الكاتب: يونس العموري
وقالت العرافة ... ان ثمة سنوات عجاف .. والشمس والقمر لن يسجدان وسيختفيان عن الانظار .. والجلوس بقعر الانهيار تآملا وانتظار ... وصراع الاباطرة على ناصية مفارق الطرقات اضحت علنية وواضحة للعيان ... والطرقات باتت وسخة والعشاق يهربون مهرولين نحو الازقة المظلمة...
واردفت العرافة بالقول الفصيح بعد ان صمتت برهة وانتفضت ارتعاشا وصرخت بوجه الجمع والمنتظرين لإكتمال الحكاية .. والحكاية ما زالت بأبجدياتها الاولى ..
الشمس تشرق من هنا ... وقد تغرب من هناك ... والقبائل اخذت قرارها وانتدبت الأقوياء من فتيتها، ليضربوا الحلم ضربة واحدة ويتوزع الدم بين امراء العشائر ...
وابن الخطاب عمر طعن وقتل ببيت الله ووجهته نحو القبلة متضرعا لرب عرش السموات، والعمر ابن نايف تم طعنه وذبحه من الوريد للوريد في بيت الشعب الآمن الامين .. والحكاية ما زالت تكرر ذاتها منذ مئات السنين... استجمع ثناياي واسير بين الرذاذ كقادم على منصة الحقيقة، ومن خلفي من يلهث في محاولة منه ليفهم ما يمكنه في ظل حكم العشائر القبلية ...
غريب عن المكان ... ولعلي بالمواقيت الخاطئة أتي ... او عساني لا استوعب أهاتي ... وصرخاتي .. وعذابات ذاتي ... اجلس الليلة وحيدا ... بعد ان كان نهاري صاخبا .. كيف قدسك .. ؟؟ وكيف أهلها ...؟؟ وبشرها وحجرها ..؟؟ وهل ما زالت عنيدة ... ؟؟ أبية .. ؟؟ صامدة ..؟؟ ام تراها استسلمت لمغتصبيها ...؟؟ كيف هم مجانينها ...؟؟ وعشاقها ...؟؟ونساء القدس اما زلن جميلات ..؟؟ وحواريها أما زال احد بالإنتظار بأزقتها لحبيبة بعد ان تسلل الظلام ..؟؟ كيف هي موسيقاها ..؟؟ اجلس غريبا الليلة بعد ان انفض الجمع من حولي ... وكانت التساؤلات بعيونهم .. فللقدس تناقضاتها .. كما انا ... بقليل من الصبر يستمعون الى كلامي وحديثي ... ولربما لا يحتملون اكثر ...ولعلهم قد شاهدوا صورتك مرتسمة بإلتماع عيوني ... فحينما احدثهم عن القدس تحضرين يا أميرتي .... كفراشة تحوم بالمكان ... ويكون ان تأتيني ... صارخة الجمال ...حاضرة بقسوة الشجن ... والأحزان ...وحينها تترقرق دمعتان ليس أكثر ...وتتشكل شظايا الصورة ...وبلحظة إشتياقي ... انظم كلماتي ..وتختلط حروفي ...واحلق بأحاديثي ...وتصبحين انت القدس والوطن .. واستشعر اغتصابها ... وأزماتها .. واشجانها بوجهك سيدتي ... وكما هي القدس منتظرة .. فأنت ايضا تنتظرين ... لصفاء اللحظة ... ولهدوء الريح ... ولشبق انوثتك. وأنا الغريب دوما عن المكان واللحظة ... استمع لموسيقاي واسافر نحوكِ ...وأبدأ برحلة في مملكتي ...تكونين انت .. فرعونية .. كنعانية .. بابلية ... مقدسية .. تتربع على عرش الحكاية ... وأعود لأحدثهم عن قدس الحكايا ... وممالك العشاق فيها ...ومن كان ينتظرها بمقهاه منذ ان كان ... وما هي الا لحظات حتى اتكور على ذاتي واياك ... لأنتظر معجزة اللقاء .... وعند انبلاج اللحظة من عالم الخيال الى الوقائع المستحدثة يكون الكابوس بان يأتيني ويقض مضاجع الحلم ... وروما اعلنت عن خيانتها وصكوك الغفران قد مُنحت للقاتل اخيرا واصبح المقتول ممعنا بالجريمة وما كان له ان يُقتل لولا انه قد جاء بالدين الجديد ....
