صباح أول من أمس، بعث ايف فوكسمان، مدير عام العصبة ضد التشهير، المنظمة اليهودية الأميركية التي خطت على علمها مكافحة العنصرية، رسالة الى رئيس وزراء اسرائيل. بعد كلمات المجاملة الدارجة كتب فوكسمان: «أعتقد أن من المهم ان تعتذر للعرب الاسرائيليين وان تشدد في المناسبة ذاتها على موقفك في أن العرب في اسرائيل هم مواطنون متساوون في الدولة اليهودية».
وبالفعل، اعتذر نتنياهو. اعتذاره لم يوجه للعرب بل للآخرين، لإدارة اوباما، التي ردت بتنديد حاد على اقواله التحريضية يوم الانتخابات، الى حكومات غرب اوروبا، التي تبحث عن سبيل لمعاقبة حكومته في الساحة الدولية، والى الجالية اليهودية في الولايات المتحدة التي قسمها نتنياهو في خطواته حتى الانتخابات الى معسكرين متعاديين. فمثلما في مسألة الدولة الفلسطينية، في مسألة «عرب اسرائيل» ايضا يحاول نتنياهو اجراء تراجع سريع الى الوراء. فقد فعل التحريض فعله، ويمكن للتحريض أن يذهب؛ الى أن يحتاجه من جديد.
لمساعي نتنياهو تطهير نفسه من لوثة الانتخابات قيمة معينة: فلمحافل غير قليلة، في اسرائيل وفي الخارج على حد سواء، توجد مصلحة في مساعدته في مهمة التطهير. ايف فوكسمان مثال جيد: لو أن رئيس دولة ما في العالم كان يقول عن أقلية في دولته ما قاله نتنياهو عن الاقلية العربية في اسرائيل، لغمرته العصبة لمنع التشهير بطوفان من بيانات الشجب. وحتى أول من امس، سكت فوكسمان. ووضع السكوت منظمته في وضع حرج. أول من أمس، نشر بيانا يرحب فيه باعتذار نتنياهو.
كما أن الترحيب سيأتي من آخرين ايضا. وخلافا لشعار نفتالي بينيت في فترة الانتخابات، لا فخر كما لا عقل في رفض الاعتذار. فالاعتذار هو سلاح ناجع في الخطاب السياسي. فهو ورقة تين توفرها الازدواجية للسياسيين كي يغطوا عوراتهم. وحسن أن هكذا: فالبديل هو إدارة سياسة بالعري.
ولكن الضرر تحقق. فالهجوم الاعلامي الذي قام به نتنياهو عشية واثناء يوم الانتخابات ضمن انتصاره في صناديق الاقتراع. لا يمكن للمرء ألا يقدر قدرته في هذا المجال. والآن حان الوقت لدفع الثمن.
يمكن البدء بالضرر الاجتماعي. فالطابع الانفعالي، الديماغوجي، لخطوات نتنياهو نجح في اخراج الشيطان الطائفي من القمقم. وهذا شيطان مثير للاهتمام: فهو مريح له معظم الوقت في القمقم دون التدخل أكثر مما ينبغي في حياتنا. ومرة كل بضع سنوات، في يوم الانتخابات، يسحب الى الخارج. فدوما يبرز احد ما من اليسار، يتفوه بعبارة غير ناجحة؛ دوما يبرز احد ما من اليمين يحتفل به. وعندها تبدأ حرب الوحل بين الشرقيين الذين شعروا بالاهانة والاشكناز الذين اهينوا بقدر لا يقل. وبعد اسبوع – اسبوعين يعود البندول الى مكانه. الضرر هو في الخدوش التي يخلفها وراءه، من انتخابات الى انتخابات، من جيل الى جيل.
الضرر في العلاقات بين اليهود والعرب في اسرائيل لا يقل جسامة. وانتبهوا الى المفارقة: ليبرمان دفع نحو رفع نسبة الحسم كي يتزلف للناخبين الكارهين للعرب. وكانت النتيجة اتحادا بلا رغبة من القوائم العربية. وسمحت القائمة المشتركة لنتنياهو بالادعاء بأن العرب يتدفقون بجموعهم نحو صناديق الاقتراع ويحتلون الحكم. وكان الادعاء كاذبا، ولكنه نجح في ان ينقل ناخبين من ليبرمان وبينيت الى «الليكود». وما لاح عشية الانتخابات كارادة جماعية من الوسط العربي للانخراط في المجتمع الاسرائيلي، الارادة التي يتعين على اليهود والعرب على حد سواء الترحيب بها، تراجعت الى الوراء. فالشيطان العنصري خرج من القمقم.
الضرر الثالث يتعلق بالعلاقات بين اسرائيل والجالية اليهودية في أميركا. ومن الصعب قياس هذا الضرر بمعايير كمية. ولكنه حقيقي. يكفي قراءة ما كتبه يهود في وسائل الاعلام الأميركية في الايام الاخيرة. شيء عميق استيقظ عندهم، ليس فقط بالنسبة لاسرائيل وقيمها، بل وايضا بالنسبة لمكانتهم في الولايات المتحدة.
الضرر الرابع يتعلق بالعلاقات الخارجية. اسرائيل يمكنها أن تحتمل التنديدات اليومية من مصادر في البيت الابيض. ولكن يصعب عليها أن تحتملها عندما تتدحرج الى الامام، نحو الساحة الدبلوماسية، نحو الحكومات الاوروبية، نحو الشركات التجارية والمنظمات الدولية. لقد باع نتنياهو صدارتنا بثمن بخس.
