القوة العظمى الإسرائيلية لا تنجح في وقف موجة السكاكين !

1020151784353
حجم الخط

ما كان يمكن للمرء أن يتفادى وجه نتنياهو وهو يستعرض استطلاعا أجرته كلية الاعمال «فيرتون» في بنسلفانيا لتصنيف أبرز 60 دولة في العالم. 
القوة العظمى الثامنة في العالم. «هذا ما يقولونه هم، وليس أنا»، قال دي كابريو – نتنياهو وكأنه فاز بالأوسكار، ولم يتبقَ الان سوى الهرولة للاحتفال.
غير أن الواقع الاسرائيلي بعيد عن الاحتفال. فالقوة العظمى الاسرائيلية لا تنجح في وقف موجة «إرهاب» السكاكين والبلطات، ليس لأن لدى جيشها مشكلة. 
لعلم الوزراء والنواب، الذين يناكفون رئيس الاركان في كل مناسبة، فقد نال الجيش الاسرائيلي استطلاعا بعلامة عالية هي 9.7. العلامة التي كان يمكن ان يقبل بها المرء في الجامعات المعروفة في العالم. غير أن الجيش لا يحتاج ليقبل في الاكاديمية، والجيش ليس من وظيفته حل مشاكل انسانية. فعندما تنهار السلطة الفلسطينية، فان القوة العظمى الثامنة في العالم ستضطر لتتصدى لمشكلة نحو مليوني مواطن فلسطيني فقير ومحبط، سيتنافسون مع فقراء اسرائيل على سلة الخدمات الاجتماعية المقلصة. عندها سنرى وزير الرفاه يناور بين أطفال اسرائيل الفقراء واطفال فلسطين الفقراء.
«ليس مؤكدا أن الحكومة لاحظت التغيير الدراماتيكي الذي نقف أمامه». هذا التحفظ لم يضعه رئيس المعارضة، بل عضو الكابنت زئيف الكين، القلق من انهيار السلطة الفلسطينية. إذاً، هل مشكلة القوة العظمى الثانية ربما هي العلامة التي نالها الزعيم وأسقط ذكرها لغير الصدفة في خطاب الرضى خاصته؟ 2.7 ليست بالضبط علامة تدعو الى الفخار.
طريقة حكومة نتنياهو لمواجهة موجة «الارهاب» هي الخطابية الحماسية والقوانين المناهضة للديمقراطية، بدءاً بتصنيف جمعيات اليسار عبر تجميد النواب العرب وانتهاء بالاقتراح الاخير لوزير المواصلات كاتس لإبعاد عائلات «المخربين» إلى سورية أو الى غزة. 
كاتس غير قلق من حقيقة ان القانون يتعارض مع القانون الدولي او من أن الابعاد الذي يقترحه يقصد مناطق تعتبرها الامم المتحدة مناطق توجد على شفا الكارثة الانسانية. بالنسبة له، فان اهالي واخوة «المخربين» هم «مخربون». 
نتنياهو، الذي لا يمكنه أن يسمح لنفسه بان يكون اقل تطرفا من المتطرفين في حكومته، يؤيد القانون، رغم أنه – خلافا لكاتس – يعرف جيدا ما هي الاثار الناجمة عن اقرار قانون يتعارض مع القانون الدولي.
نتنياهو ووزراؤه يتجاهلون بشكل دائم تحذيرات الجيش من أن اثقال العبء على السكان الفلسطينيين لن يؤدي الا الى اشعال المنطقة. ومثلما في القصة الرائعة لسيراماغو «عن العمى» يأملون في أن نكون نسينا كيف نرى. فمثلما في الكتاب، فان الاخلاق والمشاعر التي نشعر بها لم تنشأ الا لانه توجد لنا عيون.
فمن، مثلا، يرى حاجز 300 – المعبر القائم بين القدس وبيت لحم؟ يدور الحديث عن انبوب يمر عبره كل يوم الاف العمال الفلسطينيين، من الحطابين والسقائين. 
أما السعداء الذين ينجحون في نيل بطاقة دخول لاسرائيل فيصلون الى العمل متعبي العيون بعد ليلة بلا نوم واهانة الوقوف الطويل في الحشر في اقفاص من حديد. 
ويبلغ مقاولو البناء ممن يشغلون هؤلاء العمال عن انتاجية متدنية لديهم. والنتيجة هي أننا كلنا خاسرون. فالفلسطينيون يجدون صعوبة في أن يظهروا كممتنين على الضيافة، الانبوب الامني لا يمكنه أن يضخ ما يكفي من العمال، فيتقدم البناء بكسل واسعار الشقق تواصل الارتفاع.
يمكن لحكومة اسرائيل أن تسن القوانين المناهضة للديمقراطية، ان تجمد النواب، ان تبعد عائلات «المخربين»، وان تصنف معارضيها كيساريين (حتى ليبرمان نال لقب «يساري» على لسان رئيس الوزراء)، ولكنها اذا ما واصلت سياسة «عن العمى» فلن يبعد اليوم الذي تضطر فيه الى أن تطعم وتحرص على الاحتياجات اليومية لنحو مليون فم جائع آخر، ولن يكون هذا الا على حسابنا.