وسط تحذيرات بعدم الاقتراب منها 

شاهد: موت مؤجل بقنابل موقوتة بين الركام والمنازل لحصد مزيد من الأرواح في غزة

شاهد: موت مؤجل بقنابل موقوتة بين الركام والمنازل لحصد مزيد من الأرواح في غزة
حجم الخط

غزّة - خاص وكالة خبر - مارلين أبو عون

تسبح غزة في بحرٍ من الركام والقنابل غير المنفجرة، رغم أنَّ الحرب وضعت أوزارها على الأرض، لكِنها لم تنتهي ولن تنتهي بكل ما حملته من وحشية ودمار بمخلفات الصواريخ والأسلحة بكافة أنواعها والتي ما زالت عالقة بين الركام وتحت الرمال وفيما تبقى من منازل للمواطنين.

عشرات الآلاف من أطنان الصواريخ غير المنفجرة وقنابل وأسلحة محرمة دولياً ما زالت تُشكل خطراً محدقاً لمليوني فلسطيني يعيشون في مخيمات النزوح بعضهم عاد لمنطقة سكناه وأزاح بعض الركام وأقام خيمته واتخذ مكانه بكل ما فيه من خطر ودمار مسكناً له، والبعض الآخر ظل في مخيمات النزوح بعد أنّ دمر الاحتلال منطقته بالكامل وأصبح عبارة عن أكوام من الركام، لا حياة ولا مقومات للحياة في تلك المناطق، عدا عن ذلك وجود مخلفات الاحتلال الجاثمة على ركام منازلهم، والتي تشكل خطراً على حياتهم وحياة أطفالهم ففضلوا البقاء في تلك المخيمات من مبدأ أنَّ الحياة في كل مكان بقطاع غزة انعدمت والعيش في خيمة بالجنوب كالعيش في خيمة بمناطق الشمال.

وزارة الصحة الفلسطينية والدفاع المدني ومؤسسات دولية طالبت المواطنين عبر منشورات وبياناتٍ توعوية بعدم الاقتراب من مخلفات الحرب والأجسام المشبوهة والصواريخ الغير متفجرة والتي تركها الاحتلال عمداً في الأماكن التي دمرها وانسحب منها ليوقع أكبر عدد ممكن من المدنيين ما بين شهداء ومصابين وكأنّه لم يكفيه ما رآه وما عاشه هؤلاء من ويلات الحرب الوحشية على مدار سنتين وهو يتنقل مكرها بين مكان وآخر، جائعاً تارة وخائفاً في كل المرات.

قنبلة واحدة من بين 71 ألف طن من مخلفات الحرب، انفجرت قبل أيام  في منزل عائلة الفيري بحي الرمال الشمالي بمدينة غزة، أودت بحياة الطفل يحيى الذي لم يتجاوز العامين من عمره. 

يحيى الذي جاء إلى الحياة في عدوان 2023 هي ذاتها نفس الأيام التي سُلبت فيها روحه الطاهرة النقية عن طريق قنبلة على شكل بطارية تركها جنود الاحتلال قبل أنّ يغادر منزل العائلة التي ظنت أنّه من الممكن أنّ تضيء عتمة ليلهم الطويل، انفجرت وشظت أشلاءهم على الجدران.

طواقم الدفاع المدني أشارت إلى حادثة عائلة الفيري وأوضحت أنّها تعاملت مع الانفجار في المنزل المكون من عدة طوابق وقد تعرّض سابقاً للاستهداف، ويتواجد بداخله مخلفات حربية إسرائيلية، موضحةً أنّه وأثناء عبث بعض الأطفال بهذه المخلفات، وقع الانفجار الذي أسفر عن استشهاد طفل وعدد من الجرحى بينهم أطفال بحالات حرجة.

كما أكدت طواقم الدفاع المدني على خطورة المخلفات المتفجرة، ودعت المواطنين إلى توخي الحذر والابتعاد عن أيّ مواد مشبوهة، والتواصل فوراً مع الجهات المختصة عند العثور عليها كما أنّه تم في الأيام السابقة رصد حالات لأطفال أصيبوا بحروق وبتر في أطرافهم نتيجة العبث في مخلفات الحرب التي كانت عبارة عن دُمى ومعلبات وحتى أسلحة، وهذا مادفع وزارة الصحة الفلسطينية والدفاع المدني لإطلاق نداءًا عاجلاً للعائلات بضرورة توعية أطفالهم بخطورة العبث بتلك المخلفات وقد كانت هناك جلسات توعوية للأمهات والأباء والأطفال في المراكز التعليمية والمخيمات بضرورة عدم لمس أي شيء مما تم ذكره سابقاً.

