لا تزال قضية اضراب المعلمين، رغم المبادرات، والمحادثات ما بين ممثلي المعلمين والحكومة، قضية قائمة، بل وقابلة للتفاقم بعد ان شاهدنا، اشكالاً من الرؤى والتصورات ما بين صفوف المعلمين، الأمر الذي يزيد من تشعب هذه القضية، ويضر اضراراً بالغاً بالقضية التربوية. لا أريد هنا أن ادخل في قضية اضراب المعلمين وسبل حلها .. بقدر ما أشير، الى مسألة أوسع وأعم، سبق أن تلمسنا أبعادها، عبر اضراب طلبة الجامعات في العام الماضي. ما جرى خلال هذا الاضراب تجاوز حدود النضال المطلبي والنقابي، ووصل حد اغلاق ابواب الجامعات بالجنازير والاقفال من قبل الطلبة، والتطاول على العاملين في الجامعات ومنهم أساتذة!!
وغير ذلك من وسائل عنيفة عبر اضراب الطلبة، عن حالة احتقان مجتمعي شديد، ادى الى انفجار جزئي وموضوعي، ومن خلال احتكاكي بأوساط الطلبة، تفهمت منهم، بأن أقساط الجامعة، لا تتناسب مع المداخيل المالية، لرب الأسرة، خاصة اذا كان له طالبان أو اكثر في الجامعات.. وبأن الانتهاء من الدراسة الجامعية لا يعني دخول العمل، فهنالك ازمة معقدة تتعلق بالتوظيف، أكان في الوظيفة العمومية في السلطة، او المنظمات غير الحكومية، او المؤسسات الدولية، وبأن معظم الطلاب يدخلون مجال العمل بعد التخرج، كعاملين في المقاهي أو المطاعم أو العمل الزراعي، أو في مجال البناء إن توفر لهم ذلك. هنالك احتقان له مبرراته وعلينا أن ندرسه دراسة معمقة، لأن الاحتقان، وبأي مجتمع كان إن لم يعالج وتعرف ابعاده، سيؤدي إلى الانفجار.
لعله من نافلة القول، إننا كسلطة وطنية فلسطينية، نعاني من مشكلات شتى، ابرزها ما يتعلق بالشأن المجتمعي، المرتبط بالدخل القومي، نحن نعيش بحالة حصار، ومشكلات سببها الرئيس الاحتلال الاسرائيلي، الذي يضايقنا في التجارة والاستيراد والتصدير، وفي الزراعة بحرماننا من استيراد البذور وغيرها، ومن توريد منتجاتنا الزراعية، ومن المياه، وهي مياهنا!! ووصل الأمر احياناً إلى حجب أموال المقاصة وهي اموالنا!!
تعمل اسرائيل، على التضيق المالي على الفلسطينيين، وبث المزيد من الشائعات، عن الفساد في السلطة، وتضخيم الامور، لدرجة تضليل شرائح من الفلسطينيين، بأن الفساد هو سبب الازمة المالية!!
هذا امر واضح للمطلع، لكنه غير واضح لشرائح كثيرة في المجتمع الفلسطيني للأسف، وهذا ما يتوجب علينا تفهمه بعمق واتزان. ليست اسرائيل وحدها من تعمل على هذه التعمية، لتعمق حدة الاحتقان، بل ان جهات عدة تساعدها، وبعضها فلسطيني، بوعي وادراك، أو دونه.
ما يهمنا هنا، هو البحث جديا، للعمل على محورين اثنين، اولهما الشفافية والنزاهة، عبر وسائل شتى منها الاعلام والندوات واللقاءات ما بين المسؤولين والشعب، خاصة في القرى لعرض الحقائق كما هي، وعلى الصعد كافة. حرماننا من تنشيط السياحة مثلاً، وممارسة الزراعة، عبر توفير المياه، وهي لنا، وفي ارضنا وممارسة الحياة عبر التنقل الحر، والافساح في المجال، لبناء المطارات وغيرها.
الاحتلال الاسرائيلي هو سبب الداء، وهو سبب استلاب الاراضي، وحرماننا من المياه، والتضييق علينا اقتصاديا الى حد وصول مجتمعنا لأزمات متعددة منها التشغيل والعمل وانخفاض المدخول القومي الفلسطيني الذي ادى الى ما ادى اليه، من حالة احتقان والاحتلال الاسرائيلي هو الذي يتحمل مسؤولية ذلك.