كان مقترح دولة العدو الاحلالي الأخير، حول التهدئة في قطاع غزة، مفاجأة نسبية في المرحلة الراهنة، عندما زج بمسألة سلاح حماس (وبالتالي تحالفها الفصائلي) كشرط مسبق من شروط التهدئة المؤقتة، وليس وفق صفقة وقف الحرب ضمن رؤية اليوم التالي.
الشرط الاحتلالي، كان أبرز العناصر الإرباكية التي تم الكشف عنها، خاصة وأن مصر وقطر لم تتدخلا لتعديل المقترح، كما حدث في مرات سابقة، ترافق مع فتح وسائل إعلام في البلدين، خاصة الدوحة، لمناقشة جدوى استمرار سلاح لم يعد له أثر في مواجهة حرب الإبادة، ما يشير إلى ان الأمر ليس مقترحا فحسب، بل شرطا مسبقا للقادم الجديد.
ولكن، جاءت مفاجأة حماس تفوق كثيرا ما كان من دولة الكيان، خلال تصريحات رئيس وفدها المفاوض خليل الحية، وفيما تم نشره "إعلاميا" حول ردها على المقترح "الإسرائيلي"، ليس تعديلا أو تطويرا يمكن أن يكون بابا لنقاس يفتح الطريق لبناء "مقترح متفق عليه"، بل مقترح يزيح كل ما سبق والذهاب ليس لليوم التالي بل لما بعده كثيرا.
لم يكن أي فلسطيني، ولن نقول آخرين، يتوقع أن يكون العامود الفقري لرد حماس على المقترح المقدم من حكومة نتنياهو، الثقة شبه المطلقة بإدارة ترامب عبر مندوبها "آدم بوهلر"، مرحبة بعودته من أجل "إنهاء ملفِ الأسرى والحربِ معاً، والذي يتقاطعُ مع موقفِ الحركةِ بالاستعدادِ للتوصلِ لاتفاقيةٍ شاملةٍ حول تبادلِ الأسرى رزمةً واحدة، مقابلَ وقفِ الحرب وانسحابِ الاحتلال من قطاع غزة وإعادةِ الإعمار".
حماس ترى في موقف بوهلر "تقاطعا" مع مواقفها لإنهاء الحرب وملف الرهائن" في صفقة واحدة، ولولا أن الأمر كانت صوتا وصورة مباشرة لخليل الحية، لاتهم من نشره بالتطاول على "الحركة" و"مقاومتها" وجزء من حملة تشويهها، (رغم أنها اخر من يقال عليها تشويه بعدما شوهت كل ما هو خيرا وطنيا في فلسطين).
حماس، التي لمست أن مسار الأحداث يذهب موضوعيا لقذفها خارج المشهد القادم، ولن تكون جزءا منه، حاولت القيام بمناورة "تذاكي تاريخية" بتسليم ملفها التفاوضي لإدارة ترامب، وتجاهلت كليا مشروع الرئيس الأمريكي بتطهير قطاع غزة، وتهجير 60- 65% من سكانه وبناء أهم منتجع سياحي ، وجدت به "الأب الحنون" الذي سيقدم لها "الحل الأمثل"، ويعيد لها روح حياة سياسية .
وتكمل حماس مناورة "التذاكي التاريخي"، في ورقتها التي قدمتها ردا على مقترح دولة العدو الفاشية المعاصرة، "على استعدادها وانفتاحها لوقف إطلاق نار طويل يستمر لخمس سنوات بضمانات إقليمية ودولية"، وهي هنا تعلن انفصالا كاملا عن "الكيانية الوطنية"، وتبحث "كيانية غزة" تتساوق مع رؤية الرئيس ترامب حول مستقبل القطاع، وكذا مع "الرؤية التوراتية" في الضفة الغربية والقدس، وحركة لها موقفها "المستقل".
تصريحات خليل الحية، وما نشر عن ردها على المقترح الأخير، تظهر أن حماس أصابها "هزة سياسية تدميرية"، أفقدتها القدرة حتى على "التناور النسبي"، وباتت عاجزة مستسلمة للقدر الأمريكي، ستقبل بما يمنح لها في يوم ترامب التالي، كي لا تنتهي من المشهد الوطني بغير رجعة.
قيادة حماس، تدرك أن لا عودة لها للحياة الإنسانية في قطاع غزة مع استمرار وجودها، وليس فقط سلاحها، الذي بات عبئ مضاد على أهل القطاع، يستخدم غالبه للترهيب ولبس للتحرير، خاصة بعدما خسرت كل ما كانت تعتقد أنهم أدواتها للتعالي السياسي، وأن التطورات حبلى بنكبات ستطالها حيث تقيم بقرار أمريكي، فمن سمح يملك حق سحب السماح.
قيادة حماس، وبدل من الذهاب لأخر فرصة تمنحها "بقايا ممكنة" نحو الداخل الوطني، ذهبت إلى "الخيار الصفري"، بأن تضع كل ما تبقى لها من ورق سياسي باليد الأمريكية.
قيادة حماس لا زالت لديها فرصة عدم الغرق بالمسبح الترامبي، بان تستجيب بشكل كامل لما بات معلوما لها..وتضع ما تبقى من ملفات بيد الرسمية الفلسطينية بالتنسيق مع الأشقاء في مصر وقطر، دون ذلك سيكون مشهدها في التالي ظلاما شاملا.
ملاحظة: لأول مرة منذ عودته ترامب بيحكي عن زيارة مسؤول أجنبي للبيت الأبيض أنه ترك انطباع مذهل..ومش بس حكي..كل ما فعله حركات بتحسه كان في واد غير واد من سبق.. اللي عملته الطليانية جورجا ميلوني مع ترامب شكله ما عملت ميلانيا ترامب..شو قصتك مع "الميلانيات" يا حج..
تنويه خاص: خطاب نعيم قاسم مسؤول حزب الله كان مصاب برعشات متلاحقة..حكي طالع نازل..السلاح خط أحمر..السلاح بتنسق مع الدولة..ما تفكروش أنه انهزمنا..اليهود وقعوا اتفاق خوف منا..حكي كأنه الزلمة عنده دور برد سياسي كبير..يا لبنانية خفوا عليه شويات بلاش تخسروه..العجلة مش بركة..مش هيك يا نبيه..