في الوقت الذي تُقاس فيه الأزمات الاقتصادية عالميًا بمؤشرات الأسواق وأسعار العملات، تعيش غزة مشهدًا مختلفًا تمامًا، حيث يُقاس الوضع بثمن رغيف الخبز، وصرخة طفل جائع، وبكاء أم لا تملك سوى فكة مهترئة لا يقبلها أحد.
وسط حصار خانق وتداعيات حرب مستمرة، تفاقمت أزمة السيولة النقدية لتتحول من تحدٍ اقتصادي إلى معاناة يومية تطال تفاصيل حياة الناس، من القدرة على الشراء، إلى كرامة التصريف، وحتى الوصول إلى الدواء والغذاء.
التقرير التالي يرصد، من خلال شهادات حية ومعلومات موثقة، ملامح هذه الأزمة المركّبة، ويكشف كيف أُفرغت الجيوب من النقد، وأُنهكت الأسواق بفعل احتكار، وتهاوت الثقة في العملة الورقية، في ظل بنية مصرفية مشلولة، ورقابة غائبة، وأمل يتضاءل يومًا بعد يوم.
تقول منال محمد (50 عامًا: "يقضي ابني (17 عاماً) معظم يومه متنقلًا بين المحال، يبحث عن سلعة بسعرٍ معقول أو فكةٍ مقبولة، وغالبًا ما يعود خالي اليدين، أو صنف واحد؛ فإما أنّ الأسعار مرتفعة، أو أنّ العملة التي نحملها مرفوضة، أو ببساطة لا يملك البائع فكة."
وتتابع بنبرةٍ تحمل مزيجًا من الحزن والرضا:" أعيش على مبلغٍ بسيط من مؤخرِ صداق ابنتي(28عامًا) بعد طلاقها، (ألف دينار) كنت قد ادخرتُه لها كضمان لحياتها، لكنه تحوّل إلى مصدر رزق لنا في هذه الظروف الصعبة، ابنتي لم تتردد لحظة في تقديمه لي، وتقول دائمًا: 'اصرفي كما تشائين، لا تحتاجين لأحد، المهم أن نأكل ونعيش'."
وتضيف بأسى:"رغم بساطته، أصبح هذا المبلغ هو السند الوحيد لنا، خاصة بعدما خسر زوجي كل ما ادخره من عمله داخل الأراضي المحتلة، أثناء محاولته تفعيل التطبيق الإلكتروني لسحب أمواله، كانت خسارة غير متوقعة، ومنذ ذلك الحين تحمّلت المسؤولية كاملة وحدي."
وتختتم حديثها:"أبذل جهدي لإدارة حياتنا بأقل الإمكانيات الممكنة، لأوفر لأبنائي ولو لقمة عيش بسيطة، في واقع يزداد قسوة يومًا بعد يوم، وأزمات لا تنتهي."
تحت وطأة أزمة السيولة، والنزوح، وخسارة المأوى، تروي رشا توفيق (35 عامًا) تفاصيل معاناة مزدوجة عاشتها في غزة، حيث لا شيء بقي على حاله، تقول: "منذ أن دُمّر منزلنا بالكامل خلال القصف، لم نعد نملك سوى ما نحمله بأيدينا، نزحنا إلى مكانٍ مؤقت لا يشبه بيتنا في شيء، لا في الأمان ولا في الراحة، ومع كل هذا، وجدت نفسي مضطرةً لبيع ما تبقى من "ذهبي" فقط لأستطيع تلبية أبسط احتياجات أسرتي."
وتتابع بصوت تغلبَ عليه المرارة:" بدأت العمولة على السحب النقدي بنسبة 15%، ثم أخذت ترتفع تدريجيًا حتى بلغت 50%. تخيلي أن يخسر الإنسان نصف راتبه لمجرد الحصول على القليل من النقود! هذه ليست حياة، بل محاولة يائسة للبقاء."
ورغم اعتمادها على تطبيقات الدفع الإلكترونية، لم تكن هذه الوسائل ملاذًا آمنًا كما ظنت، تضيف:"التطبيق ليس حلًا دائمًا، فالاتصال بالإنترنت متقطع، والكثير من التجار يرفضون التعامل به. وإن قبلوا، يرفعون الأسعار بنسبة تصل إلى 40%، بحجة العمولة. وحتى العملات الورقية نفسها لم تعد مقبولة. فئة العشرين شيكل مثلاً، وإن كانت جديدة، تُرفض بحجج واهية."
