حرب تحرير فلسطينية

هبة جماهرية
حجم الخط

بقلم: اسحق ليئور

في 1969 كان الاحتلال شابا وخجولا. والفلسطينيون في القدس طلبوا اقامة 3 نصب تذكارية لشهداء الجيش العربي الذين قتلوا دفاعا عن مدينتهم.

الحكومة وافقت على الطلب – باستثناء بيغن الانساني المعروف – وتم نقل القرار الى بلدية القدس، هناك بقي حزب العمل في الأقلية (أمام شركائه في الائتلاف البلدي): «المعارضون تحدثوا عن الرأي العام ضد اقامة النصب وأضافوا: لقد قام العرب من اجل قتلنا».

«هآرتس»، 23/12/1969. في المقال الافتتاحي للصحيفة: «شهداء الجيش العربي... خرجوا لتدمير اسرائيل... هناك صدق في اقوال من يقولون إن الجنود الاردنيين... لا يستحقون تخليد أسمائهم بطريقة تظاهرية في قلب العاصمة».

عندها جاء في صحيفة «متساد شني»: «السؤال هو ليس بيننا وبين الجنود الاردنيين بل بيننا وبين سكان شرقي القدس... اذا كنا نتوقع منهم التسليم بالسلطة الاسرائيلية فيجب اعطاؤهم فرصة الحداد على امواتهم بطريقة مقبولة عليهم». يحدّون ولكن تتم السيطرة عليهم (هذه الليبرالية التي اضطر اليسار للتعامل معها في حينه).

هل قاموا في حينه بالمقارنة بين «ثكلهم» وبين «ثكلنا» باستهزاء كولنيالي؟ في كل مكان (مثلا خريجو هنوعر هعوفيد تجادلوا في الفرق بين الأم العربية والأم اليهودية).

وبشكل عام، اجهزة الاحتلال لم تعتبر في أي وقت من الاوقات الفلسطينيين أناسا متساوين. ولم يطرح أي واحد من الخبراء الحاليين في العنصرية والثكل أي ادعاء. الكولونيالية هي حوار. والسياسيون هم ميكروفونه. خادمو الاحتلال يستوعبون العنصرية والجماعات القليلة تستهلك الاعلام وتهدهد. البراغماتية الكولونيالية أنهت منذ فترة وظيفتها. في الحروب الكولونيالية باع حزب العمل روحه الامر الذي سبب الكارثة لنا. وريثة الليبرالية هي «ميرتس»، حزب حقوق الانسان، وهي تعارض في 2016 رفض الخدمة. كل شيء حدث. وهذا صحيح. لكن ما معنى اللحظة التاريخية الحالية؟ بعد أن تراجعت الى الوراء بقوة الجيش الاسرائيلي وضعف المنتفضين، ها نحن من جديد في حرب تحرير فلسطينية.

لماذا ننكر اذا؟ الأمم تحارب من اجل حريتها، في الجزائر وفيتنام وفلسطين – وتقدس الموت. ايضا في غيتو وارسو، الكليشيه «بموتهم صنعوا لنا الحياة»، نشأ مع القومية، وهذا يؤثر في مقاتلي الحرية. الفرق الوحيد بين «دم ودم» هو تقديس الموت لدى الشبان (الذين يعرفون ما وصفه الترمان في «فرحة العيون»: «يمكن أن تكون لموتنا مصداقية مرة كل ألف سنة») – تقديس مختلف عن تعامل الاعلام القومي الخاص بنا مع الموت الاسرائيلي. تخيلوا داني كوشمارو يناضل: «أنا لست مستعدا لأن أعيش أكثر تحت هذا القمع».

والآن تخيلوا الفتاة هديل الهشلمون من الخليل وهي تقول هذه الجملة بالعربية وتذهب الى الموت والتقرب من الله. هل يحتاج الشبان الفلسطينيون بالفعل «التحريض»؟ لا. لأنهم ليسوا حيوانات في الاقفاص بل هم أناس متعطشون للحرية. ليس هناك فرق بين دم ودم، ليس هناك فرق بين ثكل وثكل. على الأقل فرق واحد يجب تقديسه هنا: ابتعاد المتحدثين عن كلمة «الحرية». الموت يحيط بنا.

صحافي، شاب بدون محاكمة، يصارع على حياته في اضرابه عن الطعام أمام صمت صحافي، موت أبرياء يهود وعرب، جنازات تتم تغطيتها بشكل مرضي واسع، اعدامات بشكل لا مبالي، القليل من الرافضين، ما الغريب في أن الشبكة مليئة بالتهليل اليميني لـ»موت العرب» بلا خجل (واحيانا في اليسار ايضا) وفي الوسط. ما العمل في هذا الشأن؟ هل نحتقر. أو نشبه للحظة ميتا لا يعتبر انسانا، ولد كان يشرب الحليب الساخن في الماضي والطفلة التي كانت تركض في الشارع وتصرخ «أمي» أو «يما» بنفس الانفعال. احيانا يجب ادارة الظهر للسياسة للبقاء كبشر.

عن «هآرتس»