غالباً ما نتعرض بالبحث والمتابعة في الشؤون الزراعية بمكوناتها كافة من باب رفع العتب سواء على المستوى الرسمي وعلى مستوى حديث فض المجالس على المستوى الشعبي، أكاد أجزم أنني شخصياً سمعت مئات المرات تكراراً أن طوباس والأغوار سلة غذاء فلسطين، وحديثاً آخر يتحدث عن عوامل الصمود في الأغوار وعلى رأسها الأرض والزراعة، فعليا كل هذه الهتافات لم تصنع فرقا يذكر على ارض الواقع، وهذا لا يقلل بالمطلق من أهمية المبادرات الزراعية في طوباس والأغوار والتوسع في الاستثمار الزراعي في تلك المناطق، إلا ان هذا لم يبلور دورا حكوميا داعما ومنافحا عن هذا القطاع الزراعي والمنتجات الزراعية وتسويقها ورفع الإنتاجية وفتح أسواق جديدة للتصدير، ولم يبلور قناعة شعبية أن هناك إنتاجاً زراعياً فلسطينياً، حيث تزعزعت تلك الثقة بسبب التجار وإصرارهم على الادعاء بأننا لا نملك منتجا زراعية فلسطينيا!!!!!!!!!!!!
لم يعد مجدياً أن ندق ناقوس الخطر في القطاع الزراعي، ولم يعد مجدياً القول والتحذير أننا أمام الفرصة الأخيرة، ولم يعد مجدياً أن نكرر ما هو ثابت حتى لا نصل لنفي الثابت، لأن المناخ العام غير مبشر أن شيئاً ما سيحدث على الأرض يقود إلى خير للمزارع والزراعة بشكل عام وحماية الأرض.
أولاً: خسائر كبيرة في قطاع البيض ومزارع الدواجن البياض نتيجة لفائض الإنتاج عن حاجة السوق الفلسطيني والاستهلاك، وعدم القدرة على التصدير، وفي ذات الوقت تهريب بيض من السوق الإسرائيلي خطير على صحة المستهلك، ولا علاج ولا حلول، وتراكم المديونية لتلك المزارع لمصانع الأعلاف والرغبة الجامحة للخروج من القطاع برمته بسبب الخسائر وعدم توفر إمكانية النهوض.
ثانياً: في أوج المواسم الزراعية الفلسطينية تخترقنا المحاصيل الإسرائيلية والاستيطانية وتغرق سوقنا ضاربة قطاعنا الزراعي دون أي ضمانات لحماية مؤقتة أو طويلة الأمد، مثل موسم البطيخ والبطاطا والعنب اللابذري والجزر.
ثالثا: عدم اتخاذ اي خطوة باتجاه تعويض المزارعين عن خسائرهم جراء المنخفضات الجوية والصقيع والحر من قبل صندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية وبقاؤه يافطة دون صناعة فرق في هذا البند.
ثالثا: عدم تناسب الارتفاعات المبالغ بها في أسعار اللحوم الحمراء والمواشي والدواجن وبعض أصناف الخضار أو جلها مع ما يحصله المزارع من ارض المزرعة مالياً فيكون نصيب التاجر للمنتجات الزراعية أكبر بكثير من المزارع.
باختصار، هناك رغبة كامنة لدى العديد من المزارعين بترك هذا القطاع بعد أن باتوا لا يتحملون حجم الخسائر المتراكمة، الا أن ما يردهم أحياناً حجم الاستثمارات في الزراعة التي ستذهب هباء منثوراً.
خلاصة القول إن وزارة الزراعة مسؤولة مسؤولية مباشرة عن حال القطاع الزراعي من البذرة حتى مرحلة التسويق وإيجاد أسواق جديدة في العالم، وحماية مؤقتة للمحاصيل التي تعتبر منافسة للمحاصيل الإسرائيلية وعدم التهاون في إجبار التجار على الالتزام بالمنتجات الفلسطينية، لأن أحداً في الأسواق المركزية للخضار والفواكه ليس فوق القانون والمساءلة والمحاسبة.
فصل المقال، يجب ان تصدر وزارة الزراعة (الرزنامة الزراعية) التي تحدد المواسم والفترة الزمنية للقطاف والتسويق واعتمادها للتعاطي مع الأسواق العربية والإسلامية وتهيئة التجار أن هذا الموسم ممنوع استيراد اي محصول منافس بشكل غير عادل يضرب المحاصيل الزراعية الفلسطينية، وهذا ليس عملاً تطوعياً او خيارياً، بل هو في صميم صلاحيات واختصاص وزارة الزراعة من خلال الرقابة الزراعية ومن خلال التسويق الزراعي ومن خلال الإرشاد الزراعي.
بعد ذلك كله نستطيع القول إننا حقا نقول من صميم قلبنا صادقين مخلصين " طوباس والأغوار سلة غذاء فلسطين".