لا يحتاج المرء لكثير من الوقت ليكتشف الفرق بين اول ورقة هدنة وضعها ستيف ويتكوف قبل خمسة أشهر، وبين آخر ورقة قبل يومين، الفرق هائل، لصالح الورقة الأولى، كانت تتضمن كل شيء تقريبا، ووافقت عليها حماس وهي مغمضة كما يقال، يومها اتصل بنتنياهو، وقال له: تلاقيني غدا، فقال له نتنياهو غدا السبت ونحن لا نعمل السبت، لا أعرف ماذا قال له عن السبت وغير السبت، لكنهما التقيا، وتم توقيع الاتفاق، وبدأ التنفيذ قبل وصول ترامب الى البيت الأبيض. فما الذي حصل بعد ذلك، كيف تم استئناف الحرب الابادية والتجويعية قبل ثلاثة اشهر، وكيف وصل الامر بورقة ويتكوف الأخيرة، والتي ملخصها ان تختار حماس بين مسدسين لتطلق الرصاص على رأسها من أحدهما.
بمعرفتنا المسبقة بجهاز الموساد عبر نحو 80 سنة، وببقية أجهزة إسرائيل الأمنية، انها لا تترك شيئا للصدف ولا تؤمن لا بالقضاء ولا بالقدر، ولا بالتوكل على الله ولا بالتواكل، وانها بالتأكيد فتحت دفاتر ويتكوف، الذي لم يكن سياسيا في يوم من الأيام، وأنه أصبح مليارديرا بعد ان كان ابوه يخيط معاطف للسيدات، وقبل سنتين اشترى فندقاً في لاس فيغاس بنحو اربع مليارات دولار .
عندما اتضح ان بيل كلينتون يريد فعليا الاعتراف بدولة فلسطينية، وزار غزة عام 1996، واستقبل ابنة أحد الاسرى، وسمع رسالتها الى ابيها، وبكى امام الشاشات، زجوا له بمونيكا. وبالطبع ليس بيل كلينتون هو الرئيس الوحيد الذي يفتح الموساد جراره ويتناول ملف ابتزازه، فيثنيه عما يريد القيام به، وأحيانا يفتحون جرارات زعمائهم، كيهود أولمرت الذي اودع السجن خمس سنوات، وشارون الذي مات في "خطأ طبي"، لأن "السلام" القائم على الانسحاب وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم كشعب، خط أحمر، وقضية أمن قومي يهدد الدولة.
في خريف العام الماضي، فتحوا جرار حسن نصر الله، ومعه الحزب الذي يقوده، فأجهزوا على معظم قياداته في لحظة تاريخية واحدة، ومعهم الأمين العام الجديد هاشم صفي الدين، فمن هو هذا المحامي العقاري المغمور ويتكوف؟ وبعد ان تفاءلنا خيرا به، وجدناه وقد تغير 360 درجة، زادت المجازر، وزاد القتل حتى اباد مئات العائلات بمن فيها عائلة الطبيب حمدي النجار مع تسعة اطفاله دون ان يرف له جفن، التجويع لنحو مئة يوم كمأثرة يباهي بها نتنياهو الأمم والى جانبه يصفق ويتكوف، تسليم حماس سلاحها، مغادرة قادتها، الطعام على طريقة جنينة الحيوانات، ثم المجزرة التي راح ضحيتها نحو مئتي جائع والتي اطلق عليها البعض مجزرة ويتكوف