بقلم: د. ليمور سمميان
درش لم يمر يوم، بل بضع ساعات، على العملية الأخيرة، حتى سمعنا بوجي هرتسوغ يقول لنا إن الانفصال وحده عن الفلسطينيين هو الذي سيوقف «الارهاب». هذه الاقوال تنضم الى تلك الاقوال الخاطئة التي تستغل مشاعر الألم من اجل بيع بضاعة قديمة وتالفة مغلفة بالأمل والتجديد. وقد حان الوقت لدحض تلك الاساطير. الاسطورة الاولى هي «ضحايا اليأس». يقولون لنا في اليسار إن «الارهاب» الذي يجتاحنا سببه اليأس في الشارع الفلسطيني. وإن الفلسطينيين يقومون بقتلنا بسبب غياب الأمل. واذا عملنا على تغيير الاجواء وبدأنا في عملية سياسية ومنحناهم شيئاً كي يكون لهم ما يخسرونه، فان «الارهاب» سيتوقف.
هذه ليست فقط أسطورة بل مضحكة ايضا. لأن موجة «الإرهاب» التي اجتاحتنا بعد اتفاقات اوسلو بررها هؤلاء الاشخاص بمفهوم «ضحايا السلام». ففي ذلك الحين اندلع «الارهاب» بسبب العملية السياسية وليس بسبب اليأس. ومثلما لم يكن بعد «اوسلو» ضحايا سلام، الآن ايضا لا يوجد ضحايا يأس أو ضحايا غياب العملية السياسية. أول من أمس واليوم هم ضحايا تقديس الموت للفلسطينيين، وضحايا رفض الاعتراف بوجود دولة اسرائيل.
سواء أكان ذلك مع أو بدون العملية السياسية. الأسطورة الثانية هي «منفذون أفراد». وسائل الاعلام وفي اعقابها الكثيرون من اليمين واليسار تبنوا بعدم تفكير مصطلح «منفذو عمليات افراد»، الامر الذي يشير الى السلوك التلقائي غير المنظم، وبالتالي لا يمكن السيطرة عليه أو منعه. لا أقصد القول إن لنا أداة مانعة لـ «الارهاب» الذي لم يحدث بعد. بل العكس، حان الوقت للكف عن البحث عن الوسيلة لدينا فقط.
يمكننا الاستمرار في استكمال وإحكام الجدار الذي يتسلل منه الافراد، لكن منع «الارهاب» من الاساس لا يوجد في الطرف الاسرائيلي بل في الطرف الفلسطيني. فتحريض أبو مازن ورجاله والمكافآت التي تُمنح لـ «الارهابيين» وعائلاتهم تزيد من «الارهاب» بدل تقليصه. هذا «ارهاب» فلسطيني منظم رضع الكراهية من تعليم استمر سنوات، ويعتبر وسيلة لتحقيق الاهداف الفلسطينية. واذا كانت هناك طريقة لمنع ذلك فهي توجد لدى السلطة الفلسطينية.
الأسطورة الثالثة هي «الدعم الدولي» لحل الصراع. يجب الاعتراف بأن «الارهاب» الفلسطيني يجد الدعم من خلال السياسة الدولية الخاطئة. بشكل تاريخي وبعد كل تدخل دولي، سواء من خلال خارطة طريق جديدة أو خطة جديدة لانهاء الصراع مع موعد انتهاء الصلاحية. في نهاية كل أمر من هذه الامور تظهر موجة «الارهاب». الضغط المستخدم بشكل غير متناظر على اسرائيل فقط يحرر الفلسطينيين من المسؤولية عن مصيرهم ويزيد من شهيتهم لاقامة دولة بدل دولة اسرائيل. مثلا رفض أبو مازن البدء في المفاوضات السياسية تم دعمه من خلال الطلب من اسرائيل تجميد الاستيطان كشرط مسبق.
وفي السياق منح الاوروبيين جائزة لوسم بضائع المستوطنات. وقد وعد كيري باعطاء غور الاردن للفلسطينيين وفرنسا أعلنت أنه إذا فشلت العملية السياسية التي ستبادر اليها فإنها ستؤيد قرارا أحادي الجانب يقضي باقامة الدولة الفلسطينية. هل هناك سبب لوقف «الارهاب»؟. لكن أمام هذه الاساطير تبقى الحقائق: «الارهاب» الفلسطيني الحالي مستمر من اجل الغاء الاسطورة التي تحولت الى واقع. أي، قيام دولة اسرائيل. وفقط عند اعتراف الفلسطينيين بوجودها، حينها فقط، سيتوقف «الارهاب».
عن «اسرائيل اليوم»