وتكمل:" حصلت على فرصة عمل مؤقتة ضمن برنامج بطالة خلال الحرب. ظننت أنها قد تُنقذنا ولو مؤقتًا، لكنها لم تحدث فرقًا يُذكر، بعد سداد الديون ودفع العمولة، لم يتبقَّ شيء، اضطررت بعدها لبيع حاجياتي المنزلية، قطعةً تلو الأخرى، فقط لأوفر لأطفالي لقمة عيش في ظل واقع يزداد ضيقًا وقسوة يومًا بعد آخر."
وتختم رشا بعبارة تختصر الحكاية كلها: "خسرنا البيت، وخسرنا الأمان، وخسرنا حتى قيمة النقود التي نحملها... لكننا لا نزال نحاول أن نبقى".
أما آلاء أحمد (37 عامًا) تعاني أيضًا من أزمة السيولة، خاصة كونها بحاجة إلى طعام خاص لا يحتوي على البروتين، تقول: أضطر إلى سحب سيولة بعمولة، وإعطائي أموال صالحة للتداول، كان آخرها بنسبة 35%، لكن الآن أجد صعوبة في تصريف الأموال التي بحوزتي وخاصة فئة 20 شيكل.
وتوضح آلاء: "أشعر بحرج شديد مع البائعين حينما أقدم لهم فئة 20شيكل، رغم أنها جديدة، يتحججون بـ"بتمشيش" أو، معيش فكة"، وأحاول من بائع لبائع حتى أتصرف بها، مؤكدةً على صعوبة الحصول على الكاش، فأتوجه لبائعي الخضرة لشراء ما يلزمني من الخضار، وعند الدفع، يكون المبلغ مضاعف ومختلف عن سعر السوق، " بحجة" " شارية على التطبيق".
وبحسب قولها: منذ بداية الحرب وأنا اتعامل مع أحد الصرافين بدءًا من 5٪ حتى 35٪، والآن مع ارتفاع نسبة العمولة أصبحت أتعامل بكل معاملاتي عبر التطبيق، رغم أن الأمر مزعج ومرهق جدًا كون المبلغ النهائي يكون مضاعف ومختلف عن سعر السوق، بحجة حساب مبلغ العمولة، ولا يوجد كاش.
شهادات نساء كمنال، ورشا، آلاء تكشف معاناة يومية: من رفض فئات نقدية مهترئة، إلى استنزاف نصف المبالغ كعمولات، وغلاء أسعار السلع، خاصة عند الدفع عبر التطبيقات، ومع تعطل البنوك وتوقف إدخال السيولة منذ عامين، بات المواطنون رهائن في قبضة السوق السوداء، وصرافين غير خاضعين لأي رقابة.
معدة التقرير توجهت للصراف الذي تتعامل معه آلاء، لكنه اعتذر وقال": لا نتعامل بقصة السيولة" مشيرًا إلى لوحة ورقية معلقة على زجاج المحل مكتوب عليها" لا يتوفر لدينا سحب كاش، تطبيق، محفظة، صراف، سيولة بكافة أشكالها، وصرف أكواد" رغم أن ذلك كان عمله خلال فترة الحرب.
حاولت معدة التقرير الوصول مرة أخرى، إلى صرافٍ آخر، بعدما أخبرها أحد الأصدقاء بإحدى مكاتب الصرافة الذين يعملون في مجال تكييش الأموال، والدولار والدينار، مقابل نسبة عمولة، معلقًا " صعب جدًا الحديث بموضوع أزمة السيولة بهذه الأوقات خاصة مع ارتفاع نسبة العمولة والتي وصلت إلى 50%"، هذه المحاولات كشفت عن انقطاع شبه تام للسيولة مع تعليق يافطات" لا يوجد سحب كاش".
وفي ورقة بحثية أعدها ائتلاف امان أكتوبر 2024 بعنوان ""الرقابة والمساءلة على شركات الصرافة في غزة في ظل حرب الإبادة" أشارت إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يتحمل مسؤولية تقويض عمل المؤسسات المالية الفلسطينية من خلال منع دخول السيولة النقدية ومعدات الصيانة للصرافات الآلية، وتدمير مقرات البنوك، نتيجة لذلك، أصبح هناك فرع مصرفي واحد وصراف آلي واحد يعمل في قطاع غزة.
