تحقيق "البعد التوراتي"، الذي بات هدفا من أهداف فريق الإدارة الأمريكية الجديدة، من نائب الرئيس إلى مبعوث الإدارة ويتكوف، الذين تحدثوا بوضوح أن هذه أرض إسرائيل ولا وجود لشعب فلسطيني، ولم يكن سهوا أن الرئيس الأمريكاني تجاهل كليا أي إشارة للممثل الرسمي الفلسطيني، رغم "أدبه الجم" في عدم جرح مشاعر ترامب وفريقه.
تصريحات ترامب التطهيرية، وجهت إهانة سياسية علنية للرسمية العربية، بتجاهله أي دور لها في القضايا المركزية بالمنطقة، وعدم الحديث عن الخطة العربية المفترض أنها لإعادة إعمار غزة.
تصريحات ترامب، هي الأكثر وضوحا لدعوة "التطهير والإبادة"، من كل ما أعلنته دولة الكيان وحكومتها الفاشية اليهودية، ما يفرض فتح معركة سياسية قانونية حولها باعتبارها تدعو لتطهير عرقي وإبادة مضافة، ما يتطلب رفع مذكرة بها للمحكمة الجنائية الدولية، وإضافتها مع مذكرة جنوب إفريقيا لمحكمة العدل الدولية، تصريحات مسجلة صوتا ونصا.
تصريحات ترامب لتطهير غزة من أهلها، يجب أن تصبح معركة وطنية فلسطينية مرتبطة بالمعركة الكبرى لحماية بقايا المشروع الوطني.
خذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا
انكم لن تعرفوا
كيف يبني حجر من ارضنا سقف السماء
ايها المارون بين الكلمات العابرة
لروحك دوما سلاما يا محمود درويش
ملاحظة: مش عارف شو إحساس فريق المقاطعة برام الله لما كانت قمة القاهرة بين السيسي وماكرون وعبد الله بتحكي عن فلسطين وغزة، وأهلها مش فيها..معقول وصلنا لحال حتى الشكليات مالهاش حساب..يا ناس..واال بطل فيكم حتى إحساس بانكم من شعبها.. يا خزيتاه..
تنويه خاص: مطلوب من حماس وبدري بدري تفكر في ترتيب أمورها في لبنان..الحكي عن طرد قيادتها صار في السوق..وعشان ما تخلق طوشة لأهل المخيمات.. اللي هم أصلا مش ناقصين.. يا ريتها تشوف لها حل مع حالها.. ولو حلته بيكون أحسن حل لها وللناس..حلة تحل اللي حل اللي ما كانش حدا بيقدر يحله..