"لولا عناية الله لارتقينا أنا وطفلي" 

"محمد جمال" مواطن من مشروع بيت لاهيا شمال القطاع، عاد بعد الإعلان عن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار إلى بيته أو ما تبقى منه ليجد أنّ المنطقة كلها قد أصيبت بزلزال مدمر لم يترك منطقة إلا وحطت يده عليها تاركةً دمار لايوصف، يقول: "في الأيام الأولى لإعلان وقف إطلاق النار عدت مسرعاً إلى المشروع وكلي حنين لبيتي ومنطقتي، عدت مع ابني وحيدي لوحدنا نسابق الريح لكي نصل إلى هناك ونتنفس هواء مدينتنا العزيزة، وما أنّ وصلنا أنا وابني قصي البالغ من العمر 12 عاماً حتى رأينا منزلنا وقد قصمته صواريخ الاحتلال إلى نصفين تاركاً نصف بيت يمكن أنّ نعيش فيه ريثما يتم الإعلان عن إعمار غزّة، فقررت أنا وابني رفع الركام في الصالون والغرفة المتبقية من المنزل وإلقائها من فوق السور المهدم، وتنظيف المنزل تمهيداً لنقل عفشنا ومتعلقاتنا من الجنوب ونقلها إليه بعد سنتين من المعاناة والعذاب".

ويُواصل محمد حديثه لمراسلة وكالة "خبر": "على مدار يومين ونحن نقوم برفع الركام والحجارة ومخلفات الاحتلال من المنزل وأثناء ذلك صرخ ابني بصوت عالٍ كاد أنّ يقتلع قلبي من بين ضلوعي وكنت قد ظننت أنَّ حجراً ضخماً وقع عليه أو حدث له مكروه، فتوجهت إليه مسرعاً لأجده يمسك قنبلة صغيرة بين يديه وبجانب هذه القطعة صندوقاً مليئاً بالرصاص والعلب المغلقة، تلك المخلفات تركها الجيش خلفه بعدما اتخذ من بيتي ملاذاً وجعله ثكنة عسكرية ليقتل فيها أبناء شعبي ويدمر منازل جيراني، فتعاملت مع الموقف بكل ثبات لكي لا يخاف ابني ويقوم بإلقاء القنبلة بطريقة خاطئة وتنفجر به، فطلبت منه أنّ لا يتحرك ومشيت إليه بخطى حذرة وأمسكت بتلك القنبلة التي كانت موضوعة تحت الركام ووضعتها بجانب بقية الأسلحة، واتصلت بطواقم الدفاع المدني بعد أنّ غادرت المنزل لكي يتوجهوا للمنزل ويقوموا برفع تلك المخلفات خشية أنّ تنفجر".

ويختم محمد حديثه، قائلاً بكل حرقة: "لولا لطف الله لكنا أنا وابني من بين الشهداء، الجيش كان يستخدم غرفة نومي مكاناً لصيد وقتل المواطنين، يضع القنابل والرصاص في غرفتي وكأنها مخزن أسلحة، ويبدو أنّه انسحب من المكان قبل أنّ يقوم بأخذ تلك المتعلقات العسكرية معه، وقام بقصف المنزل وانشطر إلى نصفين كما انشطر قلبي منذ سنتين عندما تركته وهو واقفاً شامخاً شاهداً على ذكريات العائلة والمناسبات الجميلة التي جمعتنا سوياً في كنفه الدافى".

يُذكر أنَّ منظمة "هيومانيتي آند إنكلوجن" للإغاثة أوضحت أنَّ تطهير غزّة من الذخائر غير المنفجرة سيستغرق على الأرجح ما بين 20 إلى 30 عاماً، وأكثر من 53 شخصاً ارتقوا وأصيب المئات، بسبب مخلفات الحرب الإسرائيلية في قطاع غزّة.

المواطنون في غزّة تحدثوا عن هذا الأمر الخطير المتعلق بمخلفات الاحتلال وقنابله الموقوتة على طريقتهم، عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وكانت على النحو التالي:
 

شاهد: موت مؤجل بقنابل موقوتة بين الركام والمنازل لحصد مزيد من الأرواح في غزة
شاهد: موت مؤجل بقنابل موقوتة بين الركام والمنازل لحصد مزيد من الأرواح في غزة
شاهد: موت مؤجل بقنابل موقوتة بين الركام والمنازل لحصد مزيد من الأرواح في غزة
شاهد: موت مؤجل بقنابل موقوتة بين الركام والمنازل لحصد مزيد من الأرواح في غزة
شاهد: موت مؤجل بقنابل موقوتة بين الركام والمنازل لحصد مزيد من الأرواح في غزة
شاهد: موت مؤجل بقنابل موقوتة بين الركام والمنازل لحصد مزيد من الأرواح في غزة
شاهد: موت مؤجل بقنابل موقوتة بين الركام والمنازل لحصد مزيد من الأرواح في غزة