بعد تنصيبه أميناً عاماً .. مواقف أبو الغيط "المأخوذ عليها " هل ستقلب مسار القضية الفلسطينية؟

1531772_10207229114579389_5908144875265861624_n
حجم الخط

جدلاً واسعاً ومثيراً سببه  نبأ اختيار وزير الخارجية المصري السابق أحمد أبو الغيط لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية خلفاً لنبيل العربي الذي تنتهي ولايته في نهاية يونيو/حزيران المقبل.

تعيين أبو الغيظ فرض تساؤلاً لدى المتابعين، عن سبب اختيار " المصري" السابع ، في المقابل تولى تونسي واحد، لأمانة الجامعة، في هذا السياق قال عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني وليد العوض، أن هذه اجراءات روتينية  ومتعارف عليها في جامعة الدول العربية، أن يكون كل الأمناء الذين يتم تعينهم مصريين الجنسية، ولهذا رشحت مصر الدبلوماسي العريق أحمد أبو الغيظ لرئاسة الجامعة، على حد وصفه.

كما أوضح " د. رياض العيلة" الكاتب والمحلل السياسي، أنه قد جرت العادة وأصبح ميثاقاً وان كان غير مكتوباً، أن يتم تعيين الأمين العام وفق مقر الجامعة العربية، وهي في القاهرة الآن لهذا فإنه يتم اختيار الأمناء مصريين الجنسية، وحينما نُقل مقرها إلى تونس مؤقتاً تم تعيين " الشاذلي القليبي " أميناً لها.

مواقف " ابو الغيظ" المأخوذ عليها، هل ستقلب مسار القضية الفلسطينية؟

وفي اطار النظرة السلبية العامة التي أخذها الكثيرون على شخص " أبو الغيظ" ، أشار " العوض" إلى أن "ابو الغيظ" كان يشغل منصب وزير خارجية مصرية، ولا يجب أن ننسى أن مصر لها مواقف هامة وايجابية في القضية الفلسطينية مؤكداً على أنه لا يأخذ على ابو الغيظ أية مواقف يُنظرها لها بالسلبية.

ولفت إلى أن "الشعب " يتعامل مع موقع يختلف تماماً عن موقع وزير الخارجية، والتعامل سيكون من منطلق منصبه الجديد هو أمين عام الدول العربية.

وأضاف : عندما يحتل أبو الغيظ أمانة الجامعة، فإنه لا يحاسب على مواقفه الشخصية السابقة، إنما يتم النظر إلى مواقف الجامعة العربية والتي تخضع لقرارات بالإجماع العربي، لافتاً إلى أن الوضع العربي لا يطمأن بأن يكون هناك قرارات عربية إيجابية بشأن القضية الفلسطينية.

واتفق "العيلة" مع "العوض" في أن الامين العام لجامعة الدول العربية ليس هو صاحب القرار بل هو منفذ لما تتفق عليه الدول العربية ، مشيراً إلى أنه حينما شغل منصب وزير للخارجية كانت مواقفه تمثل السياسية المصرية، لكنه الان يمثل رؤية جميع الدول، وفق برنامج تضعه الدول العربية.

القضية الفلسطينية .. إلى أين ؟

وفي اطار تخوفات العديد من تأثير أبو" الغيظ" من خلال مواقفه الشخصية المأخوذ عليها  في مسار القضية الفلسطينية، استبعد " العيلة" ذلك ، موضحاً أنه لا يستطيع ذلك أنه منفذ السياسات العربية المتفق عليها تجاه القضية بغض النظر عن ان كان مع أو ضد، فهو ينفذ ما تقره الدول الأعضاء الـ (22) في مجلس جامعة الدول العربية .

والتقى  الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني" مع " العوض" و"العيلة " في أن هذا عرف دبلوماسي غير مرتبط بتوجهات الشخص بقدر ما هو مرتبط بتوجهات المؤسسة، فأحمد ابو الغيط وزير خارجية مصر ليس أبو الغيط امين عام جامعة الدول العربية، و سيكون لسياسات واستراتيجيات وخطط الجامعة أثر كبير على مساره وعمله، والقضية الفلسطينية قضية مركزية لا احد يستطيع تجاوزها والكل حريص على تبنيها ودعمها.

أما " الكاتب والمحلل السياسي د. محمود العجرمي" فقد استذكر مواقف  أبو الغيط  السابقة حين هدد بكسر ساق كل فلسطيني يتجاوز حدود "سايكس بيكو" للشقيقة مصر بعد أن اخترق ابناء القطاع المحاصر حدود الاستعمار البريطاني بحثاً عن رغيف خبز وحبة دواء لدى إخوانهم في العريش الذين استقبلوهم بكل التضامن والتكافل .

وعبر العجرمي، عن سخطه تجاه شخص أبو الغيظ، مستبعداً أن ينسى أحداً حين خلع الشعب المصري الرئيس حسني مبارك، تصريح الرئيس السابع لإسرائيل "عيزر وايزمن " حين قال : " لقد فقدنا ذخرنا الاستراتيجي".

وأوضح " العيلة " أن  الجامعة العربية موقفها مؤيد للقضية الفلسطينية وتعمل من أجل حلها، بالتالي فإن الغيظ لن يستطيع أن يعارض موقف تلك الدول ومواقفه السابقة مرتبطة بالسياسة العامة لدولته، أما الآن فإنه ستمثل الدول العربية .

هل يكون " أبو الغيظ" سبباً في تفكك الجامعة العربية

ورأى محللون عرب كثيرون، أن تعيين أبو الغيظ سيؤدى إلى خلق انشقاقات داخل أروقة الجامعة العربية ، في هذا الاطار، يعتقد " العيلة " أن هناك تحالفات موجودة في الاساس داخل الجامعة العربية ، موضحاً أن العلاقات المصرية القطرية متوترة، والرفض القطري كما أوضح الوزير القطري أن الاعتراض لم يكن على شخص "ابو الغيظ" إنما نابع من حاجة قطر للمزيد من الوقت للتوافق على مرشح.

