مواجهة المتسللين الفلسطينيين إلى داخل إسرائيل

عمليات تسلل من قطاع غزة إلى اسرائيل
حجم الخط

بقلم: ليلاخ شوفال ودانييل سيريوتي

تمكن اثنان من «المخربين» الذين نفذوا العمليتين في يافا وبيتح تكفا، الثلاثاء الماضي، من الدخول الى اسرائيل كماكثين غير قانونيين. ومع أنهما جاءا من قريتين في منطقة قلقيلية، فلا علاقة حقيقية بين الحدثين، وبقدر ما هو معروف فهما لم يكونا يعرفان بعضهما. ليست هذه هي المرة الاولى التي ينفذ فيها ماكثون غير قانونيين عمليات في الاراضي الاسرائيلية. فظاهرة التسلل غير القانوني لاسرائيل تشغل بال جهاز الامن منذ سنوات عديدة.

ويتبين من معطيات جهاز الامن العام انه منذ بداية موجة «الارهاب» الحالية، نفذ 28 ماكثا غير قانوني عمليات داخل الخط الاخضر من اصل 254 منفذا للعمليات في اسرائيل وفي الضفة الغربية. هؤلاء الـ 28 منفذا هم جزء صغير من اصل نحو 40 الف ماكث غير قانوني يتواجدون في الاراضي الاسرائيلية كل يوم. بعضهم يعودون الى بيوتهم في كل مساء، وآخرون يبقون لايام، بل احيانا لاسابيع، بشكل غير قانوني داخل الخط الاخضر. 

    في طريقهم الى اسرائيل يمر الماكثون غير القانونيين بالطرق المعروفة بشكل عام لجهاز الأمن، تقلهم سيارات تنتظرهم في نقاط ثابتة، وفي الغالب يعملون لدى ارباب عمل ثابتين. لغالبيتهم الساحقة ممن يدخلون الى الاراضي الاسرائيلية لا توجد صلة بـ»الارهاب»، وهم بالاجمال معنيون باعالة عائلاتهم. حتى اليوم يحمل 61 الف فلسطيني تصريحا قانونيا من الادارة المدنية للعمل داخل الاراضي الاسرائيلية، ويحمل 27 الف غيرهم تصريح عمل معترفا به في المستوطنات اليهودية في «يهودا» و»السامرة». ومن اجل الحصول على تصريح عمل قانوني يحتاج العامل الفلسطيني ليرفع رب العمل الاسرائيلي طلبا لأن يعمل لديه بشكل محدد، وفقط بعد ذلك تبدأ عملية تلقي التصاريح. وأشارت اوساط جهاز الامن غير مرة اثناء موجة «الارهاب» الى أن حقيقة أن عمالا فلسطينيين يعملون في اسرائيل ويتمكنون من اعالة عائلاتهم بشرف، هي عامل لاجم لـ»الارهاب».

وينبغي الاشارة الى انه في حالتين فقط نفذ اصحاب تصاريح عمل عمليات داخل الخط الاخضر. للفلسطينيين ممن لا يحصلون على تصاريح عمل رسمية من دولة اسرائيل مصلحة كبيرة جدا في التسلل كونهم يتلقون داخل الخط الاخضر نحو 200 شيكل أجرا ليوم العمل، وهو ضعف أجر عملهم اليومي في مناطق السلطة الفلسطينية. اضافة الى ذلك، يأتي حاملو تصاريح العمل القانونية الى الحواجز في الساعات المبكرة من الليل، كي يتمكنوا من العبور واجتياز التفتيش الامني في طوابير طويلة، والوصول الى عملهم في اسرائيل في ساعات الصباح المبكرة. اما الماكثون غير القانونيين ممن يدخلون الى اسرائيل بشكل غير قانون فلا يكونون مطالبين بذلك. قبل موجة «الارهاب» الاخيرة، ورغم التصريحات الرسمية، لم تتخذ اسرائيل اجراءات تعسفية ضد الماكثين غير القانونيين.