لم يتبقَ للجمهور الاسرائيلي غير المشاركة في حزننا، الضرر ضدنا؛ والحزن علينا ايضا.
عن «يديعوت»
وبالفعل، اعتذر نتنياهو. اعتذاره لم يوجه للعرب بل للآخرين، لإدارة اوباما، التي ردت بتنديد حاد على اقواله التحريضية يوم الانتخابات، الى حكومات غرب اوروبا، التي تبحث عن سبيل لمعاقبة حكومته في الساحة الدولية، والى الجالية اليهودية في الولايات المتحدة التي قسمها نتنياهو في خطواته حتى الانتخابات الى معسكرين متعاديين. فمثلما في مسألة الدولة الفلسطينية، في مسألة «عرب اسرائيل» ايضا يحاول نتنياهو اجراء تراجع سريع الى الوراء. فقد فعل التحريض فعله، ويمكن للتحريض أن يذهب؛ الى أن يحتاجه من جديد.
لمساعي نتنياهو تطهير نفسه من لوثة الانتخابات قيمة معينة: فلمحافل غير قليلة، في اسرائيل وفي الخارج على حد سواء، توجد مصلحة في مساعدته في مهمة التطهير. ايف فوكسمان مثال جيد: لو أن رئيس دولة ما في العالم كان يقول عن أقلية في دولته ما قاله نتنياهو عن الاقلية العربية في اسرائيل، لغمرته العصبة لمنع التشهير بطوفان من بيانات الشجب. وحتى أول من امس، سكت فوكسمان. ووضع السكوت منظمته في وضع حرج. أول من أمس، نشر بيانا يرحب فيه باعتذار نتنياهو.
كما أن الترحيب سيأتي من آخرين ايضا. وخلافا لشعار نفتالي بينيت في فترة الانتخابات، لا فخر كما لا عقل في رفض الاعتذار. فالاعتذار هو سلاح ناجع في الخطاب السياسي. فهو ورقة تين توفرها الازدواجية للسياسيين كي يغطوا عوراتهم. وحسن أن هكذا: فالبديل هو إدارة سياسة بالعري.
ولكن الضرر تحقق. فالهجوم الاعلامي الذي قام به نتنياهو عشية واثناء يوم الانتخابات ضمن انتصاره في صناديق الاقتراع. لا يمكن للمرء ألا يقدر قدرته في هذا المجال. والآن حان الوقت لدفع الثمن.
يمكن البدء بالضرر الاجتماعي. فالطابع الانفعالي، الديماغوجي، لخطوات نتنياهو نجح في اخراج الشيطان الطائفي من القمقم. وهذا شيطان مثير للاهتمام: فهو مريح له معظم الوقت في القمقم دون التدخل أكثر مما ينبغي في حياتنا. ومرة كل بضع سنوات، في يوم الانتخابات، يسحب الى الخارج. فدوما يبرز احد ما من اليسار، يتفوه بعبارة غير ناجحة؛ دوما يبرز احد ما من اليمين يحتفل به. وعندها تبدأ حرب الوحل بين الشرقيين الذين شعروا بالاهانة والاشكناز الذين اهينوا بقدر لا يقل. وبعد اسبوع – اسبوعين يعود البندول الى مكانه. الضرر هو في الخدوش التي يخلفها وراءه، من انتخابات الى انتخابات، من جيل الى جيل.
الضرر في العلاقات بين اليهود والعرب في اسرائيل لا يقل جسامة. وانتبهوا الى المفارقة: ليبرمان دفع نحو رفع نسبة الحسم كي يتزلف للناخبين الكارهين للعرب. وكانت النتيجة اتحادا بلا رغبة من القوائم العربية. وسمحت القائمة المشتركة لنتنياهو بالادعاء بأن العرب يتدفقون بجموعهم نحو صناديق الاقتراع ويحتلون الحكم. وكان الادعاء كاذبا، ولكنه نجح في ان ينقل ناخبين من ليبرمان وبينيت الى «الليكود». وما لاح عشية الانتخابات كارادة جماعية من الوسط العربي للانخراط في المجتمع الاسرائيلي، الارادة التي يتعين على اليهود والعرب على حد سواء الترحيب بها، تراجعت الى الوراء. فالشيطان العنصري خرج من القمقم.
الضرر الثالث يتعلق بالعلاقات بين اسرائيل والجالية اليهودية في أميركا. ومن الصعب قياس هذا الضرر بمعايير كمية. ولكنه حقيقي. يكفي قراءة ما كتبه يهود في وسائل الاعلام الأميركية في الايام الاخيرة. شيء عميق استيقظ عندهم، ليس فقط بالنسبة لاسرائيل وقيمها، بل وايضا بالنسبة لمكانتهم في الولايات المتحدة.
الضرر الرابع يتعلق بالعلاقات الخارجية. اسرائيل يمكنها أن تحتمل التنديدات اليومية من مصادر في البيت الابيض. ولكن يصعب عليها أن تحتملها عندما تتدحرج الى الامام، نحو الساحة الدبلوماسية، نحو الحكومات الاوروبية، نحو الشركات التجارية والمنظمات الدولية. لقد باع نتنياهو صدارتنا بثمن بخس.
لم يتبقَ للجمهور الاسرائيلي غير المشاركة في حزننا، الضرر ضدنا؛ والحزن علينا ايضا.
عن «يديعوت»