شراكة في مواجهة الاحتلال

image_processing20220613-527191-7cesgm.jpg
حجم الخط

بقلم حمادة فراعنة

 

لكل إنجاز ثمن، ولكل قرار ثمن، ولكل حرية ثمن، هكذا هي الحياة، والثورات، وتاريخ الشعوب، وإنجازاتها وانتصاراتها.

ولكل مجرم عقوبة، مهما بدا متبجحاً، قوياً، شرساً، فالإجرام له نهاية، ولكل احتلال نهاية، هكذا أيضاً هي حقائق التاريخ والحياة.

شعب فلسطين، يدفع ثمن حريته واستقلاله، واستعادة كرامته وحقوقه، على كامل وطنه، بشكل تدريجي، متعدد المراحل، لن يتم ذلك، دفعة واحدة، أو بضربة قاضية، بل عبر إنجازات تراكمية تدريجية، وهزيمة المستعمرة ستتم ولكن لن يتم ذلك، بقرار، بموقف، بضربة واحدة مفاجئة، بل عبر تراجع وانحسار وهزائم تراكمية تدريجية.

 المجرمون، العنصريون، الفاشيون، أعداء الفلسطينيين، وأعداء العرب المسلمين والمسيحيين، أعداء البشرية، يظهرون، ينكشفون، يتمردون أمام العالم، ولهذا بدأ العالم وشعوبه في أوروبا وأميركا مسيرتهم التضامنية مع الشعب الفلسطيني، وضد سلوك ومظاهر وجرائم المستعمرة الإسرائيلية.

مظاهر التضامن الخارجي مفيدة، حيث تُقلص وجود ونفوذ المستعمرة، وتفهم العالم لكذب روايتها وتضليلها، واستنادها عليها لتبرير استعمارها واحتلالها لفلسطين باعتبارها "وطن  اليهود" وفلسطين لم تكن كذلك، بل كانت وطناً لشعبها، كانت ولا تزال وستبقى وطناً للفلسطينيين من المسلمين والمسيحيين واليهود، كوطن للجميع على قاعدة المساواة والعدالة، ونزع العنصرية والصهيونية واندحارها وإنهاء مشروعها بالكامل من على أرض فلسطين.

التضامن العالمي مع فلسطين مهم وضروري ومفيد، ولكن الأهم هو إجراء التغيير داخل المجتمع الإسرائيلي اليهودي، وإدراكه أن أمنه وسلامته وحضوره ومستقبله مرتبط بالفلسطيني، وليس بالمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وهذا لن يتم جراء انقلاب بالمفاهيم السائدة، من مفاهيم عنصرية صهيونية استعمارية، إلى مفاهيم ديمقراطية تقدمية إنسانية.

ثمة تقدم في هذا المجال، ليس انقلاباً ولكنه تقدم، ولو بخطوات بسيطة، ولكنها ظاهرة، وخطوات ستؤدي الهدف بالتدرج.

الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية، لهم تاريخ مجيد في هذا المجال عبر الشراكة: الفلسطينية الإسرائيلية، العربية العبرية، الإسلامية المسيحية اليهودية، وقادتها كانوا ولا زالوا في طليعة النضال المشترك ضد الصهيونية والاحتلال.

ولكن ذلك غير كاف لتحقيق الغرض، الهدف، ولهذا بدأت اتجاهات جديدة تتخذ هذا المنحى، يقف في طليعتها المحامي طلب الصانع ابن النقب رئيس الحزب العربي الديمقراطي، ورئيس لجنة المتابعة العليا لعرب النقب، فقد سجل ما يسمى "برلمان السلام" نقيضاً لبرلمان الكنيست الاسرائيلي الذي أطلق عليه "برلمان الحرب"، بسبب نفوذ وهيمنة الأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة مع الأحزاب الدينية اليهودية المتشددة.

طلب الصانع بعد عمله وانتخابه لعضوية الكنيست عدة دورات متتالية سجل فيها رقماً قياسياً بعدد سنوات عضويته، كعضو عربي فلسطيني، وصل إلى حصيلة ونتيجة بضرورة العمل المشترك مع الطرف الآخر، ولذلك بادر مع عضو الكنيست السابق أوفير بينيس الذي كان عضوا في الليكود، وعملا معاً من أجل "برلمان السلام". 

وأول فعل سياسي قاما به، توقيع عريضة من شخصيات إسرائيلية ضد إقصاء النائب العربي الفلسطيني أيمن عودة من عضوية الكنيست، ووقع عليها شخصيات سياسية هامة شغلوا مواقع متقدمة في إدارة المؤسسات الإسرائيلية ومنهم: 1- روبي ريفلين رئيس المستعمرة السابق، 2- يهود أولمرت رئيس الوزراء السابق، 3- يهود براك رئيس الحكومة السابق، و35 وزيرا سابقا، و120 عضو كنيست سابقا، وهكذا يمكن اختصار الوصف أن ما يفعله ويؤديه طلب الصانع هو العمل على “اقتحام المجتمع الإسرائيلي" والبحث عن شراكات من بين صفوفه خدمة للقضايا الحيوية المشتركة بين الفلسطينيين والاسرائيليين. 

خطوة، ليست مقطوعة عما سبقها، وتشكل خطوة إلى الأمام عما سيلحقها، وهو خيار جديد مفيد ضروري من أجل مستقبل الشعب الفلسطيني، على الطريق الطويل.