الأمر المفاجئ حقاً في أعقاب نتائج الانتخابات الاخيرة هو المفاجآت، حيث إن أحداً لم يعتقد أنه ستُشكل حكومة وسط – يسار برئاسة اسحق هرتسوغ، وأنه بعد سنتين ستقف على رأسها تسيبي لفني.
لم يتوقع ذلك أي استطلاع، ولا الاستطلاعات التي نشرت قبل الانتخابات بأيام وأشارت إلى فجوة لصالح المعسكر الصهيوني. ما حدث بالفعل هو أن أياً من المعسكرين لم ينجح في تأكيد الأغلبية لنفسه، وأن حزب "كلنا" هو حقا حزب المحور، الذي يحدد أي كتلة ستشكل الحكومة، وأن نجاح "الليكود" في حملته في الايام الاخيرة لينقل اليه اصوات من اليمين المتطرف، خلق فجوة لصالحه، الأمر الذي أجبر موشيه كحلون على دعم نتنياهو من أجل تشكيل الحكومة.
"مفاجأة" أخرى كانت أن المصوتين ثابتون، وكذلك أولئك الذين يعتقدون أنهم لن يصوتوا مرة أخرى للحزب الثابت لديهم، والذين هم على استعداد للإعلان عن ذلك أمام عدسات التصوير، يميلون إلى "العودة إلى البيت" عشية الانتخابات.
في كل العالم الديمقراطي الناس يصوتون في الأساس لأن تصويتهم جزء من تحديد الهوية، على خلفية تصويت عائلاتهم ومحيطهم القريب، ونظراً لأنهم يميلون إلى عدم الاعتراف بأخطائهم، وعندما يشعرون أن شيئاً ما ليس سليماً تماماً بشأن الصوت الذي أعطوه ولمن أعطوه.
في كل ديمقراطية في العالم ترتسم خرائط للتصويت. في بريطانيا مثلاً هناك تقسيم تقليدي بين الشمال والجنوب، حيث إن الجنوب يميل نحو المحافظين والشمال نحو العمال. قبل أشهر قليلة، في استفتاء عام في اسكتلندا، كان واضحاً لحزب العمال أنه اذا كانت هناك أغلبية للانفصال عن المملكة المتحدة فسيكون ذلك حكماً ضد حزب العمال، نظراً لأن اسكتلندا هي جزء مهم في التصويت في الشمال. في بريطانيا وفي أماكن عديدة أخرى تتبع طريقة انتخابات مشابهة، هناك "مراكز مضمونة" يمكن فيها وضع مكنسة كمرشح وسيتم انتخابه.
لأن تلك المنطقة لم تنتخب في أي يوم مرشحاً آخر من الأحزاب المنافسة، وفي المقابل هناك مراكز أخرى غير مضمونة تحاول الأحزاب فيها وضع مرشحين جذابين جداً من أجل الفوز فيها. عندما يكون المرشح لرئاسة الحكومة ناجحاً بصورة خاصة سيجرف إليه المراكز غير المضمونة، لكن الصورة الشاملة هي دائماً الشمال مقابل الجنوب.
في الولايات المتحدة الصورة مشابهة جداً, هناك ولايات تصوت دائماً للجمهوريين وولايات تصوت للديمقراطيين، المرشحون للرئاسة من الحزب الآخر لا يوظفون فيها أي جهد تقريباً. هل فجأة اكتشفنا أن القدس يمينية وتل أبيب يسارية؟ هل فجأة اكتشفنا أن الجنوب يميل بصورة كبيرة إلى "الليكود" وأن الوضع في حيفا مختلف؟ إن التصويت الثابت يميز جمهور الناخبين في الدول الديمقراطية وليس في ذلك ما يشير إلى أن الحديث يدور حول "حمير" لا يغيرون مواقفهم.
النجاح في الانتخابات لإحدى الكتل يتم في الأساس عندما لا يكون مصوتو الكتلة الثانية متحمسين للذهاب إلى صندوق الاقتراع أو عندما يحدث حدث يلتهم كل الأوراق، شيء من هذا لم يحدث في 17 آذار 2015.