أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفداً من أركان إدارته إلى المنطقة لمتابعة ملف اتفاق غزة.
وقد وصل كل من جاريد كوشنر وستيف ويتكوف لإسرائيل والتقى كوشنر مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وقد تناول البحث حسب وسائل الإعلام الإسرائيلية الانتقال للمرحلة الثانية من خطة ترامب وتثبيت وقف إطلاق النار، وكان في صلب المباحثات قضية خروج مقاتلي «حماس» المحاصرين في أحد الأنفاق في منطقة رفح، والذين يقدر عددهم ما بين 100 - 200 عنصر من كتائب القسام الذين اعترفت «حماس» بوجودهم هناك وتقول إنها وصلت لتفاهمات بشأنهم مع الوسطاء وإن إسرائيل تخرق الاتفاق.
في حين تقول الحكومة الإسرائيلية إنهم لن يخرجوا إلا بشروط إسرائيل التي على رأسها الاستسلام وتسليم السلاح.
ويبدو أن الوسطاء الأميركيين يريدون إنهاء هذا الملف بطريقة لا تسبب خرق وقف إطلاق النار ولا تعيق الانتقال إلى المرحلة الثانية التي قوامها تشكيل لجنة إدارة غزة التي لا يزال حولها لغط كبير وعدم وضوح.
ونفس الشيء ينطبق على تشكيل القوة الدولية التي من المفروض أن يصدر بشأنها قرار من مجلس الأمن.
الإدارة الأميركية ترمي بكل ثقلها لمنع أي طرف من تعطيل الاتفاق.
ولهذا السبب هناك ضغوط تمارس على إسرائيل للسماح بخروج آمن لمقاتلي «حماس»، وقد أظهر نتنياهو بعض الغموض في تصريحاته عندما قال إن الحل سيتم وفق مصلحة إسرائيل.
كما أن واشنطن تريد الانتهاء من مسألة إنشاء القوة الدولية التي ستتسلم الأمن في القطاع بما في ذلك نزع سلاح «حماس».
ومن الواضح أن هناك تحفظات من قبل أطراف عديدة على دور وصلاحيات وتفويض هذه القوة.
التحفظ من قبل إسرائيل وأطراف عربية. فعلى سبيل المثال، قالت الإمارات العربية المتحدة إنه بسبب الغموض في طبيعة دور هذه القوة فهي لم تقرر بعد المشاركة فيها.
مع ذلك تبدو الأمور ذاهبة نحو حلول قد تمليها إدارة ترامب، خاصة بعد أن أفرجت «حماس» عن جثة الجندي الإسرائيلي المحتجزة في غزة منذ 11 عاماً، وحصل تقدم كبير في موضوع تسليم الجثث الإسرائيلية حيث لم يتبقَ سوى خمسة جثث فقط لدى الفصائل في القطاع.
التطور الآخر المهم هو زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع لواشنطن ولقائه مع الرئيس ترامب بعد أن رفعت الإدارة الأميركية اسمه من قائمة الإرهاب والمنع من السفر.
وقد ناقش الرئيس الشرع مع ترامب رفع كامل العقوبات عن سورية وإلغاء قانون «قيصر»، وقد أعلنت الخزانة الأميركية عن تعليق عقوبات «قيصر» على سورية حتى قبل انتهاء لقاء الرئيسين.
ويهتم الرئيس ترامب في ضم سورية إلى التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، وسورية وافقت على أن تكون جزءاً منه، كما يريد توسيع الاتفاقات الإبراهيمية ولكن هذه المسألة لن يتم البت فيها في لقاء ترامب والشرع، لأن سورية الآن لا تستطيع في هذه المرحلة التطبيع مع إسرائيل وفقط تريد اتفاقاً أمنياً معها تنسحب في إطاره إسرائيل من المناطق التي احتلتها بعد انهيار نظام بشار الأسد وتمتنع عن التدخل العسكري في الأراضي السورية.
وقد التقى الشرع مع رئيسة البنك الدولي التي أبدت رغبتها في دعم سورية.
وهذا مؤشر مهم على التغير الجوهري في السياسة الأميركية تجاه سورية.
الأمور على الساحة السورية أسهل بكثير من الوضع على جبهة غزة.
الاتفاق مع الرئيس الشرع تقريباً صار واضحاً وكاملاً وتم دون مشاكل.
ولكن الملف الفلسطيني أعقد بكثير ليس فقط بسبب وجود انقسام فلسطيني حول لجنة إدارة غزة وحول الكثير من التفاصيل المتعلقة باليوم التالي، بل وكذلك أيضاً بسبب تداخلات إقليمية ودولية كثيرة.
وربما تكون إسرائيل هي عقبة كبيرة في سبيل الانتقال للمرحلة الثانية بسبب احتدام الخلاف بين الحكومة والمعارضة.
وعملياً عادت الأمور إلى ما قبل السابع من أكتوبر والحرب على غزة. فالمعارضة الإسرائيلية اليوم تركز على موضوع تقديم موعد الانتخابات وإسقاط حكومة نتنياهو، وهذا يدفع الأخير لعدم الذهاب إلى المرحلة الثانية من خطة ترامب لأنها قد تؤدي إلى سقوط الحكومة وانفضاض ائتلاف اليمين العنصري، وبالتالي الذهاب لانتخابات مبكرة قد يسقط فيها حكم اليمين. وهذا سبب ربما يسعى نتنياهو للبحث عن أي شيء يمكنه ألا يدفع نحو إنهاء المرحلة الأولى وخاصة بقاء سلاح «حماس».
وفي الواقع، «حماس» تشارك إسرائيل الرغبة في عدم الانتقال للمرحلة التالية لأنها لا تريد نزع سلاحها وتحاول تقديم أوراق اعتمادها من جديد لإسرائيل بأنها ستحمي أمن المستوطنات الإسرائيلية وستمنع تكرار السابع من أكتوبر وستساهم في الاستقرار - حسب ما قاله عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق في مقابلة تليفزيونية على قناة «الجزيرة».
ولكن سيبقى السؤال: هل سيتنازل ترامب عن حلمه في تغيير وجه المنطقة لاعتبارات تخص نتنياهو أو «حماس» أو كليهما؟
بنك فلسطين يعيد فتح فرعين له في قطاع غزة
19 أكتوبر 2025