كما تأثير نقص السيولة وضعف المساءلة والرقابة الرسمية على أداء الصرافين، أدى إلى انتشار ظاهرة الصرافة العشوائية، استغل بعض التجار والصرافين الظروف الراهنة لتحقيق مكاسب غير عادلة، مثل التلاعب في أسعار صرف العملات وفرض عمولات مرتفعة على المواطنين، بالإضافة إلى ذلك، رفض التجار قبول العملات الورقية المهترئة، مما زاد من معاناة المواطنين.
وفي ظل إغلاق المعابر وتعطل البنوك منذ شهور، تفاقمت أزمة السيولة النقدية في قطاع غزة، ليصفها التاجر أحد باعة الخضار- رفض ذكر اسمه، بأنها "اختناق مالي بنسبة 98%، مؤكدًا أن التداول بات محصورًا في فئة واحدة فقط المئتين شيكل الزرقاء، بينما تُرفض باقي الفئات مثل العشرين والخمسين والمئة القديمة، حتى لو كانت سليمة.
ويؤكد "المزارعون والتجار الكبار يطلبون فقط العملة الزرقاء-200 شيكل-، ويعيدون أي ورقة فيها خربشة أو مهترئة، وحتى الدفع بالتطبيقات، الذي بدأ ينتشر أثناء الحرب، ما زال يُقابل بالرفض من كثيرين".
ويستكمل:" الأزمة ألقت بظلالها على السوق، فتراجعت حركة البيع، وتكدست البضائع، وتعقدت عمليات الشراء، متابعًا:" حتى مع غلاء الأسعار، الناس مضطرون للشراء لعدم وجود بديل، والمزارع لا يبيع إلا بورقة زرقاء، أما الدفع بالتطبيقات البنكية، فقد بدأ ينتشر تدريجيًا كبديل، لكنه ما زال مرفوضًا من شريحة كبيرة من الموردين، خاصة مع تذبذب قيمته مقارنة بالنقد".
ويحذر تاجر الخضرة من استغلال الأزمة: "بعضهم يشتري العملة الزرقاء بعمولة تصل 45%، كأنهم يتاجرون بدم الناس.
ورغم كل ذلك، يرفض تاجر الخضرة تحميل الزبائن أي فرق إضافي عند الدفع بالتطبيق، مطالبًا التجار بقبول جميع الفئات وتخفيف الأسعار، مؤكدًا أن الجميع يعاني، وأن الحل يبدأ بفتح المعابر وعودة الدورة الاقتصادية لطبيعتها.
بدوره يقول تاجر المواد التموينية -رفض ذكر اسمه- نُعاني اليوم في الأسواق من أزمة سيولة خانقة وغير مسبوقة، إذ أصبحت العملات المتداولة، لا سيّما من فئتي العشرة والعشرين شيكل، في حالة مهترئة، وهو ما تسبب برفض المواطنين التعامل بها، رغم اضطرارنا نحن كتجار إلى قبولها لضمان استمرارية دورة البيع والشراء، هذا الرفض الشعبي لتلك الفئات أضعف الحركة التجارية، وفاقم من حدة الركود في الأسواق.
ويضيف: أزمة السيولة ليست فقط في نوعية العملة، بل في انعدامها أصلًا بين أيدي المواطنين، نتيجة توقف مصادر الدخل، وغياب فرص العمل، وتأخر صرف الرواتب، بالإضافة إلى الخصومات التي فرضت على رواتب موظفي السلطة، كل ذلك ألقى بظلاله الثقيلة على القوة الشرائية، حتى بات كثير من الناس يكتفون بشراء قوت يومهم فقط، دون القدرة على تلبية أبسط احتياجاتهم الأخرى.
ويوضح أما على مستوى الأسعار، فالوضع بات كارثيًا، تكاليف الاستيراد ارتفعت بشكل جنوني، والنقل أصبح مكلفًا جدًا، فضلًا عن نسب العمولة المرتفعة التي لا نتحكم فيها كتجار، الأسعار ترتفع فور تداول أي أنباء عن إغلاق المعابر، إذ يبادر كبار التجار إلى احتكار البضائع ورفع أسعارها دون أي رقابة، مستغلين حالة الحصار والخوف من انقطاع المواد.
ويؤكد ما يزيد الطين بلة أن عددًا من كبار التجار، أو من يُهيمنون على السوق فعليًا، يرفضون التعامل بالعملات المهترئة، وهو ما يدفع باقي السوق إلى اتباع نفس السلوك، قرار فردي واحد منهم كفيل بشل حركة السوق، وتحويل العملات الصغيرة إلى عبء على المواطنين.
