بقلم: عاموس هرئيل
منذ ثلاث سنوات ونصف السنة، في صيف 2012، يشارك «حزب الله» بشكل فعال في الحرب الاهلية السورية، يدافع عن مخازن السلاح الخاصة به في الاراضي السورية، ويقوم بحماية ممتلكات حيوية لنظام الاسد.
وبشكل تدريجي انتقلت المنظمة اللبنانية الى مواقع متقدمة أكثر. في كل لحظة يوجد في سورية 5 آلاف مقاتل، وهم يشكلون ربع القوة النظامية لـ»حزب الله». في حالات كثيرة قاد مقاتلوه الهجمات ضد المتمردين. وقد دفع ثمن ذلك حيث قدر الجيش الاسرائيلي في بداية 2016 أن 1300 مقاتل من «حزب الله» قتلوا في الحرب السورية وأصيب حوالي 5 آلاف. تتساءل جهات استخبارية اسرائيلية حول تأثير الحرب السورية على «حزب الله».
الحرب الشديدة والضحايا أوجدا مشكلة تآكل للمنظمة التي تعرضت للانتقاد الشديد في الداخل بسبب ارسال الشبان الشيعة من اجل الموت في سورية، فقط لانقاذ الديكتاتور في دمشق. يمتنع «حزب الله» عن نشر عدد قتلاه وبعضهم تم دفنه في الليل من اجل التغطية الاعلامية. أمين عام المنظمة، حسن نصر الله، يضطر الى التفسير مرة تلو الاخرى بأن المعركة في سورية حيوية من اجل انقاذ العالم الاسلامي من «القاعدة» و»داعش» وغيرهما. ويجد «حزب الله» صعوبة في تقديم نفسه على أنه يدافع عن لبنان، لاسيما عندما قام انتحاريون من السنة بتفجير أنفسهم في لبنان ردا على مشاركة «حزب الله» في الحرب السورية.
إن النار السورية، حسب رئيس الاركان السابق بني غانتس، وصلت الى عباءة نصر الله. لكن التحول الذي أحدثه تدخل روسيا لصالح الاسد، يحمل في ثناياه مكاسب لـ»حزب الله». ينتمي «حزب الله»، الآن، للمعسكر المسيطر في هذه الحرب. العمل الدائم للقادة الايرانيين وكذلك ضباط روس في الآونة الاخيرة، عمل على تحسين قدرة «حزب الله» الحربية، حيث راكم تجربة ذات قيمة عالية. ففي سورية شارك «حزب الله» للمرة الاولى في الحرب الى جانب طائرات وقاذفات ودبابات وقدرة استخبارية متطورة.
صحيح أنه لا توجد للمنظمة طائرات ودبابات تخصها، لكن من جميع النواحي الاخرى فان قدرتها لا تقل عن قدرات جيش بمستوى متوسط. فهي لديها 45 ألف مقاتل منهم حوالي 21 ألفا نظاميون وأكثر من 100 ألف صاروخ منها بضعة آلاف بمدى متوسط وبعيد ومستوى دقتها في تحسن مستمر. من خطاب رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في الجمعية العامة للامم المتحدة في تشرين الاول تبين أن «حزب الله» نجح في تهريب وسائل قتالية متطورة من سورية الى لبنان تشمل صواريخ ارض – ارض دقيقة وصواريخ مضادة للطائرات من طراز اس.إي 22 وصواريخ شاطئ – بحر من طراز يخونت. إن السلاح النوعي اضافة الى التجربة التي اكتسبها في سورية منحت «حزب الله» قدرة استقلالية في مجالات حيوية مثل حرب القوات الخاصة واستخدام الطائرات بدون طيار، بما في ذلك الطائرات الهجومية. في منتصف التسعينيات وفي الوقت الذي تصاعدت فيه الحرب في الشريط الامني في جنوب لبنان، كان رئيس الاركان، امنون لبكين شاحك، هو الذي قال إنه يجب التعاون مع «حزب الله» كمنظمة حرب عصابات وليس كمنظمة «مخربين» أو خلايا «ارهابية».
على خلفية الحرب السورية يهيئ الجيش الاسرائيلي نفسه على اعتبار أن الخصم اللبناني تحول الى جيش بكل معنى الكلمة. في مقال نشر قبل عامين في مجلة الجيش «معرخوت» وضع ضابط في الاستخبارات العسكرية نوايا «حزب الله» المحتملة في الحرب القادمة ضد اسرائيل: هجوم مفاجئ على طول الحدود ستحاول فيه قوات خاصة تابعة للمنظمة السيطرة على مستوطنة أو معسكر صغير من اجل فتح المواجهة مع انجاز معنوي ستجد اسرائيل صعوبة في تجاوزه.
هذا هو المغزى الحقيقي لتهديدات نصر الله حول «احتلال الجليل»، كما قال الضابط. ومنذ ذلك الحين اتضحت الامور قليلا. اليوم يمكن القول إن المنظمة تطمح الى الحصول على قدرة للهجوم على عدة مناطق ومعسكرات على طول الحدود عند اندلاع الحرب. هذه الخطة اذا نجحت ستُمكنه من التشويش على تحرك الجيش الاسرائيلي في الحدود، وتُصعب تجنيد الاحتياط.
خط الحدود مع لبنان يمر في مناطق حرجية معقدة. الطوبوغرافيا تمنح المهاجم أفضلية المفاجأة، الامر الذي يلغي الحاجة الى حفر الانفاق الهجومية. لقد كُتب أكثر من مرة أن «حزب الله» غير معني الآن بالحرب لأن رأس نصر الله غارق في مكان آخر، في سورية. ولكن في ظل تقديرات الاستخبارات العسكرية عن انخفاض احتمالات الحرب، تم طرح تقديرات عن اندلاع الحرب نتيجة عدم وجود الاتصالات الى المستوى المتوسط.
الجيش مهيأ بشكل مماثل – مختبرات هندسية على طول الحدود تهدف الى منع دخول قوات هجومية وتعزيز الغطاء الاستخباري لنشاط «حزب الله»، وكذلك المناورات والتدريبات. في جميع الاحوال هناك حاجة الى تنسيق التوقعات بين الجيش الاسرائيلي والجمهور.
ما يسميه الضباط – كل حرب اخرى في الشمال ستتسبب بقتلى كثيرين في الجيش الاسرائيلي وأن الصواريخ التي سيطلقها «حزب الله» على مناطق الحدود تتطلب اخلاءً جزئيا للسكان وأن اصابة الصواريخ في مركز البلاد ستكون أصعب كثيرا من الحروب السابقة في لبنان وغزة – من المشكوك فيه أن المواطن العادي قد استوعب ذلك بعد. اذا اندلعت الحرب ستضطر اسرائيل الى استخدام قوة غير مسبوقة في لبنان. لن يكفي القصف الكثيف من الجو. سيحتاج الجيش الاسرائيلي الى الدخول البري من اجل تدفيع «حزب الله» الثمن.
وفي الوقت ذاته، تحت ضغط الجمهور الشديد، ستفحص الحكومة امكانية قصف البنى التحتية المدنية في لبنان في محاولة لوقف اطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية في أسرع وقت ممكن. في الشمال يوجد تحدٍ غير مسبوق للجيش الاسرائيلي – وهذا سبب آخر بالنسبة لاسرائيل للحفاظ على الوضع الراهن مع «حزب الله» وابعاد الحرب القادمة قدر الامكان.
عن «هآرتس»