وكان الاعتقاد في جهاز الامن بان الاقتصاد يحتاج للعمال الفلسطينيين، كون عملهم يخفف من الوضع الاقتصادي السيئ في الضفة ويساهم بشكل غير مباشر في تخفيض الرغبة لتنفيذ العمليات. ولكن كلما طالت موجة العمليات وبات المزيد من الماكثين غير القانونيين يشاركون في العمليات داخل الخط الاخضر، يفهم الناس في اسرائيل ضرورة التصدي للظاهرة التي في أعقابها يدخل اسرائيل المزيد فالمزيد من «المخربين». ضابط كبير في فرقة «يهودا» و»السامرة» قال لـ»اسرائيل الاسبوع» انه تبذل جهودا كبيرة للقبض على الفلسطينيين ممن يحاولون اجتياز الحدود لاسرائيل بشكل غير قانوني، ولكنه اعترف بان المهمة لا توجد في رأس سلم اولويات الجيش الذي يضطر لأن يواجه أيضا تهديدات «الارهاب» على المحاور في «يهودا» و»السامرة»، وكذا التهديد المباشر على المستوطنات الاسرائيلية في المنطقة.

باستثناء مناطق محددة في جدار الفصل والتي لم ينتهِ بناؤها بعد، فان معظم الجدار في الضفة الغربية قائم. ومع ذلك، تجري كل شهر تخريبات في الجدار بكلفة مئات آلاف الشواكل. وعبر هذه الثغرات ينجح الماكثون غير القانونيين بالتسلل الى داخل الاراضي الاسرائيلية. «في الاماكن التي يوجد فيها جدار، ننجح في حالات عديدة في امساك الماكثين غير القانونيين»، اشار المسؤول الكبير، «فالجدار مؤشر وهناك قصاصو أثر وجمع للمعلومات. وبالتالي فان معدلات القبض عليهم عالية. نحن نعرف مسارات تسللهم الى اسرائيل. وهم يفهمون بان عليهم ان يعملوا بشدة كي يتسللوا الى اسرائيل. وهم دوما على جدول أعمالنا، ولكن توجد تهديدات اخرى مثل تهديدات الارهاب الشعبي على الطرقات». وهو يعترف بان ما توفره قواته من حماية ليست كاملة، وأنه يستخلص الدروس من كل حدث ويطور اساليب العمل. ويقول: «ان مشكلة الماكثين غير القانونيين هي مشكلة منظوماتية عديدة الاوجه. إذ إنه توجد هنا شؤون تشريعية ينبغي أخذها بالحسبان.

بشكل نظري، يمكن اعتقال الماكث غير القانوني وتقديمه الى المحاكمة، أما عمليا فهذا أكثر تعقيدا. احيانا تطلق الشرطة سراحهم، وهذا منوط بعدد المرات التي ارتكبوا فيها المخالفة. واحيانا تفرض عليهم غرامة». واشار مصدر عسكري آخر الى أنه بعد أن يعتقلهم الجيش «لا يأتي احد لاخذهم. وليس لدينا ما نفعله في هذه الحالة. فهو مشبوه بعمل جنائي وليس بعمل تخريبي معادٍ. وهذا ليس من مهام الجيش».

وجاء من شرطة اسرائيل التعقيب بانه «كقاعدة، المسؤولية عن حدود الدولة هي بيد الجيش، بما في ذلك اتخاذ أعمال في المعابر وعلى طول الجدار لمنع دخول المتسللين الى نطاقها. كما أننا نتشدد في تنفيذ القانون بما في ذلك المخالفات المرافقة مثل المبيت، التشغيل والتسفير للمتسللين بشكل غير قانوني. وفي اليوم الاخير اعتقلت الشرطة اكثر من 250 متسللا، 12 مساعدا و15 رب عمل. وفي كل سنة ترفع آلاف لوائح الاتهام بهذا الشأن من الادعاء العام الشرطي».