وينوه من ناحية الاستيراد، فإن البضائع أصبحت شحيحة، ولا تصل إلا عبر قنوات محدودة جدًا، غالبًا عبر تجار بعينهم على علاقة مباشرة بالجهات المسيطرة على المعابر، أما الغالبية منا، فتعتمد على ما يصل من مساعدات، يقوم المستفيدون ببيعها للتجار الكبار، الذين يعيدون طرحها في السوق بأسعار مرتفعة للغاية.
ويشير مع انقطاع الإنترنت مؤخرًا، ازدادت الأمور تعقيدًا، وتوقفت حركة الشراء تقريبًا، كما لم نعد نستطيع استخدام التحويلات البنكية أو "التطبيق" للدفع، بعد إغلاق المعابر، مما جعل حركة البضائع والأموال شبه مشلولة.
ويؤكد نحن جزء من هذا الشعب، ونعاني كما يعاني الجميع، نُحاول أن نوازن بين استمرار العمل التجاري، والحفاظ على الحد الأدنى من إمكانية التيسير على المواطنين. لكن الحقيقة أن الأزمة خرجت عن السيطرة. وحده فتح المعابر وعودة تدفق البضائع والسيولة كفيل بإعادة الحياة للأسواق، وإنهاء هذه الدائرة المفرغة من الركود وغلاء الأسعار.
ويتحدث المختص بالشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر عن أن "الأزمة الحالية في قطاع غزة تُعد نتيجة مباشرة للحرب، لكنها لم تبدأ معها. الجذور تعود لأكثر من عامين، حين بدأت إسرائيل في تقليص إدخال السيولة النقدية إلى القطاع، في انتهاك صريح لبروتوكول باريس الاقتصادي الموقع عام 1994، والذي ينص على التزام إسرائيل بإدخال الكميات النقدية التي تطلبها سلطة النقد الفلسطينية، وإخراج الفائض واستبدال العملات التالفة، منذ ذلك الحين، وخصوصًا خلال الحرب، تفاقمت الأزمة حتى وصلت إلى ذروتها، مع فقدان السوق لما يقارب 40% من السيولة المتداولة.
ويعرج بحديثه:" قبل الحرب، كان يدخل من السيولة النقدية ما يعادل نصف الاحتياج فقط، فعلى سبيل المثال، لو احتاج القطاع 2 مليار شيكل سنويًا، كان يُدخل فعليًا مليار فقط. ورغم ذلك، كانت السوق تتأقلم نسبيًا، أما الآن، فإغلاق البنوك، سواء بسبب الظروف الأمنية أو بشكل متعمد، فتح الباب على مصراعيه للسوق السوداء، التي باتت تتحكم في سوق النقد، وظهرت ظاهرة التكييش بنسب خيالية تصل إلى 34%.، وقد تزيد أكثر.
ويؤكد أن هذه النسبة تعني أن المواطن يفقد ما يقارب ثلث أمواله، فقط ليحصل على النقد من حسابه البنكي، وهذا انتهاك صارخ لحقوقه المالية، الأمر لا يتوقف هنا، بل يؤدي هذا إلى تآكل القيمة الحقيقية للعملة؛ فالمئة شيكل فعليًا تصبح قيمتها الشرائية 66 شيكل أو أقل، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات التضخم، وسط غياب شبه كامل للسيولة.
ويوضح أن العملات التالفة والمهترئة مثل العشرة شواكل أو الطبعات القديمة، أصبحت غير مقبولة في السوق، ليس بقرار رسمي، بل بقرارات بعض التجار المتنفذين، ما عمق حالة الفوضى النقدية، وحرم الناس من استخدام جزء من مدخراتهم، وأصبح السوق يخضع لقرارات أفراد، لا مؤسسات، ما أفقد المواطن الشعور بالاستقرار المالي.
وينوه إلى أن سلطة النقد لم تُصدر أي بيان تطميني بشأن صلاحية العملات القديمة، ولم تقدم حلولاً خلال فترات التهدئة، واكتفت بفتح البنوك بشكل صوري دون السماح بالسحب أو الإيداع، مما زاد من إحباط الناس. هذا الغياب عن المشهد فاقم من الأزمة، وترك المواطن رهينة لتجار السوق السوداء الذين باتوا يتلاعبون ليس فقط بأسعار الصرف، بل أيضًا بتحديد ما يُقبل أو لا يُقبل من عملات.