وحول التصريح الأول لأحمد أبو الغيظ بعد اختياره للمنصب، عبّر عن أن توليه للأمانة جاء في وضع عربي صعب ومتأزم، فسّره البعض أنه استباقية وتبرير لأي فشل قادم، فيما استبعد الكاتب والمحلل السياسي د. رياض العيلة، علاقته بتبرير الفشل، موضحاً أن كل مَن يتسلم منصب جديد دائماً يأمل بأن تكون مسيرته جيدة في حل القضايا العربية العالقة.

ويرى " العوض"  أن موقع الجامعة العربية مهماً خاصة بالاستناد إلى دبلوماسية ابو الغيظ، الذي يمكن أن يكون فاعلاً في الوسط العربي والفلسطيني، مضيفاً أن واقع الدول العربية بشكل عام والجمهورية المصرية بشكل خاص واقع صعب.

فيما رأى " الدجني" ، أن لا أحد يُنكر حالة التعقيد التي يعيشها النظام الاقليمي العربي، والجامعة العربية هي المؤسسة التي تعبر عن هذا النظام، موضحاً أن ما تحدث به السيد احمد ابو الغيط هو تعبير حول حجم الأزمة والتحديات، وكل المؤشرات تذهب باتجاه تآكل دور الجامعة العربية من خلال حالة الانقسام والتشرذم الواقعة  في الاقليم وحتى على صعيد البنية المؤسسية للجامعة، وأن ما عبر عنه ابو الغيط مستوحى من هذه البيئة التي لا تحمل معها مؤشرات نجاح.

اسرائيل في بيت " كل عربي"

منذ أن أُعُلن تنصيب " أبو الغيظ" أميناً، بدأ كثيرون بـ " النبش " بتاريخه السياسي، ومواقفه السابقة، وتناقل صوره، وخاصة تلك التي تجمعه مع الوزيرة الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، اعتقاداً منهم أن أبو الغيظ يُعتبر قريب وجداً من اسرائيل على حساب القضية الفلسطينية، على حد وصف الكثير من النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، مما جعل الكثير يبالغ في وصفه وتوقعاته بأن " اسرائيل " بعد تعيين أبو الغيظ، ستكون في كل بيت عربي.

في هذا الاطار، رأى" العيلة" أن اسرائيل في كل بيت عربي من قبل أن يُعين ابو الغيظ أميناً، قائلاً : "لا ننسى المؤتمرات التي تشارك بها اسرائيل في الدول العربية وخاصة دول الخليج وهناك سفارات ومكاتب اسرائيلية حتى في قطر."

بالنظر لهذا الوضع الصعب فإن " العوض" لا يتوقع أن يكون هناك مردود ايجابي كبير للقضية الفلسطينية خاصة وأن الجامعة ستعكس الحالة المزرية التي تعيشها الدول العربية من تشتت وانقسام، على حد تعبيره .

ولفت " العوض" إلى أنه اكثر ما يمكن ان نحصل عليه –كفلسطينيين- من هذا التغيير بقاء القضية الفلسطينية  حية في اروقة الجامعة العربية، وعدم تراجع القضية الفلسطينية ، خاصة في ظل الانشغال العربي في الصراعات الداخلية التي تشهدها في الوقت الراهن.

وأضاف العجرمي : " لا أتخيل أيضاً أن كل فلسطيني أو عربي أو مسلم أو حر وانسان على وجه الأرض سينسى أن تسيبي ليفني أعلنت عدوانها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يوم 27/12 عام 2008 من قلب عاصمة العرب القاهرة والى جوارها أحمد أبو الغيط الذي كان وزيراً لخارجية المصرية .

و لفت" العيلة" إلى أن أبو الغيظ لا يستطيع فتح الباب على مصراعيه لإسرائيل إلا إذا الدول العربية من فتحته بنفسها.

واعتقد " الدجني" أنه لا شك بأن اسرائيل تسير بخطى ثابتة وواثقة نحو الاندماج في النظام الاقليمي العربي، وصولاً لمرحلة التتويج والاعلان عن الشرق الاوسط الجديد الذي يكون لإسرائيل كلمة الفصل فيه، فالدبلوماسية الإسرائيلية

 تسخّر كل ادواتها الجزرة والعصا، وتوظف شبكة علاقاتها الدولية وتحديداً الادارة الامريكية والماسونية العالمية في سبيل تحقيق ذلك.

يشار إلى أن منصب الأمين العام للجامعة العربية سبب مشكلاتٍ بين مصر وبقية الدول العربية، ذلك لأن القاهرة  تصّر على أن يكون الأمين العام من دولة المقر بينما ترغب عدة دول أخرى في أن يكون المنصب متاحا أمام بقية المرشحين.

وأثيرت آخر أزمة حول المنصب في عام 2011 عندما اضطرت مصر لترشيح نبيل العربي وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة التي أعقبت تنحي نظام مبارك.

وفي بادئ الأمر، رشحت مصر مصطفى الفقي لشغل المنصب، لكن لم يحدث توافق عليه فاضطرت إلى ترشيح العربي الذي شغل المنصب بعدما سحبت قطر ترشيح عبد الرحمن العطية.

وشغل التونسي الشاذلي القليبي منصب الأمين العام للجامعة خلال فترة نقل المقر إلى تونس بعد توقيع مصر معاهدة السلام مع إسرائيل في عام 1979 وحتى عودة المقر إلى القاهرة في عام 1990.