بقلم: أفيعاد كلاينبرغ
لا يحصل هذا دفعة واحدة. فالكنيست لم تنهض في يوم صاف ما وتعلن بأن إسرائيل دولة يهودية بلا شروط وديمقراطية بشروط، أي كما يستوي الأمر مع ما يروق للأغلبية اليهودية.
هذه مسيرة، وفي النهاية فإن الإعلان ذاته سيأتي وسيسن، ولكن بلا عجلة. حاليا يتم التقدم بخطى صغيرة، ولكن واثقة. قانون تعليق العضوية، الذي أقر، الاثنين الماضي، بالقراءة الأولى في الكنيست هو خطوة في الاتجاه ذاته. لقد جرى الحديث كثيراً عن هذا القانون، الذي يحول الكنيست من مجلس للنواب إلى نادٍ للأعضاء، من مكان تكون فيه إرادة الناخب مقدسة إلى مكان يمكن فيه للأغلبية أن تبلغ الأقلية بألا يهم ما يريد الناخب، بل ما يريد أعضاء النادي، وبالأساس ما يريده رئيس الوزراء.
بعض الأعضاء لا يروقون للأغلبية، وبالتالي يجب إيجاد السبيل لتطييرهم من النادي. لا حاجة للسير بعيداً في مطارح الديمقراطية المتطرفة (في إسرائيل الديمقراطية، بمعنى مبدأ المساواة أمام القانون، حماية منتخبي جمهور الأقلية من تعسف الأغلبية أصبح، مثل اليسار، «متطرفا»). يمكن الاستماع إلى أقوال المستشار القانوني الجديد أفيحاي مندلبليت: «توجد مصاعب مفهومة في وجود قضاء مشارك على أساس أيديولوجي، في ظل تخويل أغلبية سياسية من النواب باتخاذ قرار بوقف ولاية نائب انتخب قانونيا... ثمة في القانون ما يفتح ثغرة لتنكيل الأغلبية بالأقلية وإحباط إرادة النائب». بالفعل، بالفعل. مصاعب مفهومة. ولكن لا تسارعوا إلى التصفيق أو إلى العويل، فالاستنتاج كيفما اتفق يسير على الخط ليس مع المبدأ الديمقراطية المناسب، بل مع إرادة الحاكم المتمثل برئيس الوزراء، ولي نعمة وسيد المستشار. ففي نهاية المطاف، كما يتبين، فإن «القانون ليس غير دستوري». بمعنى، بلغة البشر، دستوري. اليد ترتفع من تلقاء ذاتها إلى الأعلى.
الائتلاف يؤيد. مسؤولون كبار في «الليكود» اعترفوا، هكذا قيل، إنهم يجدون صعوبة في الدفاع عن القانون أمام الجمهور. القلب يتفطر. يجدون صعوبة. المستشار هو الآخر يجد صعوبة («توجد مصاعب مفهومة»). صعب، ولكنهم يتغلبون. الحقيقة هي أن ثمة شكاً كبيراً في أن يؤدي هذا القانون، بشكله الحالي، بالفعل إلى إبعاد النواب العرب (الذين يقصدهم هم، وفقط هم، رغم صيغه العمومية). سيكون من الصعب حاليا تجنيد الأغلبية اللازمة. ولكن صبرا؛ لن يبعد هذا اليوم. هدف القانون ليس الوصول فوراً إلى الهدف النهائي، بل العمل عليه بالسير خطوة اخرى نحوه، فهو يرمي إلى تحطيم الحظر المسمى «إرادة الناخب» والإشارة للنواب العرب بان وجودهم في الكنيست متعلق ليس بإرادة الناخب بل بإرادة المنتخبين، بمعنى المنتخبين اليهود.
ما أن أُقر المبدأ فإن المسألة الآن هي الثمن فقط. اليوم مطلوب أغلبية كبيرة جداً لإبعاد الأعضاء العرب عن الكنيست، ولكن قريباً سنقلصها: في البداية 90، بعد ذلك 70، بعد ذلك 61، بعد ذلك أغلبية عادية، وفي النهاية سنوفر علينا جميعنا العملية المضنية هذه المتمثلة بانعقاد اللجنة وننتقل للتصويت التلقائي في صالح الأبعاد والإقصاء المسبق، أما الأسباب فستوجد. العرب ليسوا صهاينة مثلاً، أو ليسوا مشاركين في تراث إسرائيل، أو لا يؤمنون بأماني الشعب اليهودي في إعادة إقامة «الهيكل» على أنقاض الحرم. كل واحد من هذه الدوافع هو سبب ثقيل الوزن لإقصاء قائمة من النواب، هم على أي حال تعبير صعب عن الديمقراطية المتطرفة، ومنعهم من أن يُنتخبوا. في نهاية المطاف، سيعلن ويشرع بأن الشخصيات العربية العامة لا تعرف ما هو خير لنا، وبكلمات أخرى انهم لا يستوفون الشروط الأساسية المبدئية – ألا وهي أنهم ليسوا يهودا. سيكون صعبا علينا، ولكن في النهاية سنتغلب على هذا، مثلما فعل المستشار مندلبليت ومثل النائب (أنا رجل مبادئ) بنيامين زئيف بيغن، الذي صرح مؤخراً فقط بأن قانون تعليق العضوية هو «قانون إشكالي، إشكالي جدا».
حسناً، صوت، إذاً، ضده؟، لا سمح الله. صوت مع، كالعظيم. فأن تكون نائباً معناه أن تتغلب على المشاكل. بيغن الصغير تغلب. نحن سنتغلب. عندما ندخل في طريق بلا مخرج، نعرف إلى أين نصل؟ باي باي للديمقراطية.
عن «يديعوت»