الثقة في البنوك الفلسطينية اليوم على المحك، ومن المتوقع أن يسحب المواطنون أموالهم فور انتهاء الأزمة، خوفًا من تكرار المشهد، كثيرون قد يفضلون إيداع أموالهم في بنوك خارجية أو الاحتفاظ بها نقدًا. نحن أمام زلزال اقتصادي حقيقي، وما يجري ليس فقط أزمة سيولة، بل هو شكل من أشكال الحرب الاقتصادية الممنهجة، التي تعمّقت بسبب سكوت المؤسسات الرسمية، واحتكار التجار، وتنصل الاحتلال من مسؤولياته القانونية، بحسب قوله"
وفي ذات السياق، يوضح مؤيد عفانة الخبير في قضايا الحوكمة الاقتصادية أن أزمة السيولة النقدية في قطاع غزة تُعد إحدى أخطر تداعيات الحصار والحرب، إذ يشهد السوق شُحًا حادًا في النقد المتداول، مما يعيق الحركة التجارية ويُضعف القوة الشرائية، حيث تشمل السيولة نوعين: سيولة السوق، المرتبطة بسهولة تحويل الأصول إلى نقد، وسيولة التمويل، التي تتعلق بقدرة الأفراد والمؤسسات على الوصول إلى مصادر تمويل.
وينوه عفانة أنه رغم وجود منظومة قانونية تنظم القطاع الاقتصادي في فلسطين، منها قوانين تشجيع الاستثمار رقم (1) لسنة 1998 وتعديلاته، قانون الشركات رقم (42) لسنة 2021 ، قانون الأوراق المالية رقم (12) لسنة 2004، قانون المواصفات والمقاييس رقم (6) لسنة 2000 ، قانون ضريبة القيمة المضافة الجديد لعام 2024 ، قانون سلطة النقد رقم (2) لسنة 1997، الذي يُعد المرجعية الأساسية لإدارة السياسة النقدية في فلسطين ، قرار بقانون رقم (9) لسنة 2010 بشأن المصارف، قانون الجمارك والمكوس رقم (1) لسنة 1962 وتعديلاته، قانون حماية المستهلك رقم (21) لسنة 2005، قانون المعاملات الإلكترونية رقم (15) لسنة 2017، وقرار بقانون رقم (9) لسنة 2011 بشأن الغرف التجارية والصناعية، فإن الأزمة الحالية تتطلب حلولًا عملية ومبتكرة ضمن الإطار القانوني القائم.
ويستكمل:" أما إدارة النقد في فلسطين، فتخضع لإشراف سلطة النقد الفلسطينية وفقًا لقانونها رقم (2) لسنة 1997، إضافة إلى ما ورد في قرار بقانون رقم (9) لسنة 2010 بشأن المصارف، واللذَين يشكلان المرجعية القانونية الرئيسية لتنظيم النظام المصرفي والسياسات النقدية والرقابية ذات الصلة".
ويؤكد إن معالجة أزمة السيولة في قطاع غزة، لا تقتصر فقط على التدخلات الطارئة، بل تتطلب تكاملاً ما بين السياسات النقدية والقانونية، وتحولًا استراتيجيًا نحو منظومة مالية رقمية قادرة على الصمود في وجه الأزمات، وتعزيز الشمول المالي في المجتمع الفلسطيني.
ويشير الخبير إلى حلول يمكن أن تخفف أزمة السيولة في قطاع غزة منها: التحول الرقمي وتوسيع استخدام أدوات الدفع الإلكتروني، بما في ذلك المحافظ الرقمية، ونقاط البيع، وخاصية الدفع عبر QR، تسهيل التحويلات بين الحسابات البنكية والمحافظ الإلكترونية، وتشجيع المصارف وشركات الدفع على الانتشار الجغرافي لتغطية كافة الشرائح، تعزيز الثقة بالتعاملات غير النقدية كبديل فعّال في ظل ندرة الكاش، قائلً:" إن دمج هذه الآليات في السياسات الاقتصادية من شأنها التخفيف من حدة الأزمة، وتسهيل حركة الأموال، وتقوية البنية المالية المحلية في وجه الأزمات.
واستجابة لتوصيات الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان)، وبعد متابعته الحثيثة، فتحت سلطة النقد الفلسطينية باب الشكاوى أمام المواطنين، في خطوة جاءت عقب إصدار أمان ورقة سياسات بعنوان 'الرقابة والمساءلة على شركات الصرافة في قطاع غزة في ظل حرب الإبادة'. ورغم أن هذه الاستجابة جاءت متأخرة، إلا أنها شكّلت محاولة للتخفيف من معاناة المواطنين في ظل أزمة السيولة المتفاقمة."