حرب غزة الممتدة لا تُختصر في مشهد الدماء والدمار، بل تحمل في طياتها سؤالاً جوهريًا يفرض نفسه على كل مبادرة سياسية: ما مصير سلاح حماس؟ فبينما تُطرح المبادرات الدولية والعربية لوقف الحرب، يظل السلاح هو العقدة التي تفكك أو تؤسس لأي تسوية قادمة.
وقد طرحت العديد من المواقف الساعية الى تفكيك الازمة الحالية منذ تولى حماس مقاليد الحكم بالقوة العسكرية في قطاع غزه وقد لعبت مصر دورا محوريا في المساعي الهادفة لفض النزاع الفلسطيني الداخلي منذ بداياته وتسعى حاليا لفض الاشتباك القائم مع إسرائيل، الا ان هذه الجهود اصطدمت دائما بالملف الشائك المثمثل في سيطرة حماس على غزة منذ عام 2007، وبالتالي فرض سلطتها على جميع المؤسسات المدنية والعسكرية داخل القطاع.
هذه السيطرة تجعل من الصعب فرض أي مبادرة لنزع السلاح دون موافقة حماس والفصائل الأخرى في قطاع غزه
الواقع الميداني في غزة هو معقد للغاية، ويتأثر بشكل كبير بالعديد من العوامل الداخلية والخارجية. مع كل تصعيد أمني، يزداد الوضع تعقيدًا، وتصبح المبادرات الدولية والمحلية أكثر تحديًا.
وقد طرحت العديد من المبادرات الدولية والمجلية سعيا لتفكيك الازمة القائمة منذ أكتوبر 2023 من هذه المبادرات المبادرة الامريكية الاوربية تركز على وقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح الأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية، لكنها تُصرّ في مراحلها التالية على بحث "نزع سلاح الفصائل" أو وضعه تحت إدارة أمنية مشتركة، وهو ما تراه واشنطن أساسًا لبناء "غزة جديدة" خالية من السلاح
كما طرحت أيضا المبادرة المصرية القطرية المشتركة والتي تتبنى هدنة طويلة الأمد، يليها تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، مع بقاء ملف السلاح مؤجلاً للتفاوض الداخلي الفلسطيني. هذا الطرح يتعامل مع السلاح كجزء من معادلة سياسية تحتاج إلى توافق، وليس كشرط مسبق لوقف الحرب
وتأتى بين ذلك المبادرات الأممية والتي تركز على البعد الإنساني وإدخال المساعدات ووقف إطلاق النار، لكنها لا تمتلك آلية عملية للتعامل مع ملف السلاح، تاركة الأمر لتفاهمات إقليمية كبرى.
وبين تلك المساعي الدولية والعربية يظهر الموقف الإسرائيلي الذي يرفض أي هدنة دائمة دون إنهاء القدرات العسكرية لحماس والجهاد، ويعتبر أن "نزع السلاح الكامل" هو الهدف النهائي للحرب وأي مبادرة لا تحقق هذا الشرط بالنسبة لإسرائيل تبقى مجرد تهدئة مؤقتة
وبين السلام والأمن القومي ظهر هذا التباين في المواقف الذي كشف أن سلاح حماس ليس ملفًا عسكريًا بحتًا، بل ورقة سياسية إقليمية. فبينما ترى القوى الكبرى أن نزعه شرط لإعادة الإعمار وبناء مؤسسات الدولة، يرى الفلسطينيون أن التخلي عنه قبل تحقيق دولة مستقلة وحدود آمنة يعني تفريغ مشروعهم الوطني من محتواه.
وعلى صعيد المعادلة الفلسطينية الصعبة يقف الشعب الفلسطيني أمام خيارين متناقضين:
القبول بوقف الحرب المشروط بنزع السلاح، وما يحمله من وعود بإعمار سريع ولكن بتكلفة سياسية باهظة.
أو التمسك بالسلاح كضمانة للكرامة والأمن القومي، مع ما يعنيه ذلك من استمرار المعاناة والحصار.