بعد عامين وبما يساوي اكثر من 6 اضعاف ما القي علي هيروشيما ونجازاكي من قنابل نووية خلفت اكثر من ثمانين الف شهيد وما يساوي او اكثر من 200 الف جريح واضافة الي ذلك الوجه الاخر للحرب وهي تخترق اسس الحياة والانسانية علي الارض بما لا يقدر العقل علي استيعابه من سلوك حيواني لا تربطه اي قوانين مرتبة او غير مرتبة , عملية تجويع قاتلة اضيفت الي عملية التدمير الشامل لشريط ساحلي يسمي غزة لا تتجاوز مساحته اكثر 365 كيلو متر مربع.
بعد عامين من اكتوبر يأتي اكتوبر وبفارق ثلاثة ايام عن السابع من اكتوبر اي العاشر من اكتوبر 2025 لياتي قرار بوقف اطلاق النار من سيد البيت الابيض الامريكي وهذه المرة مغلف بثوب انسساني وباحلام الريفيرا في احشاء خلايا عقله وبنظرية الامبريالية وقوة الرأس مالية يتحدي ترامب العقل البشرى وتطور المجتمعات والقوانين واللوائح الدولية ليعلن عن خطته العشرينية بوقف اطلاق النار.
استبشر اهل غزة فرحين بهذا الوقف الذي يعطيهم نوعا من اكسجين الراحة والتنفس ولو علي غبار رماد القنابل وركام الابنية وتفحم الاشجار وانهيار اسس اي شكل حضاري قام به الانسان الفلسطيني في غزة في عدة عقود حتي اصابت الة الفتك الصهيونية الامريكية عمق التراث الفلسطيني والعربي مدمرة الاثار وسرقة بعضها.
وقف اطلاق النار ربما كان ثمرة اعطت نوعا من الابتسامة وان كان الفقد كبير علي المشهد الذي تعودو عليه صباحا ومساء قد تغير وان كانت تلك الخطة التي عرضها سيد البيت الابيض لا تعدوا عن كونها ادارة الصراع والمعركة بوجه جديد وطرق اخرى.
لا افهم معني من يتحدث علي ان هناك في المجتمع الاسرائيلي بين متطرف ومعتدل ومن يريد السلام ومن لا يرغب في السلام وعندما تتحدث قوى الرأي الاسرائيلي علي انها حرب وجود وهذه الحرب في التعريف الاخر عن الحفاظ الدور الوظيفي للدولة الاسرائيلية المتفوقة القادرة المرعبة لمن حولها ومن هم ما بعد حولها وعندما يتحدث رئيس وزراء اسرائيل عن حلمه الدائم بتحقيق الشرق الاوسط الجديد الذي وضع لبناته كما يتخيل او يتصور علي اربعة جبهات واصبحت غزة هي المثل الذي يرعب به نتنياهو الاخرين بعواصمهم ومصانعهم وشوارعهم.
غزة لم تسترح كثيراً بل ما لبثت ان سمعت ازيز الطائرات والقنابل ولكن بشكل يختلف عن عامين ماضيين وهي طريقة الاستنزاف المتدرج وما خولته الادارة الامريكية والخطة الامريكية بأن من حق اسرائيل ان تدافع عن نفسها وقتما ترى ان هناك خطر يهدد امنها. غزة لم تخض حرباً بالصواريخ فقط بل بالتجويع ايضا ومازال هذا التجويع مستمراً وبما يختلف عن ما قررته الامم المتحدة ووكالات الغوث الاخري والتي قدرت ب 600 شاحنة فلا يصل لغزة اكثر من 160 شاحنة يومياً.
امريكا ارادت ان تمرر خطتها بشرعنة هذه الخطة بمجلس الامن وبقرار يحمل 2803 والتي امتنعت فيه الصين وروسيا عن التصويت ومُرر هذا القرار في مجلس الامن بما يعطي امريكا التصرف من خلال خطة ترامب في قطاع غزة برؤية غربية وكأن غزة يجب اعادة صياغة البشر فيها وليس الحجر فقط. اعادة بنيته النفسية بما يتناسب مع قبول القاتل لكي يكون انسان يدير شؤونه وكأن اهل غزة اتين من كوكب اخر يجب استيعابهم بشكل يحقق رؤية امريكا اولا اواسرائيل ثانيا وبمسميات جديدة لم تمر علي تشكيل اي دولة اخرى من خلال مجلس السلام يقوده الرئيس الامريكي ورأساء اخرين وقوة امن تحفظ الاستقرار وتنزع سلاح من يريد ان يتخلص من الاحتلال ويشعر بالحرية كالشعوب الاخرى.
هذا الواقع الذي صيغت عليه خطة الرئيس الامريكي ترامب حيث اصبحت قرار اممي ولكن في الحقيقة ان هذا القرار يتيح لامريكا ان تبدا بمفاتيح التغيير في المنطقة تبدا من غزة والجنوب اللبناني وجنوب سوريا وشمالها حيث لم تتوقف الحرب وقصف الطائرات لساعة كتابة هذا المقال في غزة وسوريا ولبنان وربما المرحلة القادمة لليمن.
هي ادارة معركة وصراع وليست ادارة لوقف اطلاق النار نحو ما يسمي شرق اوسط جديد ولكن بدون اي رأي او تفويض من الشعب الفلسطيني لتقرير مصريه بل ادارة وجوده علي هذه الارض فالشعب الفلسطيني ليس شريك فيما يخطط له في القادم والمرتبط بمتغيرات اخرى في المنطقة.
الرواية ما زال لها فصول اخرى فكثير من المتغيرات لم تحسم نتائجها للان والمقاومة لا تنتهي مادام هناك احلام بما يسمي ريفيرا علي ارض الغير وامن علي حساب الشعوب وموازين تُخل بموازين العدل في المنطقة. المنطقة قد تتغير بشكل مفاجئ ويحقق شرق اوسط جديد ولكن ليس كما يرغب ترامب او كما ترغب اسرائيل المتحللة داخليا والمنقسمة عمودياً وافقياً والمختلف سكانها ثقافياً وامام محاور اخرى تتبلور لتشكيل هذه المنطقة وتشكيل فضاء لها يختلف كثيرا عن فضاء ما يسمي دولة اسرائيل. مصر تركيا ايران هكذا المعادلة تصاغ امام رواية ترامب نتنياهو والجميع يفهم ان السابع من اكتوبر انهي دور فضاء اسرائيل في المنطقة ودورها الوظيفي وهناك من سيشغل تلك المربعات من دول المنطقة التي تتكون من اربعة دول تمتلك القدرات والخانات والطاقات العلمية مصر تركيا ايران السعودية.