والعشاء بعرف هؤلاء كان الكذبة الكبيرة ... ووفقا لمقاييس حبرهم وعطاءات كهنتهم فلابد من صياغة النصوص المقدسة لتستوي المعاني وفقا للمتغيرات المتفق عليها... انقلبت الموازيين ايها السادة في قبائل روما الحاكمة ودموع العذارى على معابد الرب قد صارت مشهدا مزعجا باعراف القوانين الغازية لدهاليز كهنوت الضفة الثانية على شواطىء المتوسط ... ومنذ اللحظة قد صار للرواية مكامن اخرى وللحكاية وجهة مختلفة وللعشاء الاخير سيرة متعاكسة بافئدة القابعين المنتظرين للبعث الجديد للسيد المسيح وقد يكون ممكنا منذ الان تصديق رواية كبير سدنة المعبد القديم ان ابن البتول ما كان له يأتي هناك ... ولم يتكلم بمهده وان لم يشفي المريض ...
...يا ابن مريم أُنبئك ان معبدك قد دنس .. فسادة الروم بالرماح قد عادوا ليصلبوك مرة اخرى على مشانق اغصان الزيتون المقطعة اوصالها بجوار اسوار البلدة العتيقة .... وانا هنا قابع بالمكان منتظرا للمعجزة من اشارة وبشارة .... وتلوح بالافق جميلة تخترق الحواجز لتلقي مزاميرها وتجبرنا على الانصياع للنداء الأخير بالربع الساعة الاخيرة بالظرف الراهن فقد تكون اورشليم قد اضحت الحقيقة ويكون التجوال سيد الموقف لسادة الفقراء في اقاصي الدنيا لنصرة عشاق القدس ومجانينها ... نعتلي المنصة ونمارس فن الصراخ كانعكاس للحظة التوق من قيود دبلوماسية الكلام وللكلام ان يعبر عن كينونة الخوف فينا من ان تتغير اسماءنا ونتوه بصحاري التيه مرة اخرى باحثين لاهثين خلف سراب الماء المتدفق من هناك حيث العطشى للأمل ... نقف لبرهة من الزمن قبل الصراخ وافتعال الضجيج ... ويكون القرار بان لابد من ممارسة اعتى اشكال الجنون .... كان العبور صعباً اتجاه الميادين فالكل يبحث عن موطىء قدم لقوت يومه وسط الزحام واختطاف الكلام والاجتهاد ان تعلو كلمة القدس فوق الاشهاد فيه الكثير من وجهات النظر ... كنا نحمل ثقل السنين والأنين ....
نأتي اليكم محملين بآهاتهم ووجعهم ونحاول ان نكون المؤدبين المؤدلجين الذين يجيدون احترام النساء وكيفية الجلوس عند ارتشاف القهوة والعبث بالاسماء ونستذكر ان لنا حاجة عندكم فنجتهد بالتحليل والشرح وتقديم المعلومة وتفنيدها على اعتاب صناع القرار بالصحراء وقبل ذلك كنا ان عبرنا الى حيث صياغة التاريخ الجديد لعل الضمير يؤنب من كان غافلا على نصرة ام المدائن العتيقة وكان الشاهد على الذبح من الوريد الى الوريد ... قلنا الكثير من الكلام وحذرنا من لحظة الصحوة من ان تأتي متأخرة بعد ان تلفظنا القدس وتبكينا وتبكي رجالها ونساءها وعشاقها وبكاء القدس حينها سيكون الاقسى ....