تبقى السلطة الفلسطينية الحلقة الأضعف في المشهد. شرعيتها السياسية والشعبية متآكلة، واستراتيجيتها استراتيجية بقاء وانتظار وسحب الذرائع، ومؤسّساتها شبه مشلولة. وإذا لم ترفض خطّة ترامب، خصوصاً مجلس الوصاية الاستعمارية وتفويض "قوة الاستقرار" بصلاحيات فرض الأمن ونزع السلاح بالقوة، من دون أفق سياسي يقود إلى إنهاء الاحتلال وتجسيد الاستقلال، وإذا قبلت (ضمنياً أو صراحة) باستبعادها من العملية السياسية الحالية في قطاع غزّة...
إذا لم تفعل ذلك، فإنها تُسهّل شطب نفسها من المعادلة لاحقاً في كل مكان. لذا عليها أن تبادر إلى استعادة الشرعية السياسية عبر توافق وطني حقيقي على هدف وطني مركزي وأشكال النضال لتحقيقه، إلى حين الانتخابات التي ينتخب الشعب فيها من يمثله. وتوسيع تمثيل وشرعية لجنة التكنوقراط بمشاركة فصائل ومجتمع مدني وشباب ونساء وشتات، ووضع مرجعية لها وللسلطة ككل، من الأفضل أن تكون الإطار القيادي المؤقّت للمنظمة.
وعليها القيام بإصلاحات جوهرية في مؤسّسات السلطة الوطنية ومنظمة التحرير (ينطبق ذلك على الفصائل)، خصوصاً مكافحة الفساد المستشري، التي تستجيب للمصالح والاحتياجات والأولويات الفلسطينية، وليس لإملاءات وشروط الآخرين.
وينبغي لها إعلان رفضٍ واضحٍ لأيّ مجلس وصاية أو قوة تسعى إلى نزع السلاح بالقوة، لأن الحقّ بمقاومة الاحتلال والدفاع عن النفس حقّ مُقدَّس. وفي المقابل، على حركة حماس أن تُظهر استعداداً فعلياً للتخلّي عن الحكم مقابل شراكة وطنية حقيقية، ومرجعية وطنية موحَّدة.
خطة ترامب محكومة بالفشل، لأنها تتجاهل جذور الصراع وأسبابه، وتتناقض مع أبسط مقوّمات الحرية والعدالة والسيادة للشعب الفلسطيني، وتعيد إنتاج الاحتلال بصيغة دولية مزخرفة. البديل الوحيد الواقعي فلسطيني يستند إلى توافق وطني ديمقراطي كفاحي، يعيد بناء النظام السياسي الفلسطيني على أسس وطنية وديمقراطية واقعية وكفاحية وشراكة حقيقية، بدل أن يُفرض عليه مجلس وصاية استعماري يقرّر بالنيابة عن الفلسطينيين مَن هو "المؤهل للحكم"، ومَن يستحقّ الحياة والدعم.
