في خضم الأزمات السياسية التي تعصف بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تكشّفت قضية جديدة طالت المتحدث الجديد باسم المكتب، زيف أجمون، بعد صدور حكم قضائي بإيقافه عن ممارسة المحاماة؛ بسبب "إهمال جسيم وغض الطرف عن خرق أخلاقيات المهنة".
وسلّطت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الضوء على هذه القضية، وتربطها بجوّ الصراعات الداخلية والتدخلات العائلية، وبالأخص دور سارة نتنياهو، في تعييناته وإقالاته المتكررة، داخل ما بات يُعرف في أروقة الصحافة العبرية بـ"مكتب عش الدبابير".
إيقاف يثير الشبهات
أوقفت المحكمة التأديبية في نقابة المحامين المحامي زيف أجمون، المتحدث الجديد باسم نتنياهو، عن العمل لمدة 6 أشهر، بعد إدانته بارتكاب مخالفات مهنية تتعلق بالإخلال بالواجب الائتماني تجاه موكله، وسلوك لا يليق بمهنة المحاماة.
بحسب حيثيات الحكم، أُدين أجمون بتهمة سوء التصرف بأموال استئمانية في صفقة عقارية، حيث قام بتحويل مبلغ 1.7 مليون شيكل إلى أحد الأطراف، دون الحصول على موافقة الطرف الآخر، ودون إبلاغه، ووصفت المحكمة أفعاله بـ"الإهمال الجسيم"، وأشارت إلى أنه لم يرتكب "خطأً بحسن نية"، بل أظهر "وعيًا عاليًا بطبيعة الجريمة وغض الطرف عنها".
في استعراض دام 33 صفحة، رفضت المحكمة الجزئية مزاعم أجمون، ومنها ادعاؤه أنه مجرد موظف في مكتب والدته، وأنه لم يكن يعمل خلال فترة المخالفة، كما حاول إلقاء اللوم على موظف آخر أو البنك، إلا أن المحكمة قضت بعدم موثوقية أقواله وشهوده.
تعيين يثير الجدل
تزامن صدور الحكم ضد أجمون مع انضمامه إلى طاقم المتحدثين باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، خلفًا لعمر دوستري الذي أُقيل مؤخرًا، ورغم محاولة مكتب نتنياهو تفسير التعيين بالضغط الإعلامي، أشارت يديعوت أحرونوت إلى أن زوجة رئيس الوزراء، سارة نتنياهو، هي من دفعت باتجاه تعيينه، في سياق سلسلة تعيينات يغلب عليها الطابع الشخصي والولاء العائلي.
أجمون، البالغ من العمر 41 عامًا والمولود في الولايات المتحدة، لا يملك خبرة سابقة في التعامل الإعلامي، وقد خسر الانتخابات التمهيدية لحزب الليكود في تل أبيب عام 2019، وتشير الصحيفة إلى صلته العائلية برئيس ديوان نتنياهو، تساحي برافرمان، المقرب من سارة نتنياهو، ما يطرح تساؤلات حول نزاهة التعيين.
مكتب بيئته سامة
كشفت يديعوت أحرونوت في تقرير موسّع عن أجواء مشحونة داخل مكتب نتنياهو، يصفها الموظفون السابقون بـ"البيئة السامة"، بسبب التدخلات المستمرة من قبل سارة نتنياهو في شؤون التعيينات والإقالات.
ونقلت الصحيفة عن أحد الموظفين السابقين أن المكتب تحوّل إلى "عش دبابير"، بفعل التوترات والقرارات غير المؤسسية، حيث يُقدَّم الولاء الشخصي على الكفاءة المهنية.
أحد أبرز المغادرين هو المتحدث السابق عمر دوستري، الذي أعلنت الصحيفة أنه لم يستقل، بل أُقيل منذ أسابيع، وأن تعيين أجمون كان مؤشرًا على نية التخلص منه، وقد تم حذف اسم دوستري من قائمة المسافرين إلى واشنطن، في خطوة فُسّرت بأنها إنهاء فوري للعلاقة.
نفوذ سارة نتنياهو
بحسب التقرير، فإن سارة نتنياهو تملك تأثيرًا مباشرًا على مفاصل المكتب، وتقوم بتصفية الموظفين الذين لا يلبون توقعاتها، ومن بين ضحايا تدخلاتها يائير كاسباريوس، مدير المكتب السابق، الذي ظل يتقاضى راتبه لأشهر دون ممارسة أي مهام، بعد رفضها وجوده، رغم تبرئة لجنة الخدمة المدنية له.
أيضًا يوسف شيلي، المدير العام السابق، الذي نُقل إلى منصب سفير في الإمارات بعد "سخط" سارة من تعامله معها، ودروريت شتاينميتز، المُعيّنة الجديدة خلفًا لشيلي، وهي شخصية توصف بأنها وفية ومقرّبة من عائلة نتنياهو.
كما طُرحت أسماء أخرى في مسار "التدوير السياسي"، مثل برافرمان نفسه، الذي يُتداول اسمه كمرشح لتولي منصب سفير إسرائيل في لندن خلفًا لتسيبي حوتوفلي.
بحسب الصحيفة، تعتمد تعيينات نتنياهو على مبدأ الولاء على حساب الكفاءة، ما أدى إلى فراغ مؤسسي خطير، وفي المقابل، ظلت مناصب عديدة شاغرة، مثل منصب رئيس منظومة المعلومات الوطنية، منذ استقالة موشيك أفيف، وشهد المكتب استقالات لافتة، من بينها استقالة المستشار يوناتان أوريتش، بسبب فضائح لم تفصّح عنها الصحيفة.
ولتدارك التدهور الإعلامي، استعان نتنياهو مجددًا بـ توباز لوك، الذي عاد كمستشار إعلامي بعد انتقاله سابقًا للقطاع الخاص، والذي رافق نتنياهو في زيارته إلى واشنطن، برفقة عوفر جولان، الذي لا يزال ضمن الدائرة الضيقة المحيطة برئيس الوزراء.