معالجة أرباب العمل الإسرائيليين في دولة اسرائيل يفهمون بان احد السبل الاكثر نجاعة لمواجهة ظاهرة الماكثين غير القانونيين هو معالجة أرباب عملهم الاسرائيليين. ويعمل وزير الامن الداخلي، جلعاد اردان، على تشريع يتشدد في معاقبة ارباب العمل ومبيتي المتسللين. وحسب مشروع القانون الذي اجيز بالقراءة الاولى، فانه حتى رب العمل غير المباشر يكون عرضة للمحاكمة والغرامات، والشرطة ستحصل على الصلاحيات الادارية لاغلاق عمل تجاري أو موقع بناء لثلاثين يوما اذا امسك فيه متسللون.

ويمكن للمحكمة أن تغلق اعمالا تجارية وتسحب تراخيص ممن يشغلون ويبيتون المتسللين. ألف طريق للتهريب مشاركة المتسللين في موجة «الارهاب» تجعل الامور صعبة ليس فقط على «قوات الامن» بل وعلى الفلسطينيين أنفسهم، ولاسيما ممن يحملون تراخيص عمل في اسرائيل. «معظمنا يسعى اساسا لنيل الرزق بشرف، وهو شبه متعذر في مناطق السلطة الفلسطينية»، قال هذا الاسبوع عبد الله، متزوج واب لاربعة اطفال، ماكث غير قانوني من سكان مخيم جنين للاجئين، يبيع الكعك والخبز مع الزعتر للمارة في حاجز غلبوع شمال الضفة الغربية قرب مجدو. «أنا هنا كل يوم من 5 صباحا وحتى 5 مساء. واذا كسبت مئة شيكل في الـ 12 ساعة، اقول الحمد لله. حتى قبل بضعة اشهر، قبل بدء العمليات، كان الجنود يسمحون لنا بالعبور من الطرف الآخر من الحاجز وبيع الطعام والشراب للاسرائيليين ايضا، وعندها كان الكسب اكبر. ولكن منذ أن بدأت العمليات فان من يحاول ان يجتاز الحاجز، يعرض حياته للخطر.

انا لا ابيع الا للعمال الفلسطينيين الذين يجتازون الحاجز، وهم ايضا يعدون كل شيكل ينفقونه». محمد، ماكث غير قانوني، يعمل في الحقول الزراعية في منطقة طمرة وشفاعمرو في الجليل الغربي، يدعي بان محاولة اعتقال المتسللين من المناطق الفلسطينية الى الخط الاخضر هي مهمة شبه متعذرة: «فمن يحتاج ليجلب الطعام والرزق الى بيته سيفعل كل شيء. اعرف فلسطينيين واسرائيليين يجدون في كل مرة طرقا ابداعية للتسلل الى مناطق الخط الاخضر وتهريب العمال الفلسطينيين الى داخل اسرائيل. هناك من يحشرون في حجرات خفية بنيت بشكل خاص في السيارات، وهناك من يدفعون لمن يأخذهم الى نقاط في خط التماس يمكن من خلالها التسلل الى داخل اسرائيل.

كما أن الثمن لقاء تهريب العمال الى اسرائيل ارتفع في الاشهر الاخيرة. ويدعي محمد بان المهربين يطلبون ثمنا مضاعفا عما كان من قبل. «اذا كان كل عامل بلا تصريح يدفع قبل سنة 200 – 300 شيكل لقاء التسلل فان الثمن يبلغ اليوم بين 600 و700 شيكل للمسافر. ومن يتسلل الى اسرائيل من خلال المهربين، ممن يأخذونهم سيرا على الاقدام عبر ثغرات في الحدود، يدفعون اقل بقليل، ولكن هذا لا يزال يصل الى مئات الشواكل للشخص، ولهذا فان معظم المتسللين يفضلون عدم العودة على الاطلاق الى الضفة الغربية والبقاء للمبيت في الاراضي الزراعية، في مواقع البناء، في المطاعم، وفي اماكن العمل التي تشغلهم».

عن «إسرائيل